الحياة: روسيا تسعى إلى «تغيير قواعد اللعبة» في أفغانستان … بمحاولة إغلاق قاعدة جوية أميركية في آسيا الوسطى

روسيا تسعى إلى «تغيير قواعد اللعبة» في أفغانستان … بمحاولة إغلاق قاعدة جوية أميركية في آسيا الوسطى


موسكو، واشنطن – رائد جبر     الحياة     – 06/02/09//



 

ظهرت بوادر صراع روسي – أميركي جديد على النفوذ في منطقة آسيا الوسطى حيث تحاول موسكو اقناع قيرغيزستان بإغلاق قاعدة «ماناس» الجوية التي تستخدمها القوات الأميركية ممراً رئيسياً لنقل إمدادات الى أفغانستان.
وإدراكاً منهم لأهمية الحسم في الملف الأفغاني باعتباره ركناً اساسياً في سياسة ادارة الرئيس الأميركي الجديد باراك اوباما، عرض الروس تقديم «تسهيلات بديلة» للقوات الأميركية العاملة في أفغانستان، في محاولة روسية لـ «تغيير قواعد اللعبة».
وفي وقت بدا ان الوعود الروسية بتقديم مساعدات بقيمة بليوني دولار الى قيرغيزستان تكاد تنجح في اقناعها بإغلاق القاعدة، سارعت واشنطن الى التدخل في اللحظات الأخيرة لتأجيل جلسة للبرلمان القيرغيزي للبت في أمر إغلاق القاعدة، متهمة روسيا بالسعي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
يأتي ذلك غداة نجاح الروس في إعادة صوغ تحالفاتهم في «الفضاء السوفياتي» السابق، واغداقهم الوعود على جمهورياته بمساعدتها في تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، وابرامهم اتفاقات مع هذه الجمهوريات تعزز التعاون العسكري الإقليمي.
وأعلن الناطق باسم الخارجية الأميركية روبرت وود أن بلاده تواصل مشاوراتها مع القيرغيزيين في شأن مصير القاعدة. ونقلت وكالة أنباء «انترفاكس» الروسية عنه أن واشنطن قد تفتح حواراً مع موسكو حول «ماناس».
وأدرك الأميركيون ان تدخلاً روسياً قوياً يكمن وراء قرار إغلاق القاعدة خصوصاً أن القرار أعلن من موسكو وتزامن مع تقديم قرض لقيرغيزستان بقيمة بليوني دولار، أضافة إلى منحة مالية غير مستردة قيمتها 150 مليون دولار، وهو المبلغ ذاته الذي كانت واشنطن تدفعه كمساعدات لبشكيك، يذهب منها نحو 62 مليون دولار كبدل ايجار للقاعدة العسكرية.
ولا شك في أن إغلاق هذه القاعدة سيشكل انتصاراً سياسياً لموسكو يؤكد إعادة إحياء دورها في الفضاء السوفياتي السابق. لكن البعض في موسكو شكك في صواب اختيار توقيت المواجهة مع واشنطن حول «ماناس» بعد خطوات عدة قامت بها الإدارة الأميركية الجديدة لتوفير مناخ إيجابي للحوار في القضايا الإستراتيجية، كما أشار الخبير في مركز «كارنيغي» أليكسي مالاشينكو.
في المقابل اعتبر محللون أن إغلاق «ماناس» في وجه الأميركيين في هذا التوقيت بالذات يحمل «عرضاً من موسكو لأوباما لتغيير قواعد اللعبة إقليمياً» بحيث تكون موسكو قادرة على التحدث بالنيابة عن حلفائها. ومعلوم أن موسكو قدمت تسهيلات لنشاط قوات التحالف في أفغانستان منذ البداية، لكنها أعلنت صراحة معارضتها للتواجد العسكري الأميركي في أي من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.
واللافت أن التطورات الأخيرة تزامنت مع الإعلان عن تأسيس قوات مسلحة مشتركة لمنظمة الأمن والتعاون التي تضم سبع جمهوريات سوفياتية سابقة من بينها قيرغيزستان وإثنتان من الجمهوريات في آسيا الوسطى، وأيضاً مع الإعلان عن تأسيس صندوق خاص قيمته عشرة بلايين دولار، تلتزم موسكو بدفع الجزء الأعظم منها لمساعدة حلفائها السابقين.
وسط ذلك، تسعى إدارة اوباما الى حشد تأييد جديد من الحلفاء الأوروبيين، من خلال خطاب مهم يلقيه نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن في مؤتمر ميونيخ للأمن غداً، يعلن فيه استعداد الإدارة الجديدة في واشنطن لسماع رأي شركائها في الغرب بالنسبة الى الملفات العالمية الساخنة، ما يشكل ابتعاداً عن سياسة التفرد بالقرار التي اعتمدتها ادارة جورج بوش.
وسيكون الجانب الروسي ممثلاً في مؤتمر ميونيخ، ما يطرح امكان حصول مفاوضات مع الأميركيين الممثلين بوفد رفيع المستوى، يضم الى جانب بايدن، مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز ومبعوثه الخاص الى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك، اضافة الى قائد القوات الأميركية في المنطقة الجنرال ديفيد بترايوس.

Share Button