مجرم في الكرملين”: مقابلة مع البروفيسور وولتر كليمنس”

picture-100-1314509172

آلكسندر موتل (Alexander J. Motyl)

“مجرم في الكرملين”: مقابلة مع البروفيسور وولتر كليمنس 

١٣ أغسطس/آب ٢٠١٤

ترجمة: عادل بشقوي

١٨ آغسطس/آب ٢٠١٤

PutinKremlinConference

فيما يلي مقابلة أجريتها مؤخرا مع وولتر كليمنس (Walter Clemens)، وهو أستاذ فخري في العلوم السياسية في جامعة بوسطن وزميل في مركز ديفيس للدراسات الروسية والأوراسية في جامعة هارفارد. 

***

موتل: وولتر، أنت معروف جيدا في عملك في معالجة القضايا الأخلاقية والقانونية المعقدة في العلاقات الدولية. وكان واحدا من كتبك “هل تستطيع روسيا أن تتغير”؟

كليمنس: آنا ما زلت آشك في ذلك. 

موتل: مشروعك الحالي يحمل عنوان “هل نستطيع – هل ينبغي – هل يجب أن نتفاوض مع الشر؟ العالم وكوريا الشمالية”. 

كليمنس: يمكن أيضا أن يكون العنوان الفرعي “العالم وفلاديمير بوتينَ”. 

موتل: ماذا يجب على المجتمع الدولي آن يقوم به فيما يختص بالسيد بوتين؟

كليمنس: انه يتعين آن يوجه ٍإليه اتهام وكذلك المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية. بوتين ربما يكون مذنباً بكافة أنواع التجاوزات التي تجعل المحكمة مفوضة في النظر في – الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، والعدوان. وبصفته رئيسا لروسيا أو رئيسا للوزراء، أرسل بوتين قوات مسلحة روسية ضد شعوب الشيشان وجورجيا وأوكرانيا مع إبقائها في مقاطعة مولدوفا. قتلت قواته ما بين 100،000 و 200،000 من الشيشان، وشقت أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا، وراقبت ما قامت به أوسيتيا الجنوبية من تطهير عرقي للقرى الجورجية. استولت قوات بوتين على شبه جزيرة القرم، واضعة التتار وكذلك الأوكرانيين في خطر. أثار بوتين النزعة الانفصالية في شرق أوكرانيا، وأرسل عدة آلاف من الروس للقتال الى جانب الانفصاليين. انه ربما لم يقصد لوكلائه أن يقوموا بإسقاط طائرة ركاب ماليزية، لكنه قدم المعدات والتدريب الذي أجاز لهم ذلك وقتل ما يقرب من 300 من المدنيين. حين تكون الأسلحة متمركزة في روسيا وتستهدف أهدافا داخل أوكرانيا، ومع ذلك، فليس هناك شك حول نوايا بوتين.

موتل: هل تصرفاته في الواقع تتفق مع متطلبات تحديد الجرائم التي أوجزتها؟ 

كليمنس: نظام روما الأساسي المتعلق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 أعطى تعاريف دقيقة للإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب – كل منها يتناسب مع سياسات بوتين. لكن القانونيين التابعين للدول الأعضاء لم يعرفوا “العدوان” حتى عام 2010. ووفقا لهذا التعريف، يشمل العدوان “الغزو … من قبل القوات المسلحة لدولة لأراضي دولة أخرى”. “ضم أراضي دولة أخرى بواسطة استخدام القوة”؛ ”قصف من قبل القوات المسلحة لدولة ضد أراضي دولة أخرى”؛ و “إرسال عصابات أو جماعات مسلحة غير نظامية أو مرتزقة من قبل دولة أو نيابة عنها … ضد دولة أخرى”. إن قوات بوتين ارتكبت بوضوح جميع هذه الأشكال من “العدوان”، ولكن لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس ولايتها القضائية على مثل هذه الجرائم قبل عام 2017 و حتى يعطي العدد المطلوب من الدول الأعضاء موافقتهم. وفي الوقت نفسه، فمن الواضح أن الكرملين التابع لبوتين قد انتهك “بروتوكول ليتفينوف (Litvinov)” لعام 1929، الذي وضع لكل من روسيا وبولندا ورومانيا واستونيا ولاتفيا ميثاق باريس لتحريم الحرب حيز التنفيذ. أن ذلك الاتفاق ما زال ساريا. 

موتل: جيد جدا، دعونا نتفق على أن قوات بوتين المسلحة هي مذنبة في كل من هذه التهم، فضلا عن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب. هل هـذا الرجل فلاديمير بوتين مذنب في هذه الجرائم كذلك؟ ألا يمكنه القول انه لا يعرف شيئا عنها؟ 

كليمنس: قد يتصدي بوتين لذلك بآن يقول آنه لا يتحمل أي مسؤولية شخصية عما فعلته القوات الروسية. من ناحية أخرى، فقد تولى الحكم باعتباره ديكتاتوراً حقيقياً على روسيا منذ عام 1999، ولا يمكنه التهرب من المسؤولية عن الجرائم التي ترتكبها قواته. يمكن لبوتين أن ينكر بأن المحكمة الجنائية الدولية مختصة، لأن روسيا هي واحدة من 31 دولة وقعت ولكنها لم تصدق على نظام روما الأساسي. لكن٫ وفي انتظار التصديق، فإن روسيا ملزمة بموجب القانون الدولي بعدم انتهاك التزاماتها نحو المحكمة الجنائية الدولية. 

موتل: لذلك من سيقوم بتوجيه اتهامات ضد بوتين؟ 

كليمنس: ذلك حيث تصبح التعقيدات أعمق. يعطي نظام روما الأساسي الاختصاص لمحاكم البداية في البلد الأم للمتهم. بما أن المحاكم الروسية هي دمى في يد الرئيس، فأنه لا يتوقع منها مقاضاة وإدانة رئيسها. يمكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إحالة قضية بوتين إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكن روسيا بالتأكيد ستستعمل حق النقض-الفيتو لمثل هذه الخطوة. 

وقد وقعت حوالي 122 دولة وصادقت على نظام روما الأساسي. وينص النظام الأساسي على أن أي طرف في المعاهدة “قد يحيل إلى المدعي العام حالة تظهر أن واحدة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت” ويطالب “المدعي العام للتحقيق في الوضع لغرض تحديد ما إذا كان ينبغي توجيه اتهام إلى شخص بعينه أو عدة أشخاص معينين في ارتكاب مثل هذه الجرائم”. ثلاثة دول هي أطراف في النظام الأساسي لديها سبباً لتوجيه اتهامات ضد بوتين: مولدوفا وجورجيا وهولندا. وبالنظر إلى أن هولندا خسرت ما يقرب من 200 مواطن على متن الطائرة الماليزية (MH17)، فربما يكون عندها أقوى الأسباب لتوجيه اتهامات ضد بوتين. جورجيا ومولدوفا، ولأسبابها الخاصة بها، لديها أسباب قوية للانضمام للدعوى. يمكن لجهات فاعلة وغير حكومية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمات شيشانية أيضا توجيه اتهامات. يسمح نظام روما الأساسي للمدعي العام بأن يباشر تحقيقات من تلقاء نفسه، أو بناء على مبادرته الخاصة، على أساس المعلومات الواردة من الأفراد أو المنظمات.

ماليزيا وأوكرانيا أيضاً لديها الأسس لتوجيه اتهامات ضد بوتين، لأن رحلة الطائرة الماليزية (MH17) تنتمي إلى ماليزيا واسقطت في المجال الجوي الأوكراني. لكن تقاعسهم عن التصديق على النظام الأساسي يجعلهم غير مؤهلين لتقديم شكاواهم إلى المحكمة. الولايات المتحدة الآميركية استبعدت نفسها أيضا من خلال قرار إدارة جورج دبليو بوش “عدم التوقيع” على نظام روما الأساسي وتم التوقيع على ذلك من قبل البيت الأبيض في عهد كلينتون. 

موتل: هل تتوقع تقديم اتهامات ضد بوتين بشكل جدي؟

كليمنس: جرائم بوتين تصنف مع تلك التي ارتكبها قادة في يوغوسلافيا السابقة الذين اتهموا وأدينوا بارتكاب جرائم حرب. ولكن هناك عقبات. في حين أن شكاوى من القوميين المتطرفين الكروات والصرب حول اضطهاد أبطالهم لم تهز المجتمع الدولي، حيث أن العديد من الحكومات والشركات في أوروبا لا ترغب في إغضاب الكرملين. حتى الولايات المتحدة تفضل أن تحافظ على التعاون الروسي في العديد من المجالات، من الفضاء الخارجي إلى كوريا الشمالية. 

ومع ذلك، فإن المناخ يتغير. أدت إجراءات بوتين في أواخر يوليو/ تموز وأوائل آب/أغسطس إلى تشديد عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد روسيا. في محاولة لوضع زعيم دولة إقليمية عظمى في قفص الاتهام حيث ستكون خطوة أخرى لصعود السلم. بشكل ملحوظ، قال نافي بيلاي (Navi Pillay)، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بأن إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية قد ترتقي إلى “جريمة حرب”. وفي يوليو/ تموز صدر أمر من محكمة التحكيم في لاهاي إلى روسيا لدفع مبلغ 50 مليار دولار كتعويضات للمساهمين في شركة النفط الروسية يوكوس (Yukos) التي تم تصفيتها. أعلنت واشنطن في الشهر نفسه أن روسيا قد قامت باختبار صواريخ كروز الأرضية في انتهاك لمعاهدة القوات النووية المتوسطة المدى لعام 1987. هذه الاتهامات تأتي على رأس شكوك أخرى أثارتها سلسلة من جرائم القتل غير المبرر لصحفيين روس وغيرهم ممن تحدى بوتين على مر السنين. ألم يكن كرملين بوتين مصدراً للهجمات الإلكترونية الأخيرة ضد مكاتب الحكومة الأوكرانية في كييف والخارج؟ وظهر محيط جريمة أيضا والذي آظهر سرقة العصابات الروسية إلى 1.2 مليار لأسماء مستخدمين وكلمات سر تعود إلى أكثر من 500 مليون عنوان بريد إلكتروني في جميع أنحاء العالم. 

بيت القصيد واضح. إذا لم يقف العالم في وجه بوتين اليوم، كما حذرت صحيفة الإيكونومست (Economist) في السادس والعشرين من يوليو/تموز، “فسيتبع الأسوأ”.

المصدر:

http://www.worldaffairsjournal.org/blog/alexander-j-motyl/%E2%80%98criminal-kremlin%E2%80%99-interview-professor-walter-clemens

Share Button