الشركس لن يسمحوا بسرقة وطنهم

الشركس لن يسمحوا بسرقة وطنهم

تقديم: عادل بشقوي

1 يونيو/حزيران 2015

IMG_9536

يرتبط يوم الحادي والعشرين من مايو/أيار بالإبادة الجماعية الشركسية وذلك منذ نهاية الحرب الروسية – الشركسية التي انتهت في عام 1864، وأدت إلى تداعيات كارثية رافقت وأعقبت الحرب الإجرامية والوحشية التي شنتها الإمبراطورية الروسية ضد الأمة الشركسية من أجل احتلال الوطن الشركسي وترحيل جميع الذين بقوا على قيد الحياة خارج حدود شركيسيا إلى مناطق ما وراء نهر كوبان بعيدا عن خط الساحل الشركسي على البحر الأسود، أو على متن سفن متهالكة إلى الإمبراطورية العثمانية.

في كل مرة يقترب فيها حدث شركسي مهم مثل “يوم الذكرى الشركسية”، تتكثف الدعاية الروسية العدوانية المعهودة ضد الوجود والبقاء الشركسي من خلال استخدام الوكلاء والعملاء الذين يعملون ضمن شبكة منظمة من أجل نشر وتعميم أكاذيب ومعلومات كاذبة. في هذا الصدد، وفي مقال مريب نشر من قبل شخص يدّعي أنه “يقيم ويعمل” في موسكو، بعنوان: “أيها الشراكسة لا تسمحوا لهم بسرقة وطننا في ٢١ مايو” وذلك بتاريخ 18 مايو/أيار 2015، ويحوي في طياته تناقضاً وخداعاً وتضليلاً. “الكاتب أو الناشر” للمقال يبدو أنّهُ بلا هوية، ويتضّح انه لا يمتلك “مُحدِّداً لموقعه” (location finder). ويظهر أنه لا يعرف من هو، كما أن حب الظهور يشير إلى نمط سوفياتي فاشل مع تعابير بدائية في التفاعل عند القيام بتفيذ المهمة الموكله إليه، ولكن بالتأكيد ضلّ طريقه بين كونه شركسياً في بعض الأحيان وكونه غريبا في أحيان أخرى.

والطريقة غير المهذبة في النقد التي تم استخدامها تظهر تفاقم الأزمة لأولئك الذين يشعرون بالقلق إزاء “خروج المارد الشركسي من قمقمه”. ورغم ذلك فإن المثير للاشمئزاز، هو رصد متطفّلين جهله يدبّرون الدّسائس والمؤامرات من وراء الكواليس، في حين أنّهم في الوقت نفسه يتّبعون أساليب بوليسية ومخابراتيّة، تتراوح بين الرّدح والتهريج والتشهير والتجريح في سلسلة من الأكاذيب التي ظهرت في كلمات وجمل مصفوفة وفقا لنمطٍ خبيثٍ ومشبوه.

بدأت الفقرة الأولى بذكر “ضحايا حرب القوقاز”، والذي هو دعاية روسية معتادة وغير صحيحة بشكل قاطع، لأن الوصف الصحيح هو الحرب الروسية – الشركسية.

وتعليقاً على الفقرة الثانية من المقال المذكور، ليس من غير المألوف بأن نرى في هذا الوقت من السنة كل الشركس يذكرون الفظائع التي ارتكبت من قبل الإمبراطورية الروسية، التي تسببت في الآلام والترحيل. لا يحدث ذلك في الأردن فقط، ولكن في كل المجتمعات والجمعيات الشركسية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك تلك الموجودة في الوطن الأم وبشكل حضاري.

في الفقرة الثالثة، يبين ما وصف مقالاً بأنّهُ يفتقد لقواعد السلوك جنبا إلى جنب مع أوجه القصور في الحد الأدنى من اللباقة والكياسة:

— الوكلاء الذين يشنون حملة عدائية غير أخلاقية بأسلوب شرّير عبر إضفاء الطابع الشخصي على مسألة مهمة مثل القضية الشركسية يدل على نهج مثير للسخرية لاختصار القضية برمتها لتبدو كما لو أنها إختصاراً لكل ما ترتب عن الإبادة الجماعية الشركسية والتطهير العرقي والترحيل في عدد قليل من الأشخاص وفقط في بلد واحد (http://www.interpretermag.com/putin-blames-circassian-protests-on-the-west-amid-arrests/).

— هؤلاء الذين يفترضون جهل الآخرين يحاولون التقليل من الإدراك الشركسي وإحباط الآفاق والرؤى الفسيحة المتوفرة إلى جانب غض الطرف عن الفظائع الجارية التي لا يزال الشركس يعانون منها حتى يومنا هذا منذ أن احتلّت الإمبراطورية الروسية واستعمرت وطنهم.

— تضليل الرأي العام من خلال التركيز على عدد قليل من الأفراد من الناس الذين يدعون لتنفيذ كافة القوانين والأعراف الدولية ذات الصلة لاستعادة الحقوق الشركسية السّليبة.

— عندما يكون تعداد الشركس في الأردن ما يقرب من 100،000 نسمة، فتكون نسبتهم أقل تقريباً من 2٪ من إجمالي عدد الشركس في العالم، حيث ما يقرب من ستة ملايين يعيشون في الشتات و 800،000 يعيشون في الوطن الشركسي في شمال القوقاز، ولكنهم مقسمين في ستّة جيوب إداريّة مختلفة.

— الشّركس من جميع الأعمار، في كل أماكن تواجدهم يستخدمون جميع الوسائل المتاحة ويسعون لاستعادة حقوقهم المصادرة عن طريق اتباع الوسائل السلمية والحضارية. منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، أرسل الشّركس رسائل ومناشدات لكلتا السلطتين التنفيذية والتشريعية في الحكومة الروسية للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. لكن عندما تجاهلت السلطات الروسية القيام بواجبها الأخلاقي (http://natpressru.info/index.php?newsid=8234)، بعث الشركس بنداءات مماثلة لجهات عديدة مثل البرلمان الأوروبي والبرلمانات الأخرى وكذلك إلى أطراف أخرى ذات اهتمام (http://www.cherkessia.net/news_detail.php?id=6664).

— ومع أن هناك أهمّيّة للأفراد في تقديم ما يطمح له شعبهم، لكن أهمية المسألة التي يسعون إلى تحقيقها يجعلهم في حالة إنكار للذات وغير مبالين للثناء والإطراء، حيث أنّهم يولون المصلحة العامة بدلا من تحقيق مصالح فرديّة ضيقة.

— الشّركس يطالبون بتوحيد جميع الأراضي الشركسية في كيان جغرافي واحد وإلى استعادة “جمهورية شركسية موحّدة” (http://www.moldova.org/circassians-reaffirm-common-identity-on-deportation-anniversary-200774-eng/).

— من يؤدي واجباً، فإن “الترف” لن يكون مصدر اهتمام له، وإنّها لحقيقة راسخة، عندما يحصل الشركس على تنفيذ مطالبهم، سيستعيد الشركس هويتهم وكرامتهم الوطنية والتقدير للعيش بحرية في وطنهم.

— إن الشّركس يتذكرون ويعرفون وطنهم حق المعرفة أكثر من أي ثرثار وما يسمى بكاتب و/أو صحفي، وهم يعلمون أن وطنهم مختطف. وفي نفس الوقت، فإن الأخبار تتوفر في كل مكان من خلال وسائل الإعلام المعروفة والتي يمكن الاعتماد عليها ولا تدور في فلك الدعاية الروسية التي تصدّرها “روسيا اليوم”.

— إن الأخبار الكاذبة المنشورة حول مختلف الأمور الشركسية من القضية الشركسية سوف لن تثني الشركس عن رفع مطالبهم لوقف كل أنواع الأكاذيب الممنهجة. إن ذكر مؤسسة جيمس تاون لا يعني أكثر مما تحاول روسيا أن تظهره من ضيق الأفق، حيث أن جيمس تاون هي واحدة من مئات من مراكز الأبحاث والدراسات في الولايات المتحدة، التي تركّز على دراسات وندوات ومؤتمرات دوريّة حول مختلف القضايا في العالم، بما في ذلك الشركس ومحنتهم.

وتعليقاً على الفقرة الرابعة:

— “من تكون لتصدر الحكم على الآخرين”، فالشركس يعرفون ماذا يريدون أفضل من أي شخص آخر، وفي الوقت نفسه فهم يرفضون السماح لأي شخص يحاول أن يملي ما ينبغي وما لا ينبغي عليهم أن يفعلوه.

— إذا أراد المتطفُلون أن يجعلوا الشركس سعيدين، فعليهم أن يتركوهم وشأنهم. الشركس يؤمنون بأن: “الصديق وقت الضيق هو الصديق الحقيقي”.

— على الدّخلاء أن يلتزموا الإهتمام بشؤونهم: “لا تقلق بشأن ما أفعله. اهتم فقط لماذا كنت أنت مهتم بما أقوم أنا بفعله”.

— لقد فشلت روسيا باستمرار في إثبات خلاف ما اعتمدته من سياسة إمبريالية لنهج استعماري نموذجي في التعامل مع الشركس كأُمّة خاضعة كونها من ضحايا روسيا والتي عانت من المآسي نتيجة للحرب الروسية – الشركسية، التي تشابكت على مر السنين، وبقيت على ما هي منذ ذلك الحين (https://www.youtube.com/watch?v=uh8FXIW5NbY).

— ليس للشركس أي عدوٍ معتدٍ آخرى في هذا العالم إلى جانب الطغاة الإمبرياليّين الروس الّذين لا يزالون يستفيدون من إنكار حق الشركس لاسترداد حقوقهم.

وتعليقا على الفقرة الخامسة، فإن الشركس أحرار في التحرك والعودة إلى وطنهم سواء للعيش أو لإقامة الأعمال التجارية كلما أمكن ذلك، في حين أنهم لا يوافقون على أية وصاية من أولئك الذين يلعبون دور الببّغاوات. وبطبيعة الحال، ينبغي الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية وفي ذات يوم سيتم الاعتراف بها وبكل تبعاتها.

تظهر الفقرة السادسة حصاد موحداً من الأهداف:

— مثل هذه الدعاية تهمل ابداء سبب لحقيقة أن “المجتمع الشركسي في تركيا يعتبر واحداً من أكبر المجتمعات الشركسية في العالم”، ولماذا هؤلاء الناس لا يعيشون في وطنهم التاريخي؟

— لا يتوجّب على الشّركس أن يراجعوا موقفهم بقدر ما هو مطلوب من روسيا أن تعيد النظر وأن تلغي سياساتها العدائية تجاههم.

— نعم الشركس في كل من تركيا ومواقع الشتات الأخرى قاموا بمراجعة الموقف الروسي وعلى ما يبدو عرفوا بالطريقة الصعبة كم هي السياسات الروسية عدوانية تجاه الشراكسة وخصوصا فيما يتعلق برفض إعادة شراكسة سوريا إلى وطنهم الشركسي في ظل الحرب الأهلية الدائرة في مكان أقامتهم في الشتات.

— الطريقة المستخدمة في هذه الدعاية تتجاهل تماما إجراءات السلطات الروسية الخرقاء بشأن الإعتقال والتعامل مع النشطاء الشراكسة الذين يعيشون في وطنهم مثل أندزور أخوخوف (http://eng.kavkaz-uzel.ru/articles/31318/) وإبراهيم يغنوف (https://sg.news.yahoo.com/russia-detains-caucasus-activists-ahead-olympics-190701010.html) ورسلان كيش، وعدنان خواد (http://caucasreview.com/2015/05/v-rf-nachalis-repressii-protiv-cherkesskih-aktivstov/) وعسكر سوخت (http://edition.cnn.com/2014/02/16/world/europe/russia-arrest/) وشيرميت محمود (http://www.natpressru.info/index.php?newsid=9612) وغيرهم. ويسمّى ذلك تطوير للأساليب البوليسيّة ضد الشعب الشركسي الأصيل. وأحدث مثال على طلب شركسي صلب هو الإجراء الذي اتخذه الشركس في كراشاي – شركيسيا لمطالبة روسيا الاعتراف بالإبادة الجماعيّة الشركسية بالإضافة إلى شكواهم من “التمييز في تنفيذ الحقوق الدستورية” في وطنهم (http://www.kavkaz-uzel.ru/articles/262696/).

— لقد نجحت السلطات الروسيّة دائما في تدمير جسور المحبة والروابط مع الوطن الشّركسي. ويجب على الروس إعادة النظر في سياساتهم التي عفا عليها الزمن.

— لم يرد في هذه الفقرة ذكر جمهورية أديغيا بجانب الجمهوريات الشركسية الأخرى وذلك يظهر عدم احترام لذكاء القراء (http://eng.kavkaz-uzel.ru/articles/12942/)!

الفقرة السابعة تبيّن أفكاراً خاصة حول الاستثمار في الوطن:

— إن التشدق بخصوص مجتمع الأعمال للشتات الشركسي في تركيا وعقد مؤتمر لرجال الاعمال وحضور مسؤولين من جمهورية أديغيا هو فكرة جيدة، ولكن من المفيد أن نذكر أن بعض رجال الأعمال الشركس في تركيا تولوا بالفعل العمل في سوتشي باعتبار أن إحدى شركات البناء قامت بتشييد أحد الفنادق الكبرى (فندق ماريوت) في كراسنايا بوليانا.

— لم  توفّر السلطات الروسية تسهيلات لرجال الأعمال الشركس لإقامة الأعمال التجارية التي يختارونها في وطنهم.

— في حين أنّ الحقائق أثبتت سوء معاملة الشرطة ومسؤولي الهجرة لأفراد من العائدين الشركس الذين عادوا إلى الوطن. —“فيدراليّة الجمعيات القوقازيّة” (KAFFED) قد تمثل بعض الشركس ولكن ليس جميعهم وخصوصا في السنوات الأخيرة، حيث قام العديد من الشركس بتأسيس جمعيات شركسية جديدة.

أخيرا التعليق على الفقرة الثامنة:

— يواصل المقال بعرض صورة افتراضية من التخبط من خلال تجسيد دور تآمري في شؤون الآخرين نيابة عن الجهة التي يعمل  “الكاتب أو الناشر” لديها، لمحاولة تسويق أوهام وأكاذيب على ما يبدو بالتنسيق والتعاون مع آخرين من الذين أخذوا على عاتقهم مهمة انتهازية يمكن وصفها بأنّها تعقّب الضحايا وأحفادهم ليس فقط في وطنهم، ولكن إلى مواقع الشتات الواسعة في جميع أنحاء العالم.

— ما يسمى بِ“الإستغلال السياسي” لا يعني بأي شكل من الأشكال، أن من شأنه أن يثبط أولئك الذين يعملون من أجل استعادة الحقوق المغتصبة عن الهدف المشروع، والذي يدعون إلى تحقيقه.

— فقط هي الفئة الرخيصة والمنحطّة من الأفراد الذين يذكرون ويتهمون المخلصين بتلقي رشاوى أو أجور عند العمل في مسألة مقدسة ومصونة لرفعة وكرامة وحرية الأمة المضطهدة، التي ابتليت بالاحتلال وإنكار الحقوق.

— ألعاب سوتشي الاولمبية الشتوية لعام 2014، ساهمت في توحيد الشركس وفهم السياسات الروسية الحقيقية ضد بقائهم كأمّة محترمة، بغض النظر عن حفنة قليلة من الشركس الذين كانوا راضين لقبول حضور الألعاب المثيرة للجدل بناءً على دعوة تلقوها من السلطات الروسية. لقد جعلت سوتشي من الممكن أن يعرف المزيد من الناس عن المحنة الشركسية وحتّى أن المزيد من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم نشرت تقارير حول سوتشي والإبادة الجماعية الشركسية في العديد من اللغات المختلفة. —لقد تم تغيير معالم سوتشي، عاصمة شركيسيا وما حولها (http://www.onislam.net/english/health-and-science/nature/479647-gazprom-destroys-the-circassian-capital-sochi.html).

— قطعاً يتطلّع الشّركس نحو المستقبل، فإن “الشعب القوي لا يستسلم عند اجتيازه للتحديات. إنّه فقط يبذل المزيد من الجهد”.

“إذا لم تكن جزءاً من الحل فأنت جزءاً من المشكله.”

Share Button