مؤتمر أنقرة يؤكد كيف أن تتار القرم شيئاً ثميناً بالنسبة لأوكرانيا بمقدار ما هم مشكلة بالنسبة لموسكو

الاثنين 3 أغسطس/آب 2015

مؤتمر أنقرة يؤكد كيف أن تتار القرم شيئاً ثميناً بالنسبة لأوكرانيا بمقدار ما هم مشكلة بالنسبة لموسكو

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

4 يوليو/تموز 2014

            ستاونتون، 3 أغسطس/آب — يظهر المؤتمر العالمي الثاني لشعب تتار القرم والذي انهى أعماله يوم أمس في أنقرة لماذا تتار القرم باعتبارهم المعارضين الأكثر تماسكاً ضد الضم الروسي والذين هم ثروة حقيقية لأوكرانيا ولماذا يمثّل حراكهم، الذي حاول الكرملين بصعوبة تعطيله مشكلة كبيرة ومتنامية بالنسبة لموسكو.

            ويقول أندريه ستريليتس (Andrey Strelets) على موقع نوفي ريجون-2 (Novy Region-2) انّهُ عمليا وفكريا على حدٍ سواء، يظهر هذا الاجتماع الأخير أن تتار القرم سوف يكونوا أكثر نشاطا في دفع أجندتهم أكثر مما كانوا عليه وأن لديهم سبباً وجيهاً لأن يتوقعوا أن وجهات نظرهم سوف يتردد صداها دولياً (nr2.ru/News/politics_and_society/Krymskie-tatary-nanesli-udar-Kremlyu-102926.html).

            ويشير المعلق إلى أن المؤتمر الثاني أنهى العمل التنظيمي لأول مرة. الاجتماع، الذي انعقد في عام 2009، انتخب أيضا رفعت شاباروف (Refat Chubarov) رئيساً له، لكن لم يكن قادراً أبداً على التصديق على ميثاقه. الآن، حدث ذلك، وأسس الإجتماع منظمة دولية عامة باسم “المؤتمر العالمي لتتار القرم” (World Congress of Crimean Tatars).

            ستكون المهمة المنوطة بتلك الهيئة تعزيز حقوق الإنسان على المستوى الدولي، والسلطات، والتطلعات الوطنية للهيئة الوطنيّة (National Kurultay) والمجلس القومي (National Mejlis)، وكلاهما واجها صعوبات في العمل في ظل الاحتلال الروسي لوطن تتار القرم ولكنهما الرابطين الفريد من نوعهما لوضع شعب تتار القرم.

            بنفس القدر أو ربما أكثر أهمية من هذه الخطوات العملية، اعتمد المؤتمر إعلاناً جاء فيه بوضوح أن “الحق في تقرير المصير يخص شعب تتار القرم الأصيل”. يجب أن تتحرر شبه جزيرة القرم من الإحتلال الروسي في أقرب وقت ممكن من إحتلال روسيا، ويجب أن تعاد شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا، ولتتار القرم الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم.

            ودعا المؤتمر أيضا المجتمع الدولي لأن يدرك أن “تصرفات روسيا في شبه جزيرة القرم هي إبادة جماعية، بدءا من لحظة ضم شبه الجزيرة من قبل الإمبراطورية الروسية في عام 1783 وحتى وقتنا الحاضر”. وخلال تلك الفترة، “اضطر أكثر من مليون ونصف من تتار القرم إلى مغادرة وطنهم الأم”، ونصف أولئك الذين رُحِّلوا في عام 1944 من قبل ستالين توفوا نتيجة لذلك.

            كما يشير ستريليتس، أن ما هو أكثر أهمية بالنسبة لهذه التصريحات ليس في محتواها “الوطني أو العاطفي” وإنما السياق الذي نشأت من خلاله: “الفيتو الروسي المخزي على قرار مجلس الامن الدولي الذي يدعو لإنشاء محكمة دولية للتحقيق في أسباب تحطم طائرة البوينج الماليزية، والخلافات القضائية حول مقتل ليتفينينكو (Litvinenko)، وعقوبات الولايات المتحدة الجديدة، ومصادرة الممتلكات الروسية في الخارج، ومشاركة الفيدراليّة الروسية في الحرب في دونباس (Donbas)”.

            ويقول المعلق من كييف أن “قضية تتار القرم هي واحدة من الحلقات الضعيفة في سلسلة من الجرائم التي ارتكبها نظام بوتين في أوكرانيا”. وتصر موسكو على ما تدعيه بأن “شعب القرم” “اتّخذ “الخيار التاريخي” لإعادة الانضمام إلى روسيا عن طريق استفتاء العام الماضي الذي نسّقت له موسكو، وأن هذا الشعب له الحق في القيام بذلك بنفس الطريقة التي قام  شعب كوسوفو باتباعها.

            لكن هذه الحجة فيها إثنان من العيوب القاتلة. من جهة، “لا يوجد {شعب لتتار القرم} يدّعي الحق في تقرير المصير. هناك بدلا من ذلك روس القرم وأوكرانيين وتتار القرم وأرمن وبلغار ويونانيين وقوميات أخرى تعيش على أراضي شبه الجزيرة”.

            معظم هذه القوميات لديها تشكيلات دولهم الخاصة “خارج حدود شبه جزيرة القرم”، وبالتالي فقد “شاركوا بالفعل في إجراء لتقرير المصير”.الاستثناءات هم تتار القرم، ويهود القراؤوت (Karaims) ويهود الكريمتشاك (Krymchaks) وهذه الأخيرة هي “لسوء الطّالع صغيرة”، وبالتالي ليست في وضع يمكنها من السعي لتعبير إقليمي سياسي لحقوقهم.

            وهذا بدوره يعني أنه ليس هناك سوى تتار القرم وليس بعض “شعب القرم” الوهمي الذي لديه الحق في اتخاذ قرار حول تقرير المصير في شبه جزيرة القرم مهما تقول موسكو. إن إعلان المؤتمر يجلب تلك الحقيقة إلى المقدمة والمركز مرة أخرى كلما نوقشت قضية مصير شبه الجزيرة الأوكرانية.

            ومن جهة أخرى، فإن “سابقة” كوسوفو ليست وحيدة، حسبما يقول ستريليتس. “لم يقم أحد بضم كوسوفو إلى ألبانيا”. وبدلا من ذلك، قام المجتمع الدولي بفرض عقوبات على فصل المقاطعة الألبانية عن صربيا عندما أصبح هناك خطرا حقيقيا للتطهير العرقي. لم يكن “شعب القرم” الأسطوري مهددا على هذا النحو.

            بسبب وضع  تتار القرم باعتبارهم السكان الأصليين لشبه الجزيرة، “أي تغيير على وضع [هذا الإقليم] دون الإلتفات إلى رأيهم لن يكون شرعياً. بالنسبة للمستهلك الداخلي لدعاية الكرملين، فإن حجج كيسيليوفز (Kiselyov) وزوركينز (Zorkin) قد تكون كافية، لكن للمناقشات في الأمم المتحدة هناك حجج أقوى مطلوبة”.

             كما فعلت في كثير من الأحيان في أماكن أخرى، سعت موسكو الى استخدام وكلائها الخاصين و“بلهائها المفيدين” بين تتار القرم من أجل الدفاع عن قضيتها. لكن كما “يتذكر الناس من الجيل الأكبر سنا”، أعدّت موسكو لجنة مكافحة الصهيونية في المجتمع السوفييتي لمعارضة الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفياتي. هذه الجيوب من جماعات تتار القرم ليست سوى تكرار حديث لذلك.

            ويواصل ستريليتس في الواقع، فإن موسكو قد “دُفِعت لتقليد” حل المشاكل “لتتار القرم” من خلال تعيين أشخاص للعمل كواجهة، وإيجاد قرية بوتيمكين (مصطلح يدل على ابنيه خاليه وُضعت للإيحاء بوجود حياة وعمران) مع رقص وغناء السكان الأصليين”. لا يتمتع هؤلاء الناس بدعم شعب تتار القرم كما يظهر المؤتمر الذي أنهى أعماله للتو.

            لكن ما هو أهم من ذلك كله، كما يشير المعلق من كييف، هو أن تتار القرم لا يريدون مطلقاً أن يكونوا جزءا من الفيدراليّة الروسية حتى ولو بحدوث معجزة ما قد تؤدّي إلى التغلب على الكارثة الإقتصادية هناك. إنهم يربطون روسيا في الوقت الحاضر مع الاتحاد السوفياتي والإمبراطورية الروسية، وهذا الترابط هو أي شيء ما عدا أنّهُ خير.

            إما أن الناس في الكرملين لا يفهمون ذلك أو أنّهم يتصرفون كما لو أنّهم كذلك، لكن الحقيقة هي كما أظهر المؤتمر: “لقد طوّر تتار القرم على مدى السنوات الثلاثمائة الماضية حصانتهم الخاصة بهم لهذا النوع من الصعوبات [التي يواجهونها الآن] لأنهم نجوا من كل من الإمبراطورية الروسية والإتحاد السوفياتي”.

                وسوف ينجون من روسيا بوتين وسيساعدون على إنهاء الضم الروسي غير القانوني لوطنهم.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2015/08/ankara-congress-underscores-why-crimean.html

Share Button