جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يبالغ في تدخله في الشؤون الشركسية بتجميده للشتات، لكن مضعفاً لنفوذ موسكو في الخارج

السبت 21 يناير/كانون الثاني 2017

جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يبالغ في تدخله في الشؤون الشركسية بتجميده للشتات، لكن مضعفاً لنفوذ موسكو في الخارج

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

21 يناير/كانون الثاني 2017

            ستاونتون، 21 يناير/كانون الثاني — غالبا ما تظهر السياسات العرقية والمتعلقة باللجوء غامضة للغرباء، لكن سياسة الهجرة العرقية، خصوصا عندما يتورط جهاز مخابرات قوة رئيسية فيها، هي مع ذلك أكثر ضبابية. لكن متابعة هكذا تطورات هو أمر هام لأنه يفصح أكثر بكثير عن الاتجاه الذي تتجه اليه، وعما تفعله المجموعة العرقية المعنية.

            هذا هو الحال بشكل خاص مع تورّط جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) مع جماعات ترتبط بالأمة الشركسية، والتي يبلغ تعدادها أكثر من نصف مليون في شمال القوقاز، وأكثر من خمسة ملايين في بلدان الشرق الأوسط وهي الّتي تحدّت موسكو حول الإبادة الجماعية التي حصلت في عام 1864 وبشأن حق الشركس من سوريا للعودة إلى وطنهم التاريخي.

            وحفلت الأشهر القليلة الماضية على وجه الخصوص بالكثير من الأحداث والتي تتحدث الكثير عن آمال ومخاوف موسكو والتي تشير إلى أنه فيما يتعلق بالحركة الشركسية، فإن جهاز الأمن الفيدرالي قد بالغ في تدخّله، ما أدّى إلى الحد من تأثير الشتات على شمال القوقاز ولكن على حساب إضعاف نفوذ موسكو في تركيا والشرق الأوسط.

            وقد تم وصف هذه اللعبة المعقدة من قبل إينال قردنوف (Inal Kardnov) على موقع بوابة القوقاز تايمز (Caucasus Times) يوم أمس (caucasustimes.com/article.asp?id=21535). وبسبب إجراءات جهاز الأمن الفيدرالي، كما يقول، فإن نالتشيك عاصمة جمهورية قباردينو-بلكاريا لم تعد لتكون مركزاً للحركة الشركسية الدولية وقد شارفت الجمعية الشركسية العالمية (ICA) على التفكك.

            في الشهر الماضي، قررت فيدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا (KAFFED) وفيدرالية الشركس الأتراك الانسحاب من الجمعية الشركسية العالمية بعد أن قام حرس الحدود الروس بترحيل ياشار أسلانكايا (Yashar Aslankay)، نائب رئيس الجمعية الشركسية العالمية ورئيس فيدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا، ويحظر عليه دخول الفيدرالية الروسية حتى عام 2020.

            ووقع الشركس في موقف مربك من هذا القرار الروسي نظرا إلى أن فيدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا كان ينظر اليها من قبل الشركس في تركيا كمنظمة موالية لروسيا، كما يقول قردنوف. ويبدو من التفسير أن موسكو أقدمت على هذا العمل ليس فقط للتملق لتركيا، بل أيضاً لتجميد تأثير الشتات على شمال القوقاز.

            لكن بغض النظر عن الحقائق، فإن هذا التسلسل كان له تأثير تسليط كافّة الشّركس الضوء على دور أجهزة الأمن الروسية في الجمعية الشركسية العالمية، وهو الدور الذي يمتد إلى الفترة التي تأسست فيها هذه المجموعة في عام 1991 وهو الدور الذي يعني ان الجمعية الشركسية العالمية كانت تحت “السيطرة الكليّة” لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، حسبما يقول قردنوف.

            وأوضح دليل على ذلك، كما يشير، هو الحقيقة التالية: “تم فرض أربعة رؤساء سابقين للجمعية الشركسية العالمية على المندوبين تحت تهديد الترحيل” من روسيا إذا لم يصوتوا كما أرادت موسكو. وقد زاد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي من ضغوطه على الجمعية الشركسية العالمية خلال الصراع بين موسكو وأنقرة على إطلاق الأخيرة النار لإسقاط طائرة حربية روسية.

            لقد ازداد هذا الضغط من قبل موسكو أكثر مع اندلاع الصراع السوري بالنظر إلى رغبة الشراكسة من منطقة الحرب بالعودة إلى وطنهم التاريخي في شمال القوقاز، لكن تم صدّهم عبر رفض الحكومة الروسية لتحقيق ذلك، الأمر الذي دفع الرأي الشركسي للتطرف وأجبر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي على تشديد الرقابة على قادة الجمعية.

            ولم يلقى جهاز الامن الفيدرالي صعوبة لتحقيق ذلك، لكن بهذا العمل، فإنه شدد على المسلك الذي بسببه كانت قيادة الجمعية بعيدة كل البعد عن الشركس والتي ادّعت انها تقودهم، حيث أبدى كلهم تقريبا الرغبة في عودة الشركس السوريين إلى شمال القوقاز. وهذا بدوره أدى إلى ما يصفه قردنوف “الانهيار النهائي لنفوذ الجمعية الشركسية العالمية.”

            حاول جهاز الأمن الفيدرالي دعم طرف من القيادة كان موالياً لموسكو، ليس فقط عن طريق إقصاء أولئك الذين لم يكونوا داعمين للخط الروسي ولكن أيضا من خلال تنظيم مؤتمر دولي حول القضية الشركسية في الشهر الماضي. لكن رفض العديد من الشراكسة المشاركة في ما اعتبروه مسرحيّة زائفة موالية لروسيا.

            جهاز الأمن الفيدرالي الروسي حقق هدفه المتمثل في ضمان أن قيادة الجمعية الشركسية العالمية سوف تتبع أي تطور وتحول في سياسة الكرملين لكنه فعل ذلك فقط على حساب ترك تلك المنظمة هيكلاً أجوفاً ذو تأثير ضئيل سواء في الداخل أو في الخارج. وهذا بدوره يعني أن نفوذ موسكو على ومن خلال الشركس سوف يستمر فقط في الانحدار.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2017/01/fsb-overplays-its-hand-in-circassian.html

Share Button