2010-10-13 20:26:57
القصة الكاملة لهجرة الشركس إلى الأردن
المدينة نيوز – بدأت هجرة الشركس من القفقاس لأول مرة عام 1858 م بشكل متقطـِّـع ، ولكنها تزايدت خلال الفترة الواقعة بين عامي 1864 – 1878 م ، وقد تركوا وطنهم حماية لدينهم أمام محاولات القمع والإبادة ، وتحمَّـلوا المشاق والصعاب في هذا السبيل ، وارتضوا بأن يستبدلوا بلادهم القفقاسية الخضراء الجميلة وجبالها الشاهقة وغاباتها الكثيفة ومياهها الوفيرة بوطنهم الثاني الأردن ، وآثروا العيش في الكهوف والوديان ردحا من الزمان في سبيل دينهم وإيمانهم بعد ان كانوا يعيشون في رغد من العيش الوفير في بلادهم الخيرة المعطاء ، ولم يكن في الأردن في ذلك الحين مدينة اسمها عمان ، وكل ما كان هناك بقايا إطلال رومانية لمدينة عمُّـون التاريخية ، وأبرز هذه الأطلال المدرج الروماني الشهير ، المعروف باسم ( فيلادلفيا ) والحمامات الرومانية التي ما زالت آثارها باقية في سقف السيل ، والقلعة التي تشرف على خمسة أودية تتشكل منها الآن العاصمة عمـَّـان ، هذا بالإضافة إلى جامع قديم مهجور يعود في تاريخه إلى عهد الأمويين ولا صلاة تقام فيه ، وبرج عال أشبه بالمأذنة ، وتقول رواية أن الجامع والبرج من آثار البيزنطيين ، وتـمَّ تحويلهما في العهد الإسلامي إلى مسجد ومئذنة ، ثم عفا عليهما الزمن إلى أن وصل المهاجرون الشركس فقاموا ببناء مسجد مكان الجامع القديم المهجور ، وحوَّلوا البرج إلى مئذنة .
ويذكر كتاب ( الشركس ) أن قبيلة الشابسوغ كانت أول قبيلة شركسية وصلوا إلى عمان سنة 1868 عن طريق الشام قادمين من تركيا ، وعندما حطــُّـوا رحالهم في عمان ، لم يكونوا يحملون معهم شيئا إلا ما يحمله المهاجر من ألبسة ضرورية وبعض الحاجات البسيطة كالأمتعة والفراش والأسلحة التي تزين عادة اللباس القومي الشركسي ، كالخناجر (القامه) والسيوف والمدى ، وهي أسلحة تلازم الشركس ملازمة الظل للإنسان ، إذ أنها جزء مكمل للباس القومي ، وسكن المهاجرون في أروقة المدرج الروماني والكهوف الكثيرة المتوفرة في أودية عمان ، وأخذوا يفكـِّـرون في كيفية العيش في هذا الوادي الذي ليس فيه إلا سيل المياه التي تنبع من رأس العين متجهة إلى الشرق ، وكان على ضفتي السيل أشجار كثيفة تكثر فيها الحيوانات الكثيرة ، وتوفي الكثير من أطفال المهاجرين بالملاريا والتيفوئيد والحصبة ، وبقي المهاجرون من الشابسوغ على هذه الحالة المضنية إلى أن بدأت تفد أفواج المهاجرين الآخرين من القبرطاي والبزادوغ إلى عمان تباعا ، وعلى فترات متقطعة ، وشدَّ وصول المهاجرين الجدد من عزائم المهاجرين الأوائل ، وبدأوا في تنظيم حياتهم ومعيشتهم ، وأخذوا يشقون الأرض ويزرعونها بمحارث من الخشب من صنع أيديهم ، كما صنعوا أدوات حصد المزروعات وجنيها ودرسها ، وكانت كلها من الخشب . الملك المؤسِّس ينقذ عشرات الشراكسة من التسليم للروس في عام 1948 م ، وفي غمرة انشغال الحكومة الأردنية في استقبال اللاجئين الفلسطينيين بعد النكبة الفلسطينية التي أسفرت عن نزوح أكثر من مليون لاجيء عن فلسطين ولجوئهم إلى البلاد العربية ، وصل إلى عمان شاب شركسي يدعى عبد الكريم شوابزوقه قادما من روما ، وقابل وزير الداخلية في ذلك الحين السيد عباس باشا ميرزا ، وطلب منه التوسط لمثوله بين يدي الملك المؤسِّـس الشهيد عبدالله الأول بن الحسين ، وشرح لجلالته وجود عدد من الشركس لاجئين في روما في أعقاب انهزام ألمانيا الهتلرية ، وهم معرَّضون لتسليمهم إلى روسيا السوفياتية بموجب اتفاقية ( يالطه ) ، باعتبارهم رعايا سوفياتيين انضموا إلى قوات ألمانيا عند احتلالها لبلاد القفقاس في الحرب العالمية الثانية ، وكان هؤلاء قد لجأوا إلى الفاتيكان ليبقوا في حماية قداسة البابا ، الذي رحب بهم ، وأبى ان يشملهم تبادل الأسرى بين الحلفاء وروسيا السوفياتية ، وقد أمضوا في رعاية قداسته فترة ليست بقليلة والتمس السيد شوا بزوقه من الملك المؤسِّـس قبول هؤلاء الشركس المسلمين كرعايا أردنيين ، أسوة بأخوانهم الموجودين في الأردن ، فاستجاب الملك المؤسِّـس وأمر فورا باتخاذ الإجراءات الكفيلة بترحيلهم من روما إلى الأردن ، كما صدرت الأوامر بصرف تذاكر مرور لهم ، لكن الشركس سرعان ما جمعوا المال اللازم ليوفروا على الحكومة نفقات الترحيل ، واستقبل الأردن الفوج الأول من هؤلاء المهاجرين الشركس ( البزادوغ ) وعددهم 38 بين رجل وامرأة وطفل ، وبعد مرور فترة أخرى وصل إلى عمان جانجري حبجوقة من روما للغاية ذاتها ، والتمس قبول الفوج الثاني وعددهم ( 86 ) شخصا من المهاجرين القبرطاي من الملك المؤسِّـس ، فأجيب الآخر إلى طلبه وصدر الأمر باستقبالهم . الموقع الإستراتيجي المتميِّـز جغرافيا ً وثروات ٍ طبيعية جعل بلاد القفقاس مطمعا لكثير من الدول الإستعمارية مما جرَّ على الشعوب القفقاسية ويلات الحروب وكوارث الغزوات ، فقد كانت السيطرة على القفقاس تعني في الواقع التحكـُّـم بالممرات البحرية والنهرية للقارات الثلاث أوروبا وآسيا وأفريقيا ، وقد غزت بلاد القفقاس جميع الإمبراطوريات التي ظهرت في الشرق على مرِّ العصور من الآشوريين والكلدانيين والمصريين القدماء والمغول ، ووقعت تحت نفوذ بيزنطة في القرن الثالث الميلادي بعد انتشار الدين المسيحي ، وفي القرن الرابع الميلادي استولت الصين على جنوبي القفقاس ، كما أن إمبراطوريتي الفرس والرومان تزاحمتا على احتلال القفقاس بهدف الوصول إلى أرمينيا ، وعندما انتهى حكم المغول في القفقاس ، بدأ الصراع بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية للاستيلاء على القفقاس ، وفي القرن الخامس عشر الميلادي ، تم إخضاع معظم شعوب القفقاس ، ومن بينهم الشركس ، لنفوذ الدولة العثمانية ، ثمَّ دخلت روسيا القيصرية في الصراع ، وأخذت في تطبيق الخـُـطـَّـة التي وضعها القيصر بطرس الأكبر للإستيلاء على القفقاس ، وأخذت روسيا تتوغل في المنطقة ، فأطبقت على دولة القبرطاي التي كانت قد استقلت عام 1739 ميلادي ، وادَّعت روسيا القيصرية أنها المسؤولة عن حماية جورجيا المسيحية والشعوب القفقاسية التي كانت تدين بالمسيحية ، إلى أن أتمت روسيا القيصرية السيطرة على بلاد القفقاس عام 1777 ميلادي ، وذلك بعد حروب طويلة دامت أكثر من 100 عام . الشراكسة .. قرون طويلة في مواجهة الغــزاة يتحدث كتاب ( دليل أهلنا ) الذي أصدرته الجمعية الخيرية الشركسية في الأردن ( فرع صويلح ) عن الحروب التي خاضها الشراكسة ( مع إخوانهم الشعوب القفقاسية الأخرى من شيشان وداغستان وغيرهم ) ، فيذكر أنه على الرغم من أن الشراكسة ( وبقية الشعوب القفقاسية ) كانوا ميـَّـالين بطبيعتهم للسلم ويرغبون في مواصلة تطوير حياتهم ، إلا أنه لم يمرَّ عليهم قرن واحد خلال الفترة من أوائل القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن التاسع عشر الميلادي إلا واضطرُّوا لاستخدام السلاح دفاعا عن أوطانهم وحرِّيتهم بما مكــَّـنهم من الحفاظ على استقلالهم طوال خمسة وعشرين قرنا ، ومن هذه الحروب : الحرب ضد الأسكيث دمَّر الأسكيث مناطق واسعة من آسيا الصغرى والقفقاس وحكموا روما مدة قرن كامل وقد تمَّ طردهم من القفقاس من قبل الشراكسة . الحرب ضد القوط عندما غزا القوط القفقاس تصدَّى لهم ( باقسان ) إبن أمير القبرطاي ( داو ) الذي قتل في المعركة مع إخوته السبعة ، فقامت أختهم الوحيدة بدفنهم ، وأقامت تمثالا ضخما لأخيها باقسان لا يزال قائما حتى الآن . الحرب ضد الأوار غزا الأوار القفقاس بقيادة الخان بايفان الذي أنذر الشراكسة بوجوب الخضوع له فأجابه ( لاورستان ) أمير القبرطاي : ” سنقاتلكم حتى لا يبقى شركسي واحد قادر على حمل السلاح ” ، وقتل لاورستان في المعركة ، ولكن أمير الشابسوغ ( ينالقوه ) الذي هبَّ لنجدة القبرطاي هزم الأوار . الحرب ضد الرومان أرسل يوليوس قيصر إنذارا بوجوب خضوع الشراكسة له ، ولكن الهجمات التي قام بها عليهم فشلت كلها في إخضاعهم . الحرب ضد التتار والقبجاق جاء التتار من الجنوب والأتراك من الشمال ولكن بفضل تعاون القبرطاي وشراكسة الكوبان استطاعوا هزيمة الجيشين في مزدوك ( الغابة الصمـَّاء ) . الحرب ضد التتار عاد التتار من الشمال فاحتلوا معظم روسيا وحرقوا موسكو وقضوا على دولة الخزر وأقاموا مكانها دولة الجيش الذهبي ، وقضى عليهم تحالف الروس والشراكسة في عهد إيفان الرهيب الذي تزوَّج الأميرة (ماريا) ابنة أمير القبرطاي (تيمورقوه ). حملة أمير تتار القرم كيتاي خان عرض كيتاي خان على القبرطاي المبارزة بدلا من الحرب وفي حال تغلب الشراكسة سيقوم التتار بالإنسحاب ، وبعد إنتهاء المبارزة فرَّ كيتاي خان بجيشه مذعورا حين علم أن من صرع بطله وألقاه قتيلا بين قدميه بضربة واحدة لم تكن سوى امرأة شركسية من عامة الشعب تدعى ( لاشن ). معركة قنجال ضد التتار القرم والترك حشد ( قبلان غيري) خان القرم 80 ألف مقاتل وعسكروا في سفح جبل قنجال وقاموا بإنذار الشراكسة للإستسلام ، ولكن الشراكسة أرسلوا قبيل الفجر مئات الدوَّاب التي تحمل الهشيم المشتعل إلى معسكر التتار ثم أطلقوا عليهم حجارة ضخمة من المرتفعات المحيطة بالمعسكر مما أثار الذعر والإضطراب في صفوفهم وبالتالي سهل على الشراكسة هزيمتهم فقتل من قتل وفرَّ الباقون إلى الجبال ، وقد وقعت هذه المعركة عام 1708 م . الحرب الروسية القفقاسية في عام 1722 م قاد بطرس الأكبر حملة برِّية وبحرية واحتل مدينة باكو ، وكانت هذه الحملة هي بداية الحرب الروسية القفقاسية التي استمرَّت قرنا وربع القرن حتى 1864 م هلك فيها 1.5 مليون جندي روسي والملايين من القفقاسيين الشماليين المسلمين المدافعين عن حريتهم وأوطانهم ، وقد بدأ الروس حربهم ضد مسلمي شمالي القفقاس بتجميع القوزاق المشرَّدين في أنحاء روسيا وتوطينهم على ضفاف أنهار الكوبان والتيرك وسونجا ،كما بدأ الروس أيضا ببناء الحصون والقلاع على شواطئ البحر الأسود فكان الشراكسة يغيرون على هذه الحصون ويدمـِّـرونها ويبيدون القوات المتواجدة فيها وينسحبون إلى الجبال ، فيعود الروس إلى إعادة بنائها وتزويدها بالمدافع وبقوات أكبر ، كما كان الشراكسة يغيرون على قلاع القوزاق ومستوطناتهم ثم ينسحبون إلى الجبال . وحشية الروس وفظائعهم الحرب ضد النازيين عندما وصل النازيون إلى القفقاس هبَّ القفقاسيون المسلمون في الشمال والجنوب للدفاع عن أوطانهم ، فدمـَّـروا القسم الأكبر من القوات النازية التي عجزت أوروبا كلها عن تدميرها . الحرب ضد المستعمرين الإنجليز في بدايات عام 1918 م شارك المتطوعون الشركس إلى جانب العثمانيين تحت إسم ( المجاهدون ) في الحرب ضد الإنجليز في حرب السويس بقيادة ميرزا باشا ( والد الوزير عبَّاس ميرزا ) ، وبعد معارك حامية الوطيس ، تقدَّم الجيش الإنجليزي بأعداد هائلة نحو فلسطين فاضطرَّ الجيش العثماني مع المتطوعين الشركس إلى الانسحاب إلى الأردن والتصدِّي لقوات الجنرال اللنبي المتوجهة إلى الأردن في الغور والسلط وعمَّان ، وقد قتل الكثيرون من الشركس أثناء احتلال الإنجليز لعمـَّان بعد أن دخلوها من جميع الجهات ، وبعد احتلال عمان جوبه الإنجليز بمقاومة عاتية في وادي السير التي حاصرها المحتلون وقاومهم الشركس فيها ساعات طويلة ، وسقط خلال القتال الكثير من الإنجليز والشركس ، وبعد سقوط وادي السير ، اعتقل زعماؤها من الشركس وسيقوا إلى أريحا. الحرب ضد المستعمرين الفرنسيين الحملات الإسلامية في القفقاس يذكر كتاب ( الشركس ، أصولهم ، عاداتهم ، تقاليدهم ، هجرتهم إلى الأردن ) لمؤلفه الباحث محمد خير حغندوقة أن الفتوحات الإسلامية وصلت إلى بلاد القفقاس في القرن السابع الميلادي ، ويورد رواية تقول إنه بينما كان سراقة بن عمرو يتابع فتوحاته زحف عبد الرحمن بن ربيعة واستولى على مدينة باب الأبواب ( دار بنت ) على ساحل بحر الخزر ، وقد خضعت أرمينيا وكورجستان (جورجيا ) وجبال (اللان ) القصحه للقوات الإسلامية التي كان يقودها سراقة بن عمرو الذي أقام حكومة عربية إسلامية في تفليس عاصمة الكرج ، ودعا الناس إلى الدخول في الإسلام ، وكان أول من اعتنق الدين الحنيف هم الكرج ، ثم الداغستان ، وتبعهم القبرطاي ، إلا أن هؤلاء ارتدوا عن الدين الإسلامي لعدم رسوخ الإيمان الصحيح في نفوسهم ، بعد ان ضعف الحكم الإسلامي ، الذي زال بعد ذلك نهائيا عن تلك البلاد . أثناء غزو التتار للقفقاس وقع بعض الأسرى من الشراكسة ومعظمهم من النساء والأطفال بيد التتار ، فكان المجاهد صلاح الدين الأيوبي يفتديهم بالمال لتحريرهم من الأسر ، وكان هدف صلاح الدين من تحريرهم تهيئة الشباب منهم لتولي مراكز القيادة في الدولة والجيش ، وفعلا وصل الكثير منهم إلى قيادة الدولة ، فتصدَّوا للتتار الذين دمروا بغداد وغزوا بلاد الشام ، وحين تواقح ثلاثة من رسل التتار مع السلطان قطز استلَّ سيفه وقطع رؤوسهم وأعادها إلى التتار في تحد ٍ واضح ٍ ، وزحف جيشه بقيادة بيبرس الشركسي وألحق الهزيمة بالجيش التتري عام 1260 م في معركة عين جالوت بعد سنتين فقط من تدمير بغداد عام 1258 م ، ثم جاء تيمورلنك وأرسل رسائل تهديد إلى السلطان برقوق الشركسي جاء فيها : ” إعلموا أننا جند الله مخلوقون من سخطه ، ومسلــَّـطون على من حلَّ عليه غضبه ، لا نرقُّ لشاك ، ولا نرحم باك ٍ ، وقد نزع الله الرحمة من قلوبنا ، إن خيولنا سوابق ، ورماحنا خوارق ، وأسنــَّـتنا بوارق ، وسيوفنا صواعق ، وقلوبنا كالجبال ، وجنودنا كعدد الرمال ” ، فردَّ عليه السلطان برقوق الشركسي : ” إعلموا أن هجوم المنية عندنا غاية الأمنية ، إن عشنا عشنا سعداء ، وإن قـُـتلنا قـُـتلنا شهداء ، أبَـعْـدَ طاعة أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين تطلبون منا طاعة ، لا سمعَ لكم منا ولا طاعة ” . الشيخ عمر لطفي المفتي حبجوقة كان العالم الشركسي الشيخ عمر لطفي شادجي البسلاني الذي غلب عليه إسم عمر لطفي المفتي أول من تولى منصب المفتي العام الأول في تاريخ الدولة الأردنية بموجب إرادة أميرية أصدرها الأمير المؤسِّس ( الملك لاحقا ) عبد الله الأول بن الحسين في بداية تأسيس الإمارة الأردنية في عام 1921 م ، وبقي في هذا المنصب الرفيع حتى تقاعده في عام 1944 م ، وينتمي الشيخ العلامة عمر لطفي المفتي الى عائلة شركسية عريقة تدعى شادجي من قبيلة البسلاني ، وهي عائلة توارث أفرادها التخصص في علوم الفقه والشريعة الإسلامية منذ ما يقارب الأربعمائة عام ، حيث كانوا يتلقون العلوم الإسلامية قبل هجرتهم من وطنهم القفقاس في سمرقند التي كانت من أشهر مراكز تعليم العلوم الدينية ، وقد اختارت عائلة الشيخ الهجرة من القفقاس الى تركيا في وقت سابق للتهجير القسري للشراكسة من وطنهم وذلك تلافيا لوقوع نزاعات وفتن بين أمراء ونبلاء الشراكسة حيث اختلف البعض منهم مع العائلة عندما أعتقت أرقاءها عملاً بأحكام الشريعة الإسلامية ، وكان الشيخ عمر لطفي شادجي البسلاني قد تلقى العلوم الإسلامية في إستانبول ، وأمر السلطان عبد الحميد بموجب إرادة سلطانية ( فرمان ) بتخصيص كرسي لسماحته للتدريس في جامع محمد الفاتح في وسط إستانبول ، وكان مجيء الشيخ عمر لطفي شادجي الى الأردن قبل مجيء مصطفى كمال أتاتورك الى سدة الحكم في تركيا ، فقد جاء إلى الأردن بموجب تكليف من المشيخة الإسلامية في الدولة العثمانية ليشرف على تأسيس معهد للعلوم الشرعية في الأردن ، وكان شقيقه الشيخ يحي المفتي/ شادجي في ذلك الوقت مفتياُ في مدينة منبج في سوريا ، واستقرَّ المقام بالشيخ عمر لطفي في عمَّان بعد أن أسَّس معهد العلوم الشرعية وتولى إدارته والتدريس فيه ، ثمَّ عهد إليه الأمير المؤسِّس عبد الله الأول بن الحسين ليكون أول من يشغل منصب المفتي العام في الدولة الأردنية . من أعلام الشراكسة يورد كتاب ( دليل أهلـنا ) الذي أصدره فرع صويلح للجمعية الخيرية الشركسية أسماء بعض مشاهير الشركس في ميادين مختلفة ومنهم : محمد أحمد بن الحنفي والمعروف بابن إياس ، شركسي ولد عام 1448 ومات في القاهرة عام 1523 م ، وهو مؤرِّخ وموسوعي كبير له من المؤلفات الخالدة موسوعة ( بدائع الزهور في وقائع الأمور ) وكتاب ( مروج الزهور في وقائع الأمور ) ، وقد قام بتأريخ كيف احتفلت القاهرة أبان حكم السلطان الشركسي أينال شاه لمدة ثلاثة أيام فرحا بفتح السلطان العثماني محمد الفاتح للقسطنطينية ، وقد أرَّخ لمصر منذ أقدم العصور حتى نهاية عهد سلاطين الدولة الشركسية . خير الدين باشا التونسي ويلقب بأبي النهضة الحديثة بتونس ، شركسي من أبرز الشخصيات الوطنية في تونس الخضراء تولاه بأي تونس بالرعاية وتلقى علومه في الزيتونة ومن ثم انتقل إلى المدرسة الحربية وتخرج منها ضابطا والتحق في النخبة من سلاح الخيـَّـالة وتدرَّج في العسكرية حتى وصل إلى رتبة فريق ، وتولى مناصب وزارية حتى أصبح رئيسا للوزراء ورئيسا للمجلس الكبير ” البرلمان ” ، وقد أغضبت سياساته الإصلاحية قناصل الدول الإستعمارية التي لا تريد خيرا لبلد عربي مسلم وهي إنجلترا وفرنسا وإيطاليا ، فأخذوا في تحريض باي تونس عليه ، ورضخ الباي لضغوط الدول الإستعمارية وأبعد الفريق خير الدين التونسي عن السلطة في 21 تموز 1877 وفرض العزلة والحجز عليه فاشتغل بالتأليف ، وعندما ألف كتاب ( أقوم المسالك في أحوال الممالك “) استدعاه السلطان العثماني عبد الحميد إلى إستانبول ليشارك في الخروج بدولة الخلافة الإسلامية من حالة الفوضى والفساد وعيَّـنه وزيرا للعدل ثم رئيسا للوزراء ” الصدر الأعظم ” ، لكنه اختلف مع السلطان وعُـزل عن منصبه ، وقـُـيـِّـدت إقامته ، وتوفى سنة 1878 عن عمر يناهز 70 عاما ودفن في جامع أيوب ، وبعد 78عاما من وفاته أعادت تونس رفاته من استانبول إلى تونس ودفن في مقبرة الشهداء وكرَّمته الدولة والشعب في تونس بمنحه لقب ” أبو النهضة الحديثة في تونس ” . الإمام الكوثري محمد زاهد بن حسن الحلمي الكوثري نسبة إلى قرية الكوثري ( جوشري ) على ضفة نهر ” بسيج ” الكوبان من بلاد القوقان ، وهو من أصل شركسي سكن أجداده الضفة اليسرى من نهر الكوبان بالقوقان ، ولد عام سنة 1879م الموافق 1296 هـ بقرية حاج حسن بمنطقة دوزجه شرق الأستانة ( إستانبول ) ، انتقل إلى استنبول واستقرَّ في مدرسة الحديث ثم جامع الفاتح طالبا للعلم ، ثم مدرسا وشيخا للمشايخ حتى عام 1914 ، وعـُـيـِّن أستاذا لمادة الفقه وتاريخه في جامعة استنبول ، ويعد نتاجه العلمي من التعليق والتحقيق والكتابة لمؤلفات نادرة بلغت 51 موضوعا . شمس الدين سامي غراندوقه ولد شمس الدين غراندوقة في قرية لابسيشنا في قفقاسيا عام 1881 م من أبوين شركسيين ، وتوفي بالكرك في 17 أيلول عام 1950 م ، وهو أول أردني يحصل على شهادة الحقوق . مختار بك كعبار قل ولد في القفقاس عام 1837 وهـُجـِّـر قسرا مع أسرته إلى البلقان فأقام في مدينة صوفيا ثم انتقل إلى الصرب عام 1872 ، وتمَّ تجنيده في الجيش العثماني فاشترك في الحرب ضد صربيا عام 1876 ، ثمَّ في حرب الجبل الأسود ، ثمَّ عاد إلى بلغاريا واشترك في معركة بلفينا مع المتطوعين الشراكسة الفرسان الذين كان عددهم 2000 فارس ورفض الإستجابة إلى أوامرالقيادة العسكرية بالإستسلام إلى القوات الروسية وتابع قتاله وقاد هجوما مضادا ونجح في إنقاذ قواته من الحصار وكان من بين القتلى في المعركة إبن عمه محمود . فارس القلم والسيف والسياسة ، ولد محمود سامي البارودي الذي كان يُـعرف بفارس القلم والسيف والسياسة لأبوين من الشراكسة بالقاهرة في عام 1839م ، دخل المدرسة الحربية سنة 1852 ووصل إلى رتبة لواء وأصبح وزيرا ثم رئيسا للوزراء في مصر ، ولكن المحتلين الإنجليز تآمروا عليه وحكموا عليه مع عدد من زملائه بالإعدام ، ثم خـُـفـِّـف الحكم إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب ، وبقي في الجزيرة 17 عاما تقريبا ، وفي منفاه فيها قال قصائده الخالدة ، ثمَّ عاد من المنفى في 12 من سبتمبر 1899م . أحمد محمد رامي ولد أحمد محمد رامي الذي كان يُـعرف بشاعر الشباب في القاهرة في 9 أغسطس سنة 1892 م ، والده الدكتور محمد رامي هو إبن الأميرألاي الشركسي حسن عثمان بك الذي قدم إلى مصر سنة 1883 م وقتل في فتح السودان بواقعة كساب سنة 1885 م ، وقد غنـَّـت السيدة أم كلثوم أحلى أغانيها من قصائده . الجنرال إسماعيل باشا برقوق من مواليد 1889 م في بينار باشا من مقاطعة قيصري بتركيا ، وانتقل إلى استنابول ليواصل تعليمه في المدرسة العسكرية والأكاديمية العسكرية وقيادة الأركان ، بعد تخرُّجه أرسل إلى القفقاس لقيادة قوات الجيش التركي في القفقاس ، وشهد ولادة أول كيان سياسي في القفقاس وهي جمهورية القفقاس المستقلة عام 1922 م ، وعُيـِّـن قائدا لجيش جمهورية القفقاس ، وتمكـَّن من صدِّ ووقف زحف القوات الشيوعية وحلفائها من القوزاق والجورجيين ، ولكن تمكنت القوات الشيوعية وحلفاؤهم من اجتياح المنطقة فألقي القبض عليه وحكم بالإعدام ، ولكنه تمكن من الهرب والوصول إلى طربزون وأصبح رئيسا لهيئة الأركان في الجيش بعد أن رُفـِّـع إلى رتبة جنرال عام 1937 في عهد أتاتورك ، واستقال من الخدمة عام 1946 وفي عام 1950 تم انتخابه عضوا في البرلمان عن مقاطعته قيصري ، وتوفي عام 1954 ودفن في مقبرة الشهداء في أنقره ، كان واسع الثقافة ويتقن العربية والفارسية والشركسية والفرنسية والروسية ، وله عدة مؤلفات باللغة التركية . http://almadenahnews.com/newss/news.php?id=58681&c=500#.Tmpty6DxgsM.facebook |