نافذة على أوراسيا: يقول أروتيونوف، يجب على روسيا الإعتراف بالشركس بأنهم من ‘الروسين’ أو تواجه كارثة

الخميس 11 سبتمبر/أيلول، 2014

نافذة على أوراسيا: يقول أروتيونوف، يجب على روسيا الإعتراف بالشركس بأنهم من ‘الروسين’ أو تواجه كارثة

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

13 سبتمبر/أيلول 2014

             ستاونتون، 11 سبتمبر/أيلول – يقول سيرغي أروتيونوف (Sergey Arutyunov)، بأن “إصطلاح ‘روسين’ هو فئة أوسع من الذين هم من الإثنيّة الروسيّة”، وأن مواطنينا هم ليسوا فقط من الإثنيّين الرّوس في كندا أو الأرجنتين، ولكن التوفيين (Tuvins) في شينجيانغ (Xinjiang)، والبورياتيّين (Buryats) في شيميخين (Shemekhen) والشركس في سورية أو الإمارات العربيّة المتحدة – على الأقل طالما أنهم يريدون أن يعتبروا أنفسهم بأن يكونوا كذلك”.

            ويقول رئيس قسم القوقاز في معهد موسكو لعلم الأجناس وعلم الإنسان (Moscow Institute of Ethnology and Anthropology)، في استعراض رائع لثلاثة كتب حديثة عن الشركس وذاكرتهم التاريخية، بأن هذه الحقيقة البسيطة في أن الهويات العرقية والسياسية هي ليست نفسها، الأمر الذي “يجب أن يكون مفهوما لدى الصحفيين والوزراء والقوزاق الجدد وحتّى المحافظين.

             في هذه الحالة، فإن استمرار رفض المسؤولين الروس المستمر الاعتراف بالشركس باعتبارهم مواطنين مع احتفاظهم بحق العودة، من الخوف بأن تدفق عدد كبير منهم يمكن أن يزيد من زعزعة الاستقرار فيشمال القوقاز، ويعرّض للخطر بتنفير ليس فقط أكثر من خمسة ملايين من الشركس الذين يعيشون في الخارج ولكن أيضا الذين يزيدون على 500,000 ويعيشون في وطنهم التقليدي.

             هذه هي مجرد واحدة من الملاحظات التي وضعها أروتيونوففي مقالة استعرض فيها مراجعته التي ربما تبدو مجردة ونظرية ولكن لها عواقب عمليّة هائلة والتي بقدر ما يتم الاعتراف بها، يمكن أن تفتح الباب لمستقبل أفضل لهذه الشعوب (zapravakbr.ru/index.php?option=com_content&view=article&id=411%3A2013-08-06-10-24-30&catid=5%3Aanalinic&Itemid=7).

             والكتب الثلاثة الّتي يستعرضها في مقالته الاستعراضية والتي أتت في 4300 كلمة هي: كتاب إميليا شودجن (Emilia Sheudzhen)بعنوان “الأديغة (الشركس) في الذاكرة التاريخية (The Adygs (Circassians) in Historical Memory)” (“موسكو ومايكوب، 2010” Moscow and Maikop, 2010)، وكتاب فاطمةأوزوفا (Fatima Ozova)بعنوان “دراسات في تاريخ شركيسيا السياسي (Studies on the Political History of Circassia)” (“بياتيغورسك وشركيسك، 2013” Pyatigorsk and Cherkessk, 2013)، ومارينا خاكواشيفا (Marina Khakuasheva)في “البحث عن المعنى المفقود (In Search of Lost Meaning)” (“نالتشيك، 2013” Nalchik, 2013).

            الكتب الثلاثة هي باللغة الروسية ولكن نشر معظمها في شمال القوقاز، وجميع الكتب الثلاثة هي لباحثات شركسيات شابات، وكلّها تتعارك مع مشاكل التاريخ والذاكرة التاريخية حيث أن هذين الموضوعين يحضران في الحياة المعاصرة لمّا كانت يوما أكبر أمة في المنطقة ومازالت أمّة مهمّة ومفزعة.

             ويقول المختص في وصف الأعراق البشرية المسكوفي بأن هذه القضايا الثلاث تكتسب أهمية إضافية، لأنّه “جنبا إلى جنب مثله مثل شعب الشتات الكلاسيكي، اليهود، فإن [الشركس] هم الشعب الّذي لديه حصّة الأسد من عدد الذين يعيشون في الخارج، ووفقا لتقديرات معينة فإن تسعة أعشار من عددهم الإجمالي يعيشون في الخارج”.

             وارتفعت أهميتهم بشكل أكبر بسبب حقيقتين إضافيّتين: تحمل الشّركس العبء الأكبر من “الصراع مع السياسة الاستعمارية القيصرية الروسية”، وأنهم حققوا في السنوات الأخيرة “نجاحاً أكبر في استعادة وتأسيس جديد لثقافتهم وكتابتهم ولغتهم المحكيّة والأدبية، وتقاليد تاريخية متعددة الأوجه”.

             ويشير أروتيونوف أنّه في وقت سابق من هذا العام، أحيا الناس في القوقاز وحول العالم الذكرى السنوية المائة والخمسين لنهاية الحرب القوقازية. لأنهم تكبّدوا “أكبر الخسائر” في ذلك الصراع ولأنه تم طردمعظمهم في نهاية الحرب من وطنهم، واتخذ الشركس زمام المبادرة في السعي لاستعادة الذاكرة حول هذه الأحداث.

             ولأن أولمبياد سوتشي عقد في نفس وقت إحياء الذكرى وفي المكان الذي تم طرد الشركس وإبعادهم منه، و”لقيت الذكرى تغطية دولية واسعة”. وكان بعض من هذه التغطية مغرضاً، حسبما يقول أروتيونوف، ولكن الكتب الثلاثة الّتي قام باستعراضها هي أمثلة لنهج أكثر حكمة.

             تشير شودجن في كتابها، “مع التقدير فإن غالبية الناس يبخّسوا بقوة من أهمية الحفاظ على الذاكرة فيما يتعلق بالأنساب ولا يكرّسون أهمية جدية للحفاظ على اليوميات والمحفوظات وصور الأجداد”. ومن ثمّ، سيكون استعادة الماضي الشركسي من الصعوبة بمكان.

              لكن يقول أروتيونوف أّنّهلكي نكون منصفين، ينبغي على المرء أن يلاحظ بأن “الوضع في هذا الصدد لا يزال أسوأ بين غالبية شعوب الفيدراليّة الروسية وقبل كل شيء بين الإثنيّين الروس أنفسهم منه بين الشركس وشعوب أخرى من شمال القوقاز”.

              وتركز أوزوفا على مجموعة مختلفة من القضايا إلى حد ما، حيث يكمل الباحث الموسكوفي. انها تكرس معظم اهتمامها إلى الحرب القوقازية وإلى طرد الشركس في نهايتها. وكما تقول، هي ثمة مشكلة رئيسية، في أنه لا يوجد نقص في المواد التي تسمح لأولئك الذين يريدون تقديم جانب أو آخر  بأنه جيد تماماً أو سيء تماماً.

              وبالتالي، فإن نشر انتقائي للوثائق يعطي لا محالة الأثر في تعزيز رؤية أو أخرى ويعكس وجهات نظر الّذين جمعوها إزاء “عمليات مكافحة الإرهاب المعاصرة” و “نشاط أي إنفصاليين أو إرهابيين”، وحول “المتعصبين في الإسلام والظالمين المتحجّرين الذين لا يقِلّون تعصباً”.

               ويقول أروتيونوف، لكن أيا من وجهات النظر المتطرفة، التي تقضي بأن جانباً كان جيدا تماما والآخر سيئ تماماّ، “يمكن أن يبرر الطابع الاستعماري لغزو شمال القوقاز من قبل روسيا القيصرية”.

               ويستشهد مع استنتاج موافقة جليّة لأوزوفاأن “من الواضح أن الطريق الوحيد للحفاظ على [الشركس] يكمن في إعادة جمع شملهم وإعادة بعثهم على أرض آبائهم في القوقاز”، وهو رأي يتحدّى استمرار تقسيم الشركس هناك من قبل الدولة الروسية ومعارضة موسكو لعودة شركسية”.

              يستعرض أروتيونوف ويقول أن الكتاب الثالث، والّذي هو لمارينا خاكواشيفا، مختلف. انه عبارة عن مجموعة من 60 مقالاً، ومعظمها قد ظهر في وسائل الإعلام في وقت سابق بدلا من دراسة تاريخية واحدة. وليس من المستغرب، بل هو إلى حد ما أكثر عاطفية في لهجتة من الكتابين الآخرين، إلا أن النّبرة لها ما يبررها تماما استناداً إلى الحقائق.

             خاكواشيفا قلقة بشكل يبعث على الإزعاج فيما يتعلّق بمشكلة بقاء اللغة الشركسية. لأنها تشير إلى أن اليونسكو أعلنت في عام 2009أن “جميع لغات شمال القوقاز”، بما في ذلك الشركسية، في طريقها لأن تموت”، مع وجود مدّة أطول فيما يتعلق بلهجة القباردى وهي فقط 25 إلى 50 سنة أخرى من الحياة.

               وتقول، لكن بدلا من محاولة عكس هذا الإنحدار، قام المسؤولون الروس بتسريع ذلك: منذ أعوام السبعينيات، انخفض عدد الأماكن للطلاب القباردى في جامعة قباردينو – بلكاريا الحكوميّة من 75-38 وموسكو تدعو الآن لزيادة ساعات تدريس اللغة الروسية في المدارس وذلك على حساب اللغة لشركسية.

               وتواصل خاكواشيفا، فبدلا من مواجهة طرد الشركس ونتائجه المهلكة، لم تكن موسكو على استعداد للتعامل مع هذه القضية حتى أنها في الوقت الذي تنتقد فيه تركيا لفشلها في مناقشة “موضوع الإبادة الجماعية للأرمن في الإمبراطورية العثمانية”.

              كما تقول ويوافقها أروتيونوف بشكل صريح، أنالأحداث الرئيسية في التاريخ الشركسي، لا تتطلب توبة فحسب، بل التعويض عن الإجراءات المروّعة “الإمبرياليّة (بما في ذلك الإمبرياليّة الإجتماعية) و الأيديولوجيا والممارسة الإستعمارية (بما في ذلك الأبويّة)”.

             ويقول أروتيونوف: “هذاهو الطلب من الوقت نفسه وليس من مجموعة صغيرة من المثقفين القوميين المعادين”، ويضيف أنه “لا يقتصر الأمر بأن الأوقات تتطلبتوبة،ولكن التوبة تتطلب وقتا”، وكلما طال إنتظار الشركس فسيكون هناك “المزيد من الفرص سوف نقدمها لأعداء روسيا الموحدة”.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/09/window-on-eurasia-russians-must.html

Share Button