روسيا وأوكرانيا وأنانيّة الاختلافات الطّفيفة

السبت 28 فبراير/شباط 2015

روسيا وأوكرانيا وأنانيّة الاختلافات الطّفيفة

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

09 مارس/آذار 2015

            ستاونتون، 28 فبراير/شباط – تساءل كثير من الناس في أوكرانيا وروسيا وأماكن غيرها لماذا يجب أن تنحدر دولتان ترتبطان ارتباطا وثيقا من خلال التاريخ والثقافة الى مثل هذه الحرب الشرسة، ولكن لا ينبغي أن يفاجؤوا، كما يقول بوريس غروزوفسكي (Boris Grozovsky)، لأن الشعوب القريبة من بعضها البعض تكون أكثر عرضة للتورط في الحروب وتعاني أكثر كثيرا منها.

            في النسخة الروسيّة من صحيفة فوربز (forbes.ru)، يقول نائب رئيس تحرير صحيفة “فيدوموستي (Vedomosti)” التي تصدر في موسكو في تعليق له، ان هذه الصراعات قد تكون مرجّحة على وجه الخصوص إذا “حاول أناس مرتبطون ثقافياً تغيير مؤسسات سياسية” بأساليب قد تهدّد النخبة السياسية للآخر (forbes.ru/mneniya-column/istoriya/281417-bratousobitsa-pochemu-rodstvennye-narody-voyuyut-drug-s-drugom).

            توصّل غروزوفسكي إلى استنتاجاته من دراسات أُجريت مؤخّراً عن صراعات حول العالم. ويشير إلى أن الباحثين الأميركيين إنريكو سبولاوري (Enrico Spolaore) ورومان واكزيارج (Romain Wacziarg)، قد خلصا إلى أن الشعوب الّتي ترتبط ارتباطا وثيقا هي أكثر عرضة للإقتتال من الشعوب الأخرى في ظل الظروف مع ثبات العوامل الأخرى (anderson.ucla.edu/faculty_pages/romain.wacziarg/downloads/war.pdf).

            ويقدّم الإثنان مجموعة متنوعة من التفسيرات، بما في ذلك حقيقة أن الشعوب المتجانسة في كثير من الأحيان يكون لديها وجهة نظر مماثلة تجاه العالم، وبالتالي أي تغييرات من أحدها يمكن الشعور به وفق قوة خاصة من الآخر، وحتى تهديدا لنظامه، خاصة إذا لم يكن ديمقراطياً بل بدلاً من ذلك دكتاتورياً.

            وغالبا ما يتبع التقارب الثقافي مثل هذه القواسم الوراثية المشتركة، التي أشار إليها باحثين آخرين. فعلى سبيل المثال أظهر أكوس لادا (Akos Lada) من جامعة هارفارد (Harvard)، على أساس دراسة الحروب على مدى القرنين الماضيين أن ماضياً ثقافياً مشتركاً غالبا ما يجعل الصراعات والحروب أكثر احتمالا (papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2452776).

            يقول غروزوفسكي أن استنتاجات لادا توحي بالحرب بشكل خاص بين روسيا وأوكرانيا لأنه تم جرّهما قبل اندلاع تلك الحرب ولأن لادا يقدم مجموعة متنوعة من الاقتراحات حول الحروب بشكل عام التي تظهر بوضوح بأن يكون لها تطبيق معين نحو الحرب الحاليّة.

             ويقول لادا بأن “الحرب تضر بالإستدانة بمعنى مزدوج”. فمن جهة، “إنها تدمر جسديا أولئك الذين يمكن أن يصبحوا نموذجا للمحاكاة”. ومن جهةٍ أخرى، “الهوية أمر شائك: لا يمكن للمرء أن يرى في شخصية أخرى عدواً ونموذجاً في نفس الوقت”. بدلا من ذلك، الوضع هو أحد خيارين “إما هذا أو ذاك”.

            يلخّص غروزوفسكي، ونتيجة لذلك، فإنّ “زعيماً مستبداً”، من خلال مهاجمة جهة يمكن أن تكون نموذجا مؤسّسياً، {يعطل “ببساطة” تلك الهوية التي قد ترد من خلال استعارة نجاحاته}. ويظهر التاريخ أن “دكتاتورا مع جيش جيد سوف لن يترقّب بينما ينجح “شعب شقيق” في العيش حياة مختلفة عن حياته.

            ويكتب لادا أنّهُ علاوة على ذلك، فإنّ الانخراط في حروب مع مثل هذا العدو يمكن أن يكافئ الديكتاتور في بلده: حيث يمكن تزويده بمبرر لحملة ضد شعبه باسم الوحدة الوطنية.

            إن إمكانية قيام الحروب بشكل عام وحروب من هذا النوع على وجه الخصوص يمكن خفضها من خلال نشر الديمقراطية والتجارة، وكان الربط بين هذه العوامل موضوع دراسة ونقاش مكثفين. (انظر، على سبيل المثال، أعمال سيتز، تاراسوف وزاخارينكو في  http://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2495986).

            وتعزّز كِلا الديمقراطية والتجارة الرفاه الاجتماعي وتحلل كلاها بشكل مباشر الإثنان لأنها تقلل التوتر وتؤدي إلى انخفاض في الإنفاق العسكري ما يعزز بعضها بعضاً، وعلى الأسس الثلاثة. الحروب لها التأثير العكسي تماماً عن طريق زيادة الإنفاق العسكري والإضرار بالنمو.

            وكما يضعها غروزوفسكي، “إلهيْ الحرب والاقتصاد بالتأكيد ليسا بأصدقاء”. ويستشهد بعمل ستيفان أوري (Stephane Auray)  وآخرين، “الحروب باعتبارها صدمات نقص قيمة إستهلاكيّة كبيرة” لدعم ذلك التنافر. هذه الدراسة متوفرة في (http://www.hec.unil.ch/documents/seminars/deep/992.pdf).

             وأخيرا، يلاحظ المعلق من موسكو مصيبة أُخرى لمثل هذه الحروب. يطوّر الحكام المستبدين في كثير من الأحيان الوسائل القمعية التي تمتد من الجبهة إلى بلدانهم، وهي الظاهرة التي تم دراستها من قبل كريستوفر كوين (Christopher Coyne) وأبيجيل هول (Abigail Hall) (independent.org/publications/tir/article.asp?a=1012).

            ونظراً إلى كل ذلك، يتساءل غروزوفسكي، هل هناك طريقة للخروج من الحرب في أوكرانيا؟ هو بوضوح ليس متفائلاً. ويستشهد بعمل سانتياغو كايسيدو (Santiago Caicedo) الذي يراعي أي الظروف التي تفتح الطرق لاتفاقات سلام ناجحة وما هي العوامل التي لا تفعل ذلك (independent.org/publications/tir/article.asp?a=1012).

            ووفقا للباحث من شيكاغو، فإن إتفاقات السلام أكثر عرضة “عندما يضطر قادة الاطراف المتنازعة ليكونوا مهتمين إزاء رفاه الناس … [عندما] تكون المزايا الاقتصادية للحياة السلمية تبدو بوضوح أكبر من الخسائر الناجمة عن الحرب [وعندما] ينزع  تماماً سلاح اللاعب الذي يسيطر على جزء صغير من الأراضي”.

            ويقول المحرر الموسكوفي، بأن “هذه العوامل، لا سيما عندالنظر إلى دور روسيا في الأحداث الأوكرانية”، يجعل آفاق التنمية في كلا البلدين غير مشجعة للغاية”.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2015/02/russia-ukraine-and-narcissism-of-small.html

Share Button