فلاديمير بوتين: قومي من العرقيّة الرّوسيّة

فلاديمير بوتين: قومي من العرقيّة الرّوسيّة

الكاتب: كمبرلي مارتن (Kimberly Marten)

19 مارس/آذار 2014

ترجمة: عادل بشقوي

26 يوليو/تموز 2015

فيما يلي نستضيف مقال لأستاذ العلوم السياسية بجامعة كولومبيا كيمبرلي مارتن

*****

هناك طريقتان للحديث عن شخص أو شيء روسي باللغة الروسية. الطريقة الأولى، “روسيسكي (Rossisskii)”، يشير إلى المواطنين الروس وإلى الدولة الروسية. الشخص الذي هو من العرقية الشيشانية، أو التتارية، أو الأوكرانية يمكن أن يكون “روسيسكي” وإذا كانوا يحملون جواز سفر روسي ويعيشون على الأراضي الروسية.

حتى الآن هذه هي الطريقة التي أشار فيها دائماً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشعب الروسي. وحتى حركة الشباب العدوانية الروسية المؤيدة لبوتين من بضع سنوات خلت وهي ناشي (Nashi) (أو “لنا”) — مع معسكراتها الصيفية وتجمعات التمارين الرياضية، والسباب القبيح للسياسيين المعارضين — كانت دائما حريصة على استعمال كلمة “روسيسكي”. “في حين أن بعض النقاد مثل فاليريا نوفودفورسكايا (Valeria Novodvorskaya) صوروا ناشي كما لو كانت نوعا ما نسخة محدّثة عن شباب هتلر (Hitler youth)، والمجموعة في الواقع لم تتخذ ميلا عرقيا.

كل ذلك تغير يوم الثلاثاء. في خطابه في الكرملين لمجلسي البرلمان الروسي، اتّخذ بوتين خيارا مصيريا. فبدلا من التمسك بكلمة “روسيسكي”، انزلق الى استخدام كلمة “روسكي (RUSSKII)”،  في الأسلوب الذي يشير باللغة الروسية لشخص من العرقية الروسية. وقال بوتين، إن “شبه جزيرة القرم (Crimea) من الأساس هي أرض روسية (Russkaya) وسيفاستابول (Sevastapol) هي مدينة روسية (RUSSKII)”. ومضى قائلا، “كييف (Kiev) هي أم المدن الروسية”، في “اشارة الى المدينة القديمة كييفان روس (Kievan Rus)”. (هذه الإشارة يجب أن تكون قد أزعجت مسامع القوميين الأوكرانيين؛ كما يشير الباحث أندرو ويلسون {Andrew Wilson}، تأريخ الروس محفوف بمسألة الأصول الوطنية المتنازع عليها).

وأضاف بوتين، أنه عند الحديث عن انهيار الاتحاد السوفياتي، “ذهب الملايين من الروس (Russkii) ’للنوم في أحد البلدان، واستيقظوا في بلد آخر، ليجدوا أنفسهم على الفور أقليات عرقية في الجمهوريات السوفيتية السابقة، والشعب الروسي أصبح أحد أكبر، إن لم يكن أكبر، أمة مقسمة في العالم”.

بالتالي، أشار بوتين إلى نقطة تحول حاسمة في نظامه. انه لم يعد بصدد مجرد سيطرة الدولة الروسية، وهو رجل الكى جي بي (KGB) القديم الذي يريد استعادة مجد الاتحاد السوفياتي، حيث أن المحللين من معهد بروكينغز (Brookings) فيونا هيل (Fiona Hill) وكليفورد جادي (Clifford Gaddy) جادلا في السيرة الذاتية الرائعة في عام 2013. بدلا من ذلك أصبح بوتين قوميا عرقيا روسيا.

لم يعد بعيد المنال للاعتقاد بأن أوكرانيا قد تمضي في طريق يوغوسلافيا السابقة، كما قال الصحفي الألماني يوخن بيتنر (Jochen Bittner) في صحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء. إن احتمال العنف هناك بدوافع عرقية يلوح في الأفق.

لكن خطاب بوتين الثلاثاء يفيد بأن روسيا نفسها قد تتجه في هذا الاتجاه أيضا. قد يميل بوتين ليمضي في طريق سلوبودان ميلوسيفيتش (Slobodan Milosevic)، الزعيم الشيوعي في منطقة صربيا اليوغسلافية الذي، كما يدعي شيب غاغنون (Chip Gagnon) في مؤلّفه الحائز على جائزة الكتاب، قفز فجأة على عربة القومية لضمان مستقبل سياسي لنفسه فيما الحرب الباردة (Cold War) خفّت حدتها. في وضع بوتين، الحشود كانت في استقباله بالهتافات في الكرملين مساء يوم الثلاثاء يمكن أن يكونوا مصدر ارتياح له بعد التغطية الواسعة عن الفساد الذي ارتبط بأولمبياد سوتشي في العام الماضي.

سفك الدماء القومي قد لا يتوقف مع أوكرانيا. روسيا دولة متعددة الأعراق شهدت حوادث مثيرة للقلق من العنف القومي على مدى العقد الماضي، بما في ذلك مكافحة الشغب العرقي الكبير في إحدى ضواحي موسكو في الخريف حيث ظهرت الشرطة تتحيّز إلى جانب الذين هم من أصل روسي. هناك أيضا أقليات عرقية روسية كبيرة في معظم بلدان المنطقة السوفيتية. وهناك قام النشطاء العرقيين الروس بالفعل في منطقة ترانسدنيستريا (Transdniestria) من مولدوفا (Moldova) المجاورة — دولة بحكم الأمر الواقع بسبب تواجد القوات الروسية التي تقوم بحراسة حدودها مع بقية مولدوفا منذ عام 1992 — بتقديم الطلب للانضمام إلى روسيا أيضا.

هناك حدود لمدى كيفية إنتشار القومية العرقية الروسية بشكل معقول. كما أشار هنا غاليمجان كيرباسوف (Galymzhan Kirbassov) في قفص القرد (Monkey Cage)، وكازاخستان (Kazakhstan) وازنت حتى الآن المعادلة العرقية الروسية جيدا، والعرقيين الروس هناك عموما راضين. وعلى الرغم من أن إستونيا (Estonia) ولاتفيا (Latvia) لديها أقلية كبيرة من السكان العرقيين الروس الذي يغتاظون احيانا من سياسات المواطنة المحلية، وحقيقة أن كلا البلدين عضوين في حلف شمال الاطلسي (NATO)، فإن ذلك يحد من خيارات بوتين هناك.

ومع ذلك، فإن روسيا وعلاقتها مع العالم الخارجي قد تغيرت بشكل دائم. زعيم الدولة التي تملك ترسانة استراتيجية نووية ضخمة، يسيطر على جزء كبير من النفط،وغيره من المواد الخام في العالم، وحاصل على حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، قد كشف للتو عن استعداده لاستخدام القوة باسم القومية العرقيّة.

كان هذا هو الكابوس الذي أمل صانعو السياسة الغربية في تجنبه عندما انهار الاتحاد السوفياتي.

الصورة: موظف يشاهد خطاب ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقهى في سيمفيروبول، في شبه جزيرة القرم، 18 مارس/آذار، 2014. (توماس بيتر / رويترز)

المصدر:

http://www.washingtonpost.com/blogs/monkey-cage/wp/2014/03/19/vladimir-putin-ethnic-russian-nationalist/

Share Button