الشركس يرفضون الموقف العدائي

الشركس يرفضون الموقف العدائي

لقد غضّت السلطات الروسية الطّرف بشكل روتيني عن المشاكل والآثار المترتبة عن المصائب والمآسي التي حلت بالأمة الشركسية منذ نهاية الحرب المدمرة التي شنها عليهم قياصرة الإمبراطورية الروسية، مما أدى إلى الاحتلال وتنفيذ الإبادة الجماعية والتشريد، وذهبوا إلى حد كبير من الطغيان لتجاهل كل النتائج الكارثية، وضرورة حل جميع أفعالهم الخاطئة. ولإدراك الحقوق القانونية والشرعية؛ فإن عواقب الكوارث والمآسي التي حلت في الشعب الشركسي لن تنسى قبل استعادة الشركس لحقوقهم التي يكفلها القانون الدولي والميثاق العالمي لحقوق الإنسان وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية.

وقد تعرض الشراكسة لفترة طويلة -وبطريقة مستمرة لتأثيرات آلة الدعاية العدائية التي غرست عملية تشكيك مثيرة للاشمئزاز، والخرافات وإعادة توجيه الإهتمام، تنسق وتشغل أيضا من قبل الدوائر والأطراف المعروفة لهذه المهمة، التي تستخدم وكلاء وأتباع معروفين وسريين، لمتابعة ومراقبة الشركس في كل مكان، وحتى في المراكز العلمية والجامعات، سواء في الوطن أو في الشتات، ومعرفة الميل تجاه مواضيع شركيسيا ذات الصلة، والتي تتعلق بالشركس بشكل عام وبالقضية الشركسية على وجه الخصوص، من أجل التأثير على قيادة الدفة وتغيير المفهوم.

وفي سياق الدعاية والتّباهي؛ نشر مقال في العام 2015 من قبل جامعة سوتشي، بتمويل من وزارة التربية والعلوم في الفيدرالية الروسية، بعنوان القضية الشركسية: تحول المحتوى والتصور“.

http://www.academia.edu/15285565/Circassian_Question_Transformation_of_Content_and_Perception

والهدف من إصدار مثل هذه المعلومات هو إظهار عمل ملفق، يعتمد على بعض المراجع الموثوقة، ولكن في الوقت نفسه يفرض (معلومات) من وحي السياسات الرسمية الروسية التي تناقض الواقع والأحداث. وفيما يلي بعض التناقضات المذكورة:

يبرز في المقال استعمال المصطلحات الروسية الخاصة؛ مثل: تسمية الحرب الشركسيةالروسية بـ (الحرب القوقازية)، مع استعمال تواريخ خاصة بهم، وتجاهل حقيقة أن الحرب امتدت من 1763 إلى 1864.

الادعاء بأن ما يسمّى بالقضية الشركسية أصبحت موضوعا ساخنًا منذ منتصف العقد الاول من الألفية الثانية”، وأن ذلك يتعلق بحدث كبير هو ألعاب (سوتشي) الأولمبية التي اقيمت في العام 2014؛ فهذا الادعاءلا يقول إلا نصف الحقيقة؛ لأن النصف الآخر ينطوي على غضب الشركس في العام 2007 بسبب معارضة الاحتفالات الروسية لما سمي بـ(ذكرى مرور 450 عاماً على انضمام الشركس الطوعي لروسيا) الذي لم يحدث على الإطلاق.

أخطأ الرئيس الروسي في العام 2007 حينما ألقى خطابه أمام اللجنة الأولمبية الدولية؛ حيث أشار إلى الإغريق الذين وصلوا إلى الساحل الشركسي في الماضي البعيد، دون أن ياتي على ذكر وطن الشركس الاصليين.

كانت القضية الشركسية ساخنة منذ احتلال شركيسيا، وستبقى ساخنة للغاية حتى يستعيد الشركس حقوقهم المشروعة. وقد كان لألعاب (سوتشي) نتائج إيجابية بسبب الدعاية التي حصل عليها الشركس، عندما عرف المزيد من الناس في العالم عن شركيسيا وعن المآسي ألتي لحقت بالشركس، وقد انتشر هذا بمختلف لغات العالم.

القضية الشركسية كانت موجودة قبل (أولمبياد سوتشي)، وسوف تبقى موجودة لحين حلها؛ حيث أن السياقين التاريخي والثقافي ليسا سوى اثنين من عناصر المشكلة.

الجهة الفاعلة الرئيسة لحل الشؤون المختلفة من القضية الشركسية هم الشركس أنفسهم بكل مواقعهممدعومين بالوثائق والقوانين والشرعية شريطة أن يتم بحث العوامل بأثر رجعي.

كانت الحركات القومية الشركسية في الساحة، وسوف تستمر في محاولاتها استعادة الحقوق وفي حمل مشعل الحرية. وقد قام الشركس وسوف يستمرونبإحياء ذكرى يوم الحادي والعشرين من أيار (مايو) كيوم لتقدير الأجداد الشراكسة.

سيستمر الشركس في نضالهم السلمي بصرف النظر عن العقبات التي يتم وضعها في طريقهم إلى شركيسيا. والقول بأن العوامل السياسة الخارجية وإدراك القضية الشركسية على الساحة الدولية كان له من ناحية تاريخية نتيجة محددة سلفا”؛ صحيح بمعنى أن الشركس لن يفرطّوا في حقوقهم في تراب وطنهم.

لقد حققت الإمبراطورية الروسية حلمها في احتلال الوطن الشركسي، لكن السلطات الروسية دائما ما أرادت وضع اللوم على الآخرين، وفي حين أن الدولة الروسية تحتل الوطن الشركسي؛ لا تزال ترفض إعادة الحقوق إلى الشركس الأصليين.

فرضت روسيا نفسها على أنها عدو شرس للشركس، في حين أن الشركس لا يمكن أن يبحثوا عن غيرها من الاعداء؛ لكن المنطق يفرض أن يسعوا للبحث عن الأصدقاء الذين سوف يعترفون بالمآسي التي حلت بهم، وسيساعدونهم في الحصول على حقوقهم في المحافل الدولية.

التحليل أحادي الجانب الذي يصف فضاء شبكة الإنترنت باللغات الروسية، والشركسية، والتركية، والعربية والإنجليزية”؛ يكشف خلاف ما هو مبين؛ لأن الاتجاه نحو وسائل التواصل الاجتماعي -مثل الفيسبوك وتويتر أدى إلى إنشاء مئات الصفحات والمواقع الشركسية.

هناك موقف عدائي مسبق ضد أي شخص معني في حقوق الشعب الشركسي، أو يسعى للتفكير في ذلك، أو يحاول معالجة القضايا الشركسية المتعلقة بالهوية والتراث التاريخي وبقاء الامة الشركسية. هذا الموقف يتم توسيعه حتّى لتوجيه التهم والافتراءات جزافا ضد العلماء والمؤرخين والكتاب والناشطين في مجال حقوق الإنسان والمحللين السياسيين ومعاهد البحث والتحليل. كما يتم توجيه انتقادات محمومة لمن يجرؤ على معالجة أو استعراض موضوع القضية الشركسية بأسلوب أكاديمي وتاريخي.

إن الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية قد أقلق أولئك الذين اعتبروا بأنّهم يخضعون للمساءلة وفقا للقوانين والأعراف المحلية والدولية، غير أن ذلك ليس لارتكابهم هم أنفسهمللفظائع والإبادة الجماعية، ولكن لقبول المسؤولية القانونية والمادية الملقاة على عاتق الدولة. وبسبب الفشل في التعامل مع القضايا الحقيقية للشعب الشركسي؛ تم التجاهل والإصرار على عملية الإنكار، على الرغم من وجود الحقائق الملموسة والأدلة التي لا يمكن التغاضي عنها أو التحايل عليها. كل ذلك يعود إلى الفشل في التعامل مع هذا الموضوع بطريقة إنسانية بحتة.

إن ذلك تجاهل للقوانين والأعراف الدولية إزاء استمرار عدم الاعتراف بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وعقد دورة الالعاب الأولمبية الشتوية في شباط (فبراير) 2014 في (سوتشي) على أرض تضم رفات الشركس الذين قتلوا على يد القوات الغازية. إن الشراكسة في جميع أنحاء العالم يؤمنون بـ “شركيسيا حرة الآن“.

المجلس الشركسي العالمي.

في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) 2016

                                                         إياد يوغار                                                                           عادل بشقوي

Share Button