موسكو تقوم بتدبير “إبادة جماعية شركسية” أخرى في سوريا

موسكو تقوم بتدبير “إبادة جماعية شركسية” أخرى في سوريا

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor)

15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016

ترجمة: عادل بشقوي

16 نوفمبر/تشرين الثاني 2016

(Source: interpretermag.com)
(Source: interpretermag.com)

قتلت الحكومة الروسية أو طردت ما يقرب من كامل الأمة الشركسية من شمال القوقاز في عام 1864، بعدما قاومت هذه المجموعة تقدم الإمبراطورية الروسية هناك لأكثر من قرن من الزمان. وحتى يومنا هذا، فإن الشركس يتذكرون ذلك بأنه “إبادة جماعية”. والآن، فإن الحكومة الروسية ترتكب فعل مماثل برفضها الاعتراف بأن الشركس في سوريا لديهم الحق في أن يتم الاعتراف بهم كلاجئين. وعلاوة على ذلك، فإن روسيا منعتهم من مغادرة ذلك البلد الذي مزقته الحرب، حيث أن موسكو مشتركة في الحرب، وتمنعهم من اعادة التوطن في وطنهم التاريخي. والسبب في هذه السياسة غير الإنسانية، وبحسب ما يقوله النشطاء الشركس، فإن الشركس في سورية منذ 150 عاما يُعتبرون “شهادة حيّة على التهجير [ذو طابع الإبادة الجماعية] [لأمتهم] إلى الإمبراطورية العثمانية”.

قبل بداية الحرب في سوريا، كان هناك ما يقرب من 50،000 شركسي يعيشون ضمن حدودها. والآن، وفقا لنشطاء من الشركس، يبقى هناك أكثر من 20،000. قتل بعضهم، والعديد منهم بالفعل أفراداً نازحين داخليا (IDP)، ولكن الأكثرية من الثلاثين الفاً منهم الذين يعتبروا في عداد المفقودين فروا إلى الخارج— الأغلبية الساحقة منهم ذهبوا إلى تركيا والأردن والدول الأوروبية. وقد استوعبت روسيا منهم رسميا أقل من 3000، على الرغم من أن شمال القوقاز هو الوطن التاريخي للشراكسة وعلى الرغم من أن أكثر بكثير منهم سعوا للحصول على إذن بالدخول. إلا أن العدد الدقيق للشركس من سوريا في شمال القوقاز غير مؤكد لأنه يبدو أن هناك أشياء أكثر من ما تعرف عنه السلطات الروسية (Caucasustimes.com, November 10).

لكن ليس هناك شك في أن موسكو أدارت وجهة معظهم بعيدا. في هذا العام، على سبيل المثال، حدّد المسؤولون الروس كوت هي 65 لعدد الشركس الذين يمكنهم العودة إلى جمهورية أديغيا. وعلاوة على ذلك، يقول مسؤولون في مايكوب أنه “لم يتلقى أحد وضع لاجئ، لكن تم إبعاد شخصين لمخالفتهما القوانين الروسية، وغادر أربعة منهم روسيا” من تلقاء أنفسهم. وقد تم منح الباقين ال 59 تصاريح إقامة مؤقتة فقط.

الجماعات الشركسية، مثل الجمعية الشركسية العالمية، دعت موسكو طويلا لمعاملة الشركس من سوريا كحالة خاصة، لكن وزارة الخارجية الروسية رفضت ذلك تماما. ونتيجة لذلك، وضعت سياسات موسكو الشركس من سوريا الذين يريدون القدوم إلى شمال القوقاز في وضع لا يحسدون عليه. فمن جهة، أولئك الذين يصلون إلى شمال القوقاز على أساس الكوتا لا يمكنهم أن يطلبوا اللجوء على هذا النحو، خشية أن يخسروا كل الضمانات الاجتماعية. ومن ناحية أخرى، لأن بعض الشركس السوريين يتقنون الروسية، يجري منعهم تقريبا من الإندماج في فضاء روسيا القانوني حسب الطريقة التي يستطيع بها الطاجيك أو الأوزبك عموما من عمل ذلك—وهذه حقيقة أغضبت الشركس على نحوٍ خاص وسلطت الضوء على الطريقة التي تستخدمها موسكو للإستفراد بهم.

ونتيجة لذلك، يقول النشطاء الشركس، بأن العديد من الشركس الذين لا يتمكنون من القدوم إلى روسيا يشعرون بأنهم مجبرون على العودة إلى ديارهم، على الرغم من العنف والتهديد بالقتل الذي يخيم عليهم هناك. ووفقا للصحفي من مايكوب أنزور داور (Anzor Daur)، “في هذا الوقت هناك أزمة في عودة الشركس إلى الوطن”. العديد من قادتهم، حسبما يقول، اصيبوا باليأس الآن من أنهم سيتمكنون من المحافظة على الشركس من سوريا أو حتى أنّهم سيكونون قادرين في المستقبل، على إستعادة وطن الأمة الشركسية كما كانوا قد سعوا منذ وقت طويل (Onkavkaz.com, November 13).

لا الناشطين في مجال حقوق الإنسان الروس ولا الغربيين كرسوا اهتماما ذو أهمية لهذه المأساة المستمرة. لكن زعماء الجماعات الشركسية ليسوا فقط يدركون ذلك تماما، بل في الواقع، يشعرون بالقلق من ان ذلك قد يشير إلى نهاية آمالهم في إحياء الأمة وإنشاء وطن شركسي معترف به في شمال القوقاز. وقام داور بإجراء مقابلة لموقع (OnKavkaz.com portal)، مع إثنين من هؤلاء القادة الشركس. وتسلط كلماتهم الضوء بوضوح على الطريقة التي تسهم سياسات موسكو في هذا النحو إلى التدمير النهائي لشراكسة سوريا (Onkavkaz.com, November 13).

واشار تيمور جوجوييف (Timur Zhuzhuyev)، رئيس منظمة شباب الأديغه خاسه في كراشيفو-شركيسيا (Karachaevo-Cherkessia) أن أحد الأسباب التي كانت روسيا بسببها قادرة على التهرب من ذلك الإستحقاق هو أن موسكو لم تقم في الواقع بصياغة سياسة واضحة لابقاء شركس سوريا خارج روسيا. على الرغم من أنه لم يتمكن من القول “بأن هناك قراراً غير معلن من السلطات الروسية بأن لا يسمح للشركس بالعودة”، وقد بذلت موسكو كل ما في وسعها تقريبا لإبقائهم في الخارج، من خلال وضع الحواجز في طريقهم. وفي الوقت نفسه، فإن الشركس في سوريا يموتون؛ ولا أحد يطالب بأن يتم القيام بشيء حيال ذلك.

ويبدو آدم بوغوص (Adam Bogus)، رئيس منظمة أديغه خاسه في جمهورية أديغيا (Republic of Adygea)، أكثر تشاؤما بكثير. وقال إنه بعد إحراز بعض التقدم في الفترة التي سبقت والتي تلت على الفور أولمبياد سوتشي الشتوية الأولمبية لعام 2014، كانت كل الجهود تقريبا معقودة لتحسين الوضع مع الشركس في شمال القوقاز والسماح لشركس سوريا وأماكن أخرى للعودة، وقد “توقف ذلك عمليا بشكل تام”.

وقال، “أنا بالفعل لا اصدق بإعادة بعث الشركس من جديد. لقد عمل فلاديمير بوتين على تنفيذ مهمة تشكيل أمة تشمل كل الروس، والتي يجب أن تستوعب جميع الشعوب الأخرى في البلاد. وقال نحن بالتأكيد، سوف نكون على شفا هذه الجبهة وعلى هذا السبيل من الإنصهار”. وهكذا، فإن الآفاق للشركس من سوريا والأمة الشركسية ككل تظهر قاتمة جدا في واقع الحال.

ستكون مأساة إذا، وبعد لفت انتباه العالم إلى الأحداث المأساوية لعام 1864(see EDM, May 6, 2013; May 27, 2014)، فإن الشركس في شمال القوقاز وأماكن أخرى أثبتوا عدم القدرة على فعل الشيء نفسه فيما يلوح في الأفق احتمال “الإبادة الجماعية” لمواطنيهم في سوريا في عام 2016.

المصدر:

https://jamestown.org/program/syria-moscow-orchestrating-another-circassian-genocide/

Share Button