موسكو وليس الغرب تُبقي القضية الشركسية حيّة إلى حد كبير

الاثنين 9 مايو/أيار 2016

موسكو وليس الغرب من يبقي القضية الشركسية حيّة إلى حد كبير

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

10 مايو/أيار 2016

            ستاونتون، 9 مايو/أيار — افترض الكثيرون في كل من روسيا والغرب أن القضية الشركسية، التي ينبغي أن تتضمن الاعتراف بالإبادة الجماعية التي وقعت في عام 1864 واستعادة حقوق الشعب الشركسي في وطنه الواقع في شمال القوقاز، أنّها سوف تتلاشى بعد نهاية أولمبياد سوتشي، وهو حدث استخدمه الشركس في جميع أنحاء العالم لتسليط الضوء على محنتهم.

            لكن في حين أن التغطية الإخبارية عن الشركس قد انخفضت بالتأكيد في العديد من الأماكن، لكن شؤونهم لم تذهب بعيداً — وليس بسبب مؤامرة غربية ضد روسيا كما يعتقد بعض الكتاب الموالين للكرملين بل بسبب قمع موسكو المستمر للشركس في وطنهم الواقع في شمال القوقاز.

            هذه الأمور لن تختفي ليس فقط لأن أكثر من نصف مليون نسمة في شمال القوقاز، وأكثر من خمسة ملايين في الشتات، لكن أيضا لجميع أولئك الذين يهتمون بالعدالة. ونتيجة لسياسات موسكو الخرقاء والقمعية، فمن المرجح أن تصبح أكثر وضوحا في الأشهر المقبلة.

            هذا بالطبع ليس كيف يرى ذلك معظم المعلقين الروس. بدلا من ذلك، فإنّهم يستخدمون أساليب النمط السوفيتي النموذجية في إلقاء اللوم على ضحايا سياسات موسكو أو تقديم أي شيء لا يعجبهم بأنه نتيجة لمؤامرة غربية ضد روسيا وبان هذه أو تلك المجموعة يجري حثّها لأن تدرك بأنها ليست سوى احجار شطرنج في أيدي الآخرين.

            والمثال الكلاسيكي الجديد لهذا النهج هو مقال لِيانا أميلينا (Yana Amelina) من نادي القوقاز الجيوسياسي (the Caucasus Geopolitical Club) في موقع “روسكايا بلانيتا” (Russkaya planeta) بعنوان “الجثة المجلفنة للقضية الشركسية (rusplt.ru/views/views_158.html).

            وتقول إن “أحداث الأشهر القليلة الماضية تبين أن هناك من يسعى لإعطاء حياة جديدة إلى ما يسمى بِ {القضية الشركسية} التي ظهر بأنها قد دُفنت نهائياً في فترة التحضير لدورة ألعاب سوتشي الاولمبية الشتوية في عام 2014” وأن من يقفون وراء الشركس الذين يطلبون ذلك مرة أخرى هي “قوى أجنبية” في بريطانيا وتركيا.

            إن الاحتفال للسنة السادسة على التوالي بيوم العلم الشركسي في (جمهوريات) أديغيا، وقباردينو-بلكاريا وكراشييفو-شركيسيا بالمواكب السيارة والاجتماعات والحفلات الموسيقية، حسبما تقول أميلينا، هي ببساطة أحدث مثال على الجهود التي تبذلها الخدمات الخاصة لبريطانيا وتركيا وأصدقائها في جورجيا لكي تسبب المتاعب لروسيا.

            “رسميا،” تضيف، كانت تهدف هذه الوقائع إلى “زيادة اهتمام الشباب في تاريخهم.” لكن في الواقع كانت تهدف إلى جذب الاهتمام الدولي وتسييس قضية لا ينبغي أن تكون، كما تضيف المعلقة الروسية. ليس لديهم ما يفعلون بشأن تعزيز الهوية الوطنية الذاتية.

            وفقا لأميلينا، فإن كلا من بريطانيا وتركيا قد “يم تجلبا للشركس سوى المصائب — بريطانيا عن طريق دفع قادة الشركس في نضال يائس مع الإمبراطورية الروسية، وتركيا عن طريق استخدامهم حصراً في مصالحها، وفي الواقع محو هويتهم الوطنية.” ولسوء الطّالع، كما تقول، لا يدرك كل الشركس ذلك.

            وتشير إلى أن منظمة شركسية جديدة، وسياسة شركسية، قد نشأت في الولايات المتحدة والتي قادتها، تم تشجيعهم بالمال الغربي والخدمات الخاصة، يعملون بعدوانية على نحو متزايد تجاه روسيا. “نحن لا ننوي أن نسأل أي شخص عن أي شيء بعد الآن،” أعلن أحد قادتها. “نحن عازمون على النضال من أجل مكاننا تحت الشمس بكل الوسائل المشروعة.”

            المجموعة مثيرة للاهتمام من حيث أنها تسعى إلى تشجيع اللاجئين الشركس بان يتدفقوا من أماكن توطنهم الحالية في الغرب، حيث أن موسكو قد منعت إلى حد كبير عودة هذا المجتمع إلى وطنه التاريخي، وهو النمط الذي تشير إليه أميلينا بحيث تؤكد اتصال “الناشطين الشركس الجذري مع خدمات أجنبية خاصة.”

            (بالنسبة لأولئك الذين يريدون ما تعتبره الحقيقة في ذلك، تقترح أميلينا قراءة التقرير المغرض للغاية الذى أُعىِدَّ مسبقاً من قبل معهد روسيا للدراسات الاستراتيجية (RISI) لأولمبياد سوتشي بعنوان “القضية الشركسية والعامل الخارجي (riss.ru/events/2031/)، واستخدم ذلك على نطاق واسع من قبل المعلقين الموالين للكرملين في ذلك الوقت.)

            وباختصار، تلقي أمالينا باللوم على المشتبه بهم المعتادون — أجهزة الاستخبارات الغربية — لإعادة إحياء القضية الشركسية. لكن في الواقع، فإن تصرّفات موسكو ضد الشراكسة تلعب دورا أكبر من ذلك بكثير. ومن بينها في الأشهر الأخيرة ما يلي:

· المخاوف في أديغيا من أن موسكو إذا أعادت تفعيل حملة الدمج الإقليمي فسوف يتم التّخلّص من تلك الجمهورية الشركسية “ماتريوشكا” وهي الوحيدة التي تحمل اسماً مشتركاً لكافّة الشراكسة، الذين يعتبرون تسميتهم الذاتية أديغه.

· الغضب بأن موسكو لن تسمح الآن لمزيدٍ من الشركس من سوريا التي مزقتها الحرب في العودة إلى أراضي أجدادهم في شمال القوقاز وأن الحكومة الروسية قد تفاضت عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في الأراضي الشركسية.

· موجة من الاعتقالات في صفوف النشطاء الشراكسة الذين جاءوا من بلدان أخرى، بما في ذلك عدنان خواد، الذين لفّقت ضدهم السلطات الروسية الاتهامات وكذلك بشأن الشركس في شمال القوقاز والشتات الذين يتحدّثون في العلن ( natpressru.info/index.php?newsid=10391 و cherkessia.net/news_detail.php?id=6948).

· وكان آخرها رفض السلطات في نالتشيك فتح قضية جنائية ضد أشخاص مجهولين دنّسوا تمثالاً هناك كُرّساً لذكرى ضحايا حرب القوقاز، الذين كان من أبرزهم الشركس (nazaccent.ru/content/20583-policiya-nalchika-ne-budet-rassledovat-oskvernenie.html).

إذا استمر المسؤولون الروس في التصرف على هذا النحو، فإنهم وليس أية يد أسطورية من “الخدمات الغربية الخاصة” سيضمنون أن “القضية الشركسية” سوف تبقى حيّة وهامّة لفترة طويلة قادمة.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2016/05/moscow-not-west-keeping-circassian.html

Share Button