بقلم: عادل بشقوي
16 يناير/كانون الثاني 2019
صادفت مقالا مثيرا للاهتمام اعجبني موضوعه بعنوان ”سوتشي والقضيّة الشركسية“(1)،والمؤرخ بتاريخ 27 فبراير/شباط 2014. لقد استوقفني واستهواني ما تم نشره وذكره فيأحد العناوين الفرعية للمقال، بعنوان ”عاصمة شركيسيا“، الذي أعلن فيه قيام جمهوريةشركسية. “بما أن القوات العسكرية الروسية تجاوز عددها القوات الشركسية بعدة مرات،فإن الكونفدرالية واجهت ضرورة إيجاد دولة تتسم بكفاءة أكبر. وفي 13 يونيو/حزيران1861، أصبحت شركيسيا دولة اتحادية تتألف من ثلاث مقاطعات فيدرالية: أوبيخ،وشابسوغ وناتوخاي. تم انتخاب خمسة عشر عضوا في البرلمان (الذي سُمِّي مجلس)، والذيأُنشئ في سوتشي. نشرت صحيفة نيويورك تايمز في 4 سبتمبر/أيلول 1861، أنالشراكسة أعلنوا قيام الجمهورية“.(2)
انبثقت حقائق من رحم الحرب الروسية-الشركسية والمآسي المرتبطة بها والدمار والخرابالذي أصاب الوطن الشركسي بأكمله. ويقضي المنطق والحس السليم الصمود والثبات علىالمواقف القومية الثابتة للمطالبة بالحقوق المشروعة، وكشف الحقائق التي لا يمكن إنكارها إلامن قبل الجاحدين والانتهازيين. هؤلاء القلة من الأفراد مشكّكين وعاجزين ونرجسيينومهووسين. وفي الوقت نفسه فإنهم مستعدون لمواصلة البحث عن أهدافهم الشخصيةوالأنانية لاتخاذ مواقف هشة ومريبة ومشكوك في شرعيتها، التي هي غير قانونية فيالتعامل مع نتائج احتلال الوطن. ناهيك عن التشريد القسري، وهو واجب على عاتق الدولة المحتلة أن تتصدى له وفقا للقوانين والأعراف الدولية.
ما سبق فهو في مصلحة وفي جوهر تأكيد وتماسك الحقوق الشركسية، في حين لا يمكنتجاهل الواقع ولا يمكن إخفاء الحقائق الملموسة. ويتم ذكر المراحل النهائية للإستيلاء علىشركيسيا والعقلية الاستعلائية والنبرة العدوانية التي تُذكِّر بالغزو المغولي للمناطق الروسيةوالاستيلاء عليها لأكثر من مائتي عام وحكم الحديد والنار الذي لم يتعلم منه الروس الدروسولم يجعلهم اقل فتكا ووحشية من الذين تعاملوا معهم واستعبدوهم وفق الطرق والوسائلالفظّة وغير الانسانية.
في نفس المقال وفي العنوان الفرعي ”أمة مذبوحة“، يتم التحقق من مزيد من المعلومات. ”خوفا من تدخل القوى الأوروبية، شنت الحكومة الروسية أخيرا، هجوماً نهائياً لحل القضيّةالشركسية. وصرح وزير الحرب دميتري ميليوتين بشكل علني في عام 1863 بأنه {إن لم يكنباستطاعة الجبليين أن يكونوا متحضّرين، فإنّهُ يجب إبادتهم}. وكشفت أبحاث حديثة عنوثائق تُظهر أدلة مماثلة على أن صانعي القرار الروس رفيعي المستوى كانوا مستعدينلاقتراف جرائم القتل الجماعي. ويقتبس الباحث والتر ريتشموند عن الفيلد مارشال العامالكسندر باراتينسكي (Aleksandr Bariatinskii) وهو مشارك نشط في حروب القوقاز،حيث يقول: {يجب أن نفترض أننا سنحتاج إلى إبادة الجبليين قبل أن يوافقوا على مطالبنا} (Richmond 2013, 71)“(3).
ما سبق هو في مصلحة وفي صميم تأكيد وتماسك الحقوق الشركسية. ”لم تولد شركيسياعبر ظروف أو نزوات أو أوهام، ولم يتم إنشائها عن طريق إخضاع الأبرياء والمظلومين. بلعلى العكس من ذلك، فهي معروفة في التاريخ بأنّها وطن الشعب الشركسي الأصلي الذيشارك في عملية تقدم الحضارة الإنسانية. وخلال هذا النهج، كان عليهم تحمل أثمان باهظةللحفاظ على ذاتهم ووجودهم كإحدى أمم القوقاز في حين تم تحديد هويتهم من خلال وطنهمالمميز“(4).
من الواضح أنه لا يمكن تجاهل الواقع، ولا يمكن إخفاء الحقائق الملموسة. وفق مقولة عربيةمماثلة: ”الشمس لا تغطّى بغربال“(5) وكتب غسان كنفاني في إحدى رسائله إلى غادةالسمان: ”سأظل أناضل لاسترجاع الوطن لانه حقي وماضيّ ومستقبلي الوحيد… لأن ليفيه شجرة وغيمة وظل وشمس تتوقد وغيوم تمطر الخصب… وجذور تستعصي علىالقلع“(6). ومن الممكن التحلي بالتفاؤل والإيمان بأنّهُ ”ستكون هناك شركيسيا“.
المراجع:
(1)
(https://imrussia.org/en/nation/676-sochi-and-the-circassian-issue)
(2)
(https://imrussia.org/en/nation/676-sochi-and-the-circassian-issue)
(3)
(https://imrussia.org/en/nation/676-sochi-and-the-circassian-issue)
(4)
(Page # 2, Circassia: Born to be Free, by: Adel Bashqawi)
(5)
(http://arabproverb.blogspot.com/2011/01/blog-post.html)
(6)