في ظل سوتشي: شمال القوقاز في عام 2013

في ظل سوتشي: شمال القوقاز في عام 2013

7 يناير/كانون الأوّل 2013

بول  غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

24 يناير/كانون الثّاني 2014

 

المصدر: وكالة ريا نوفوستي

شكا مسؤولون روس مرارا وتكرارا على مدى الإثني عشر شهراً الماضية أن المحللين في كل من روسيا والغرب سوف يربطون، سواءاً بشكل ملائم أم لا، بكل ما يحدث في روسيا قبل فبراير/شباط 2014 مع أولمبياد سوتشي. قد يكون هناك بعض المبررات لهكذا شكاوى بشأن أحداث بعيدة عن موقع الألعاب. لكن، وكما أصبح واضحا على نحو متزايد، كل شيء فعلته موسكو في سوتشي نفسها أو في كافّة أنحاء شمال القوقاز والمناطق المجاورة، كان مع التّركيز على تأثيره على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقبلة. وبالفعل، فإن النتيجة تعتمد، إلى حد كبير، على تهدئة تلك المنطقة أوعلى الأقل منع وقوع هجوم إرهابي كبير .

لكن موسكو لم تتمكن من تحقيق أهدافها سواء بالقوة أو عن طريق الفساد، ويتّضح ذلك من استمرار العنف في المنطقة، والإنفجار المزدوج في فولغوغراد، وأوجه القصور الواضحة في الترتيبات الأمنية في سوتشي، كما سلط عليها الضوء خلال تمرين روسيا على مكافحة-الإرهاب في نوفمبر/تشرين الثّاني 2013 (http://blogsochi.ru/content/katok-antiterroristicheskikh-uchenii-%22olimpiada-2014%22-proekhal-po-kubani-i-adygee). وعلاوة على ذلك – قد يثبت هذا ليكون التّطوّر الأكثر أهمّيّة – ازداد كل من التعبئة والعنف الإثني والديني في أجزاء كثيرة من المنطقة. وقد أدى ذلك لأن يقوم البعض في المجتمع الروسي في ستافروبول وغيرها من المناطق المجاورة لشمال القوقاز للتوصل إلى نتيجة مفادها أنّهم يحتاجون لأن يتولوا زمام الأمور بأيديهم ((see EDM, November 11, December 11, 2013). ومثل هذه النتيجة يمكن لها فقط أن تجعل الوضع أسوأ، غير انّها تحدٍ آخر لم  تحدّد السلطات الروسية حتى الآن كيفية الرد عليه.

بالتّأكيد، في بداية عام 2014، المخاوف على نطاق واسع من أنه سيكون هناك المزيد من الحوادث الإرهابية في الأسابيع المقبلة، والتي من شأنها أن تجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشن حملة أمنية واسعة في جميع أنحاء شمال القوقاز بعد ألعاب سوتشي، بمجرد ابتعاد اهتمام المجتمع الدولي (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 6 يناير/كانون الثاني). من المرجح لمثل هذا العمل أن يؤدي الى دورة متفجّرة من العنف وحتى إلى حرب أخرى لما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في المنطقة. لكن بوتين قد يواجه مشاكل خطيرة من قبل الروس اذا حاول ذلك: ما يقرب من ثلاثة من أصل كل أربعة من الروس العرقيّين، وفقا لاستطلاعات ليفادا (Levada polls)، ضاقوا ذرعا لانفاق موسكو في شمال القوقاز (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 11 ديسمبر/كانون الأوّل).

خمسة تطورات رئيسية في شمال القوقاز في العام الماضي يرجح أن يكون لها تأثيراً هاماً على الطريقة التي تتّبعها هذه الإتّجاهات في عام 2014 .

الأول، حتى قبل أن يحصل أول المتنافسين على نقاطهم، كانت سوتشي كارثة بالنسبة لبوتين وموسكو في ثلاث اتّجاهات. فقد استقطب انتباهاً دولياً بسبب الفساد والمخالفات التي تميز بها حكم الرئيس الروسي وإلى عدم الاستقرار وهشاشة الحكم الروسي في القوقاز. وقد سمح ذلك للشركس بأن يجذبوا الانتباه الدولي لقضيتهم من خلال الإشارة للعالم أن الألعاب تقرر إجراؤها في الموقع الّذي نفذت القوات الروسية فيه “الإبادة الجماعية” ضد أمتهم قبل 150 عاما. وأدى ذلك إلى نقاشٍ لمجموعة متنوعة من القضايا الأخرى التي تكون فيها حكومة الفيدراليّة الرّوسيّة ليست على خطى أوروبا وجزء كبير من المجتمع الدولي، بما في ذلك المثليين. ما كان من المفترض أن يعزز روسيا وبوتين هو بالتالي أثّر تأثيراً معاكساً تماماً (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 5، و13، و26، سبتمبر/أيلول، 2013).

الثاني، إن جهود موسكو للسيطرة على الوضع من خلال إلغاء الإنتخابات واستبدال قادة بعض جمهوريات شمال القوقاز قد جاءت بنتائج عكسية. وتوقع العديد من المحللين في عام 2012، وحتى في وقت أبكر ان موسكو سوف تتجنب تغيير القادة في شمال القوقاز قبل سوتشي خشية أن يؤدي ذلك إلى المزيد من عدم الاستقرار. لكن الوضع تدهور إلى حد في بعض الأجزاء في المنطقة أن السلطات الروسية شعرت بأنّه لم يكن أمامها خيار سوى استبدال قادة داغستان وقباردينو – بلكاريا وإلغاء الانتخابات المباشرة لرؤساء الجمهوريات في كل مكان تقريبا. ولكن أياً من التّغييرات لم يعزز الاستقرار؛ بالتّأكيد، التوقعات التي جاءت في وقت سابق من احتمال وقوع الكوارث يبدو أنها تفرض نفسها (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 12 سبتمبر/أيلول، 2013).

الثالث، إن إهمال موسكو في التعامل مع تجنيد أبناء شمال القوقاز لم يلقي الضوء فقط على  المدى إلّذي لم يعد الروس ينظرون إلى تلك المنطقة كجزء من بلادهم ولكن أيضا كثف من مشاعر سكان شمال القوقاز انهم منفصلون وينبغي لهم أن يكونوا مستقلين. في السنوات الأخيرة، وردا على مخاوف القادة الروس بأن المجندين القوقازيين لم يكونوا سوى مشاكل لروسيا، فإن موسكو قضت تقريبا على التجنيد في تلك المنطقة. ولكن القادة الإقليميين، يشعرون بالقلق إزاء البطالة الهائلة في أوساط الشباب واحتمال انضمامهم للمسلحين اذا لم يجنّدوا، أجبر ذلك موسكو على إعادة النظر وقيامها بتجنيد البعض، على الرغم من أن العدد أقل بكثير ممّا يبرّره أعدادهم. ونتيجة لذلك، تواجه الحكومة الروسية الأسوأ من كل البشر: الغاضبون من شمال القوقاز وروس غاضبون حيث أنّهم يشعرون بالاستياء لأنهم يدفعون ضريبة يجدون المواطين في شمال القوقاز معفيين إلى حدً كبير منها (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2013).

الرابع ، إن الأحداث الّتي وقعت هذا العام أفقدت مصداقية الجهود التي يبذلها البعض في موسكو وفي شمال القوقاز لاستخدام أساليب “ليّنة” لإعادة دمج المعارضين للنظام ودفعت روسيا إلى الاعتماد شبه الكلي على القوة. داغستان، على سبيل المثال، قدمت، ثم تم سحب برامج لإعادة دمج المسلحين فضلا عن تعزيز الحوار بين ممثلي الاتجاهات الإسلاميّة المختلفة (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 22 نوفمبر/تشرين الثّاني، 2013). وفي الوقت نفسه، البعض الآخر في الأفق السياسي الروسي يظهر على قناعة بأن القوة فقط هي الّتي ستعمل، على الرغم من أنها لم تفعل ذلك حتى الآن. بدلا من ذلك، فإنّ انشغال روسيا في استخدام القوة وبذل المزيد من أجل تنفير شعوب شمال القوقاز جعل من غير المرجح أن تصنع سلاماً بشروط روسيّة.

والخامس، فإن العنف قد نما وتقلّصت الجماعات المسلحة من وحدات كبيرة إلى خلايا أصغر (انظر إلى أوراسيا ديلي مونيتور، 8 نوفمبر/تشرين الثّاني، 2013). وبالتالي، وجدت روسيا نفسها من دون القوات أو على الأقل قلّة هياكل القوة اللازمة لمكافحة أنواع الهجمات—الآخذة في الإرتفاع مرةً أخرى في المنطقة—الّتي سوف تصفها موسكو دائما بأنها إرهابية وإسلامية، حتى عندما تكون في بعض الحالات لا هذه ولا تلك .

كان العام 2013 بالتالي خطوة أخرى للتدهور نحو إضمحلال القوة الروسية في شمال القوقاز؛ ويبدو عام 2014 بأنّه سيشهد حتّى تدهوراً أكبر .

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/nc/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=41783&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=53955e1a7770be11bebf2eeed29cc73d

Share Button