الشّركس مستاؤون من معاملة موسكو الخاصة للعرقيين الرّوس

23  يوليو/تموز 2014

الشّركس مستاؤون من معاملة موسكو الخاصة للعرقيين الرّوس

الكاتب: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)

ترجمة: عادل بشقوي
27 يوليو/تموز 2014
لاجئين من أوكرانيا في روسيا (المصدر: وكالة آر آي إي  نوفوستي)
(لاجئين من أوكرانيا في روسيا (المصدر: وكالة آر آي إي نوفوستي

اتهم رئيس المنظمة الشركسية أديغه خاسه (Adyge Khase) في كراشيفو-شركيسيا (Karachaevo-Cherkessia) السلطات الروسية بتطبيق سياسة الكيل بمكيالين في ما يتعلق بمساعدة المواطنين في الخارج. ووفقا لمحمد شيركيسوف (Muhamed Cherkesov)، فقد تم السماح فقط لحوالي 30 لاجئا شركسياً من سورية للإستيطان في كراشيفو-شركسيا، في حين انّه سمح على مدى الأشهر القليلة الماضية لما يقدر بنحو 350 لاجئاً من أوكرانيا للقدوم إلى الجمهورية. وقال شيركيسوف بأن السلطات لم تقدم أي مساعدة للاجئين الشركس، ولم يتلق أي من اللاجئين السوريين وضع لاجئ رسمي لأن السلطات رفضت إضفاء صفة لاجئ سياسي لأولئك الفارين من الحرب الأهلية هناك. “أنا مسرور لأن السلطات أظهرت حسن الضيافة تجاه الأوكرانيين على الرغم من انهم فعلوا ذلك بناء على أوامر من السلطات العليا،” حسبما قال شيركيسوف. واضاف، “لكني لا أؤمن في هذه الضيافة كثيراً، لأن الضيافة لا يمكن أن تكون إنتقائيّة. إذا كان عند السلطات حسن ضيافة، فإنه كان من الممكن إظهارها في ما يتعلق باللاجئين السوريين أيضا. إن هذه ضيافة للمفاخرة. إذا لم يساعدوا (الشّراكسة) السوريين، فعلى الإقل دعهم يساعدوا الأوكرانيين، أيا كان الدافع الحقيقي لذلك”. وذكر الناشط أن الشراكسة لم يكونوا متفاجئين من موقف الحكومة الروسية الرافض تجاه مصالحهم. و”في روسيا كانت كل القرارات دائما تتّخذ من قبل شخص واحد. قلب رئيس الدّولة الحالي مكفهر فيما يتعلق بالشركس. لذلك نحن لا نتوقع أي مساعدة بعد الآن، على الرغم من أنني لا أعرف ما فعله الشراكسة لروسيا لأن يسبب مثل هذا الموقف نحونا (politika09.com, July 17).

قبل الغزو الروسي في القرن التاسع عشر، شغل الشراكسة مناطق واسعة من ساحل البحر الأسود والأجزاء الغربية والوسطى من شمال القوقاز. قضى الجيش الروسي بشكل منهجي على السكان الشركس في وطنهم، بقتل المدنيين، وتدمير موارد معيشتهم وترحيل بقية السكان إلى الإمبراطورية العثمانية. ونتيجة لذلك، فإن غالبية العرقيين الشركس يعيشون اليوم في الخارج —  في تركيا والأردن وسوريا وألمانيا والولايات المتحدة وبلدان أخرى. منحت دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي في وقت سابق من هذا العام دفعة للمحاولات الشركسية لبث مظالمهم وإلى إحياء وعيهم الوطني لأن منطقة سوتشي كانت موطنا لمجتمع شركسي كبير وذلك قبل الإحتلال الرّوسي لها. وأضافت أزمة اللاجئين في سوريا شعوراً مُلحاً للمطالبِ الشّركسيّةِ بأن يسمح للشركس في شمال القوقاز بالتواصل بحرية مع مواطنيهم في الخارج وإلى أن يتم الإعتراف بِ”الإبادةِ الجماعيّةِ” الشركسية في القرن التّاسع عشر. ومع ذلك، فقد اتسمت استجابة موسكو لهذه المطالب بالصمت والإنكار والقمع.

أكد موقع شركسي على الانترنت أن مجرد جمهوريّة واحدة من الجمهوريات الشركسية ذات عدد سكان شراكسة إسمي، هي جمهوريّة أديغيا (Adygea)، استقبلت وحدها في الأيام الأخيرة 1,400 لاجئ من أوكرانيا. وتقدّم الحكومة للاجئين الأوكرانيّين جميع احتياجاتهم الأساسية. وفي نفس الوقت، سمحت الحكومة الروسية فقط لما يقدر بنحو 1,500 لاجئ شركسي من سوريّة لأن يأتوا إلى كامل شمال القوقاز، على الرغم من أنّ ما يقدر ب 15,000 شركسي فروا من سوريا إلى بلدان أخرى، مثل الأردن وتركيّا. وعلى الرغم من أن التشريع الروسي يعلن رسميا أن جميع المواطنين في الخارج الّذين لهم الحق بالعودة سيتم التعامل معهم على قدم المساواة من حيث الدعم الحكومي لإعادتهم إلى وطنهم، لكن في الممارسة العملية تميّز موسكو بوضوح بين المواطنين في الخارج الّذين هم “على قدم المساواة” و “أقل مساواة” (circassiatimesenglish.<wbr></wbr>blogspot.ru, July 14). العرقيّون الروسالّذين يعيشون في خارج البلاد يتلقون دعماً سخياً من موسكو، في حين أنّه يتم إستثناء العرقيّين الشّركس من ذلك.

بإعطاء الدولة الروسية تفضيلاً واضحاً للإثنيّين الرّوس، وكذلك تحذو حذوها السلطات في شمال القوقاز، فإن الأفراد في المنطقة يبادرون لتقديم المساعدة للاجئين الشراكسة. في يوليو/تموز، التقى حزرت سوفمان (Khazret Sovmen)، وهو مليونير من الإثنيّة الشّركسيّة، وكان رئيساً لجمهوريّة أديغيا، حيث استقبل اللاجئين الشركس من سوريا في منطقةتختاموتاي (Takhtamutai) فيأديغيا وقدّم لهم ما يعادل 3000 دولار أميركي للشخص الواحد كخطوة أولى للمساعدة في إعادة توطينهم في المنطقة. وأكد سوفمان انّه في هذه الأوقات الصعبة يخضع اأفراد لشّعب الشّركسي للإختبار ليثبتوا أنّهم “شراكسة حقيقيّون” ووعد بدعم مشاريع التّطوير في المنطقة. وانتقد المموّل الشّركسي السّلطات في جمهوريّة أديغيا بطريقة غير مباشرة، قائلاً أن أفراداً لم يكشف عن اسمائهم هم الّذين “لا يهتمّون بمتاعب ومعاناة الناس، والذين يبدون لا مبالاة وقسوة روحية” (circassiatimesrussian.<wbr></wbr>blogspot.co.il, July 17).

وفي غضون ذلك، بدأ السكان في شمال القوقاز يتساءلون لماذا يتم توطين اللاجئين من أوكرانيا في شمال القوقاز المكتظ بالسكان بدلاً من مناطق أعمق داخل روسيا والتي تواجه بدورها انخفاضاً بمستويات السّكان. ووفقا لمحمد شيركيسوف، وهو ناشط شركسي في كراشيفو – شركيسيا، عندما تمت مناقشة التشريعات المتعلّقة بالمواطنين الروس وإعادة توطينهم في روسيا، فقد استبعدت موسكو جمهوريّات  قباردينو – بلكاريا، وكراشيفو – شركيسيا وأديغيا من قائمة المناطق التي يمكن أن تستقبل المستوطنين من الخارج، في حين أن هذه المناطق كانت تعتبر “ذات كثافة سكانية عالية”. الآن، ومع ذلك، ورغم إعلان الحكومة الروسية السابق، يجري توطين اللاجئين الأوكرانيّين في هذه الجمهوريات (politika09.com, July 17).

تقدم هذه الملاحظة مرة أخرى دليلاً عفوياً بأن موسكو تخطط لاستخدام الأزمة الأوكرانية لأغراض الهندسة الاجتماعية في شمال القوقاز (see EDM, July 7)، وزيادة نسبة العرقيّين الروس في منطقة معروف عنها المشاعر الانفصالية القوية وشعوراً قوياً بالهوية القوميّة. الفرق في معاملة اللاجئين العرقيّين الرّوس من أوكرانيا واللاجئين العرقيّين الشراكسة من سورية، على أي حال، يوضح بأنّه يعمل على جعل الشراكسة أكثر عداءً نحو موسكو، والتعتيم على قصد موسكو من زيادة نسبة العرقيّين الرّوس في شمال القوقاز.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/nc/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=42659&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=edf11ab619bd3bb71adcca444a27ccfe

Share Button