الحرب مع أوكرانيا تسحب أفضل الوحدات العسكرية الروسية من شمال القوقاز

8 سبتمبر/أيلول 2014

الحرب مع أوكرانيا تسحب أفضل الوحدات العسكرية الروسية من شمال القوقاز

الكاتب: فاليريدزوتسيف (Valery Dzutsev)

ترجمة: عادل بشقوي

9 سبتمبر/أيلول 2014

جنود روس في شمال القوقاز، المصدر إن إى سي
جنود روس في شمال القوقاز، المصدر إن إى سي

طغت الأزمة الأوكرانية على استمرار المستوى المنخفض للتمرد في شمال القوقاز. بالإضافة إلى لفت انتباه الرأي العام، فإنه من الواضح بأن الصراع في أوكرانيا ينقل القوات الروسية من المنطقة المضطربة الواقعة بين البحر الأسود وبحر قزوين. ولعدة سنوات، تركزت أفضل القوات الروسية الجاهزة للقتال في شمال القوقاز لقتال: أولا الحركة المؤيدة للاستقلال في الشيشان وفيما بعد التمرد الذي انتشر في كافّة أنحاء المنطقة. بما أن روسيا تنجر على نحو متزايد نحو الصراع مع أوكرانيا، اضطرت موسكو لإعادة تموضع أفضل الوحدات العسكرية المجهّزة من شمال القوقاز إلى أوكرانيا.

يعتبر بعض المراقبين ذلك بمثابة “نافذة لفرصة” محتملة للمقاتلين في شمال القوقاز. وذكر موقع كفكازسكايا بوليتيكا (Kavkazskaya Politika) أنّه “اعتباراً من الآن فقد تم البدء بنقل الجنود ذوي الخبرة من مناطق المقاطعة الفيدرالية لشمال القوقاز إلى جنوب شرق أوكرانيا، وأن الأفراد المنقولين هم أساسا غير قوقازيين.” “ذلك سيضعف القوات الروسية كثيراً ويقوّض عملها ضد المسلحين الذين يعملون تحت الأرض في شمال القوقاز. ومما لا شك فيه، فإن هذا سوف يسمح لمتشددي إمارة القوقاز بتعزيز صفوفهم إلى حدٍ ما على الأقل، هذا إن لم يتغلّبوا على القوات الرّوسيّة. “وزعم المدون أن الجهات الفاعلة الخارجية ستحاول أيضا دعم التمرد في شمال القوقاز من أجل زيادة إضعاف روسيا وقدراتها في حربها على أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، أكّد الكاتب، بإن مشاكل موسكو المالية ستجبرها على تبني نهج أكثر تقشّفاً في تمويل شمال القوقاز، والّذي سوف يثير البيروقراطيين المحليين، الذين تعودوا على فساد دون حساب. ووفقا للمتابع، فإن مزيجاً من عدم وجود قوات جيدة التدريب ونخب إقليمية غير مسرورة قد يؤدي بالتالي إلى مشاكل خطيرة على السّلطة الروسية في شمال القوقاز (http://kavpolit.com/blogs/position/6910/).

إن توفر المعلومات الأولية عن تورط القوات الروسية في أوكرانيا وخسائرها يوفّر بعض الدعم للرأي القائل أن القوات الروسية المتمركزة في شمال القوقاز قد جرى إعادة تموضعها باتجاه الجبهة الروسية – الأوكرانية بأعداد كبيرة. نشرت المنظمةلتي تدعى زابيتي بولك أي الفوج المنسي (Zabyty Polk)، والمختصّة في مجال البحث عن المقاتلين المفقودين ومساعدة أسرهم (http://www.polk.ru/novosti/)، وصفا تقريبياً للقوات الروسية التي تقاتل في شرق أوكرانيا. ويقدر العدد الإجمالي للقوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا والّتي تتمركز على الحدود مع أوكرانيا بنحو 12,000 – 15,000 جندي. وتكشف التفاصيل أن الجنود الروس من مختلف الوحدات العسكرية المتمركزة في الشيشان وداغستان ومنطقة ستافروبول، وأوسيتيا الشمالية وإنغوشيا، وكراشيفو-شركيسيا، وأديغيا، وأبخازيا وقباردينو – بلكاريا يشاركون في النزاع الروسي – الأوكراني. وتتخذ عدة وحدات عسكرية تشارك هي أيضاً في الصراع مقرات لها في منطقتي كراسنودار وروستوف، الجارتين لشمال القوقاز. في الواقع، تبدو غالبية القوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا أنها قد أتت من وحدات عسكرية روسية مقرها في شمال القوقاز (http://zpolk-org.livejournal.com/72403.html).

في نهاية شهر أغسطس/آب، جمعت لجنة أمهات الجنود في منطقة ستافروبول بشكل مستقل لائحة خسائر الجيش الروسي في أوكرانيا، مقدرين أن نحو 400 جندي قتلوا أو جرحوا. جاء معظمهم من ثلاثة ألوية آليّة روسيّة – ، لواء البنادق التاسع عشر الآلي المستقل، ومقره في فلاديكافكاز عاصمة أوسيتيا الشمالية؛ ولواء حرس البنادق السابع عشر الآلي المستقل، والمتمركز في شالي في الشيشان؛ ولواء حرس البنادق الثامن الآلي المستقل، والمتمركز في شاتوي في الشيشان (http://tvrain.ru/articles/komitet_soldatskih_materej_sostavil_spisok_iz_400_ranenyh_i_ubityh_rossijskih_soldat-374625/). وتردّد بأن الجنود الشيشانيّين والداغستانيّين الّذين يقاتلون في أوكرانيا تكبّدوا خسائر فادحة. ورغم أن روسيا لم تعلن الحرب رسميا على أوكرانيا، إلا أن السلطات حاولت التغطية على هذه الوقائع من خلال تعهّدها بدفع مبالغ كبيرة من المال لأقارب الجنود القتلى للإبقاء على صمتهم (http://dagestan.kavkaz-uzel.ru/articles/248283/).

وتشير ديناميكية النزاع الروسي – الأوكراني إلى أن من المرجح أن تستخدم روسيا جزء كبير ومتزايد من مواردها العسكرية على قتال قوات الحكومة الأوكرانية. وسوف يكون لزاماً على الوحدات العسكرية الروسية المتمركزة في شمال القوقاز أن يتم نشرها في أوكرانيا بأعداد كبيرة وعلى نحوٍ متزايد. وهذا التطور سيكون له تأثير على الوضع في شمال القوقاز الروسي. حتّى أيضاً من الصعب جداً الآن تقييم التهديد الأخير من قبل الدولة الإسلامية – المسماة سابقاً الدّولة الإسلاميّة في العراق وسوريا (ISIS) – الدّاعي إلى شن حملة ضد روسيا من أجل “تحرير شمال القوقاز” (http://ria.ru/world/20140903/1022502872.html#ixzz3CEniqVtB)؛ وقد يجد المقاتلون الشيشان وغيرهم من شمال القوقاز، الذين اشتد عودهم خلال الاشتباكات في منطقة الشرق الأوسط، أنه من السهل عليهم العودة إلى شمال القوقاز وإيجاد تصعيد في فعاليّات التمرد هناك.

غير أن الخطر الأساسي للحكم الروسي في شمال القوقاز يأتي من غضب البيروقراطيين المحليين ومن عامة الناس، الذين سوف يتعرّضون لوطأة العقوبات الاقتصادية وتناقص رغبة وقدرة موسكو في تمويل هذه المنطقة المهمّشة. لقد “تغاضت” آلة الدعاية الروسية عن حملتها السابقة التي اتّهمت فيها الشمال قوقازيّين بِ”سلب” روسيا والإساءة إلى الّذين هم من أصل روسي، وتدعو الآن كافّة المواطنين الرّوس لقتال “الفاشيين الأوكرانيّين” (http://ansar.ru,September 5/).وليس من المرجح أن يستمر هذا النوع من التماسك لفترة طويلة نظرا لعدم وجود تهديد خارجي على روسيا، في حين أن التوسع الروسي يأتي بثمن باهظ على كاهل الشعب الروسي.

المصدر:

http://www.jamestown.org/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=42803&tx_ttnews%5BbackPid%5D=7#.VA7l-_mSyn8

Share Button