نافذة على أوراسيا: “لا أقاليم، لا مشاكل” – بوتين يخفض تصنيف القضايا الإقليميّة والعرقيّة

الثلاثاء 9 سبتمبر/أيلول 2014

نافذة على أوراسيا: “لا أقاليم، لا مشاكل” – بوتين يخفض تصنيف القضايا الإقليميّة والعرقيّة

بولغوبل (Paul Goble)

 ترجمة: عادل بشقوي

10 سبتمبر/أيلول 2014

             ستاونتون 9 سبتمبر/أيلول – في آخر تحديث له عن الستالينية باعتبارها “إدارة فعالة”، قام فلاديمير بوتين بحل وزارة الشؤون الاقليمية الروسية، كعلامة أخرى في حملته إلى فرض المركزية في البلاد، والقضاء على أي نقاش جدي حول مناطق روسيا ومشاكلها، وبالتالي تقويض أي فرصة بأن يكون لموسكو سياسة قوميّة فعّالة.

             بالأمس، حلّ فلاديمير بوتين وزارة الشؤون الإقليمية الروسية وهيئتان أخريتان مسؤولتان عن الإشراف على علاقات موسكو مع مناطقها ومع القوميات غير الروسية الّتي تقطن في العديد منها (ng.ru/economics/2014-09-09/4_fedcenter.html, ej.ru/?a=note&id=26011وlenta.ru/news/2014/09/08/minregion/). 

            بالطبع، وفي نفس المستوى، فإن تحرّكه ليس أكثر من كونه أحدث إشارة على وجود معضلة واجهت موسكو منذ فجر الحقبة السوفياتية: إن إعطاء الكرملين أي وكالة معيّنة ما يكفي من السلطة للتعامل مع طبيعة متعددة الأوجه لقضايا إقليمية وعرقية، ستوجد بالتالي وحشاً يمكن أن يهددها نفسها.

             ونتيجة لذلك، كانت الحكومات السوفياتية والروسية مترددة في السماح لِ”وزارات القوميات” بأن تعمل لفترة طويلة جدا – رأس ستالين الأولى في الأعوام 1917-1922 وقام بوتين بحل الوزارة التي كانت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية عهده – وكثيرا ما حوّل المسؤولية من منطقة إلى أخرى.

             ولكن يظهر أن مبادرة بوتين هذه تبدو للكثيرين بأن تكون أكثر من ذلك، ولتكون بدلا من ذلك محاولة لخفض منزلة المناطق والقوميات غير الروسية وحتّى أبعد مما كان قد فعله حتّى الآن. وكما علّق فاديم شتيبا (Vadim Shtepa)بمرارة في الفيسبوك: ما قام به بوتين هو “صحيح” لأن “في روسيا لا توجد مناطق؛ والمحافظات المطيعة والخانعة لا تستحق” هذا المصطلح.

             وفي الأمس القريب، قال الكاتب البارز في شؤون الأقاليم، بإن الكرملين سيحظر “مصطلح ‘إقليمية'” وكذلك الوكالات المسؤولة عن التعامل مع المناطق والقوميات. ومن شأن ذلك أن يكون متّسِقاً مع تصرفات بوتين الستالينية والأورويليّة: لا منطقة أو قومية – بدون إشكالات.

             أو كما وصفه محرّركافكازسكايا بوليتيكا (Kavkazskaya politika) انطونشابلين (Anton Chablin)،أن “حل الوزارة الفيدرالية يمثل الابتعاد عن سياسة القوميات المحددة بوضوح” تجاه وضع سوف تتأثر بسببه المناطق وكذلك غير الروس من السياسات العامة وسيكون لهم فرصاً أقل للتأكيد من أن هذه السياسات ستأخذ احتياجاتهم بعين الاعتبار (kavpolit.com/articles/zachem_ubili_minregion-9258/).

           ووفقا لشابلين، فإن حل وزارة الشؤون الاقليمية وتوزيع مهامها على وزارات أخرى تكون مسؤولياتها الرئيسية في قضايا أخرى أكبر أو فقط على مناطق محددة كما هو الحال بالنسبة لوزارات الإشراف على الشرق الأقصى وشمال القوقاز وشبه جزيرة القرم المحتلة، وذلك في إنهاءٍ للآمال بإيجاد وزارة قوميات في عهد بوتين.

            فإنهم يشيرون بأنّه بدلا من ذلك، كما يقول، بأن روسيا تتحول من النموذج “البرازيلي” إلى النموذج “الكندي” من حيث السياسات الإقليمية، ومن المرجح تحديد وزارات إضافية لمناطق معينة وليس لكافّة مناطق البلاد. وروسيا لديها الآن ثلاثة مثل هذه الوزارات الإقليمية؛ وكندا لديها خمسة.

             رغم وعد رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف بأن جميع وظائف وزارة الشئون الإقليمية سوف تستمر في أن تتحقق ولو عن طريق مكاتب في وزارات أخرى، فإن الكثيرين يُشكّكون في ذلك ليس فقط لأن تركيز هذه الوزارات الأخرى مختلف وبالتالي فإن القضايا الإقليميّة والقوميّة سوف تعامل على مستوى أدنى، ولكن أيضا بسبب فقدان الخبرة.

             إن الحفاظ على تلك الخبرة هو مصدر إهتمام كبير من قبل العاملين في المجال. وكما صرّح فلاديمير زورين (Vladimir Zorin)، نائب مدير معهد موسكو لعلم الأجناس وعلم الإنسان(Moscow Institute of Ethnology and Anthropology) إلى نازاسنت آر يو (Nazaccent.ru)، فيما يتعلق بتقييم جودة عمل الوزارة المنحلة، فإنها ضمّت “مجموعة من المهنيين المتعلمين ويعرفون جيدا الواقع الإثني – السياسي في البلاد (nazaccent.ru/content/13065-glavnoe-sohranit-kadry.html).

             في مجموعة جديدة من الهياكل، من المرجح أن تضيع ومعها المعرفة اللازمة لتوجيه موسكو عبر تعقيدات الشؤون الإقليمية والإثنيّة، وهو تطور يكاد يكون من المؤكد أن يضمن الإنزلاق في الوقوع بمزيد من الأخطاء والكثير من المعضلات الإقليمية والإثنيّة التي كان من الممكن “حلها”، لكن سوف تنمو الآن إلى مشاكل أكبر وأكثر تهديداً.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/09/window-on-eurasia-no-regions-no.html

Share Button