[نافذة على أوراسيا: ليس عن طريق الدعاية فقط – تولد الأمّة [الروسية

الأثنين 13 أكتوبر/تشرين الأوّل 2014 

نافذة على أوراسيا: ليس عن طريق الدعاية فقط – تولد الأمّة [الروسية] 

بول غوبل (Paul Goble) 

ترجمة: عادل بشقوي

14 أكتوبر/تشرين الأوّل 2014

 

             ستاونتون، 13أكتوبر/تشرين الأوّل – ركزت معظم التعليقات على المواقف الروسية منذ ضم شبه جزيرة القرم على دور جهاز دعاية الكرملين في خلق شعور جديد للهوية الوطنية الروسية. لكن يفغيني إيخلوف (Yevgeny Ikhlov) يجادل بأن ما يجري له جذور أعمق من ذلك. 

             في تعليق نشر في عطلة نهاية الأسبوع، يقول المعلق الموسكوفي إن ما حدث هو ​بالأحرى ​وضع طبيعي من نوع “النشوة” التي غالبا ما ترافق ولادة أمة ويوضّح بأن ضم شبه جزيرة القرم كان “المفجر لولادة أمّة سياسيّة روسية” (forum-msk.org/material/politic/10536643.html).

             ويشير بأن في روسيا، “توقف الناس عن الشكوى من الفقر والحاجة لأن الأمّة تنبثق من حالة إكتئاب نفسي”، وذلك يحدث لأنها “الآن في مرحلة النشوة الناجمة عن ولادة أمة”، وفي الوقت نفسه، هو الأمر الذي يتطلب عادة ولكن ليس دائما إنبثاق مجتمع مدني. 

             ويقول إيخلوف، في طبيعة الحال، وفي جزء منه على الأقل، “عمل بوتين على تحقيق مهمة نافالني (Navalny) وكاسباروف (Kasparov): لقد أوجد أمة [عرقية] سياسية روسية”، وهي أمّة ظهرت بطريقة “مريحة” نفسياّ للروس لأنه لم يكن مطلوباً بآن يفكّوا رباطهم مع “الإرث الإمبراطوري”. 

             هذه هي الطريقة التي كانت “مع الأتراك تحت حكم أتاتورك ومع الألمان في ظل حكم هتلر”، ومع الرّوس الآن، ما سمحت لهم بأن يشعروا أنهم موحّدون مع أي شخص يعتقد أن “شبه جزيرة القرم لنا” والنظر إلى العالم ليس بصورة “رمادية” ومليئة بالمشاكل التي يكونوا فيها “خاسرين” ولكن كأمّة بألوان زاهية والتي هي فيها من الفائزين.

             تحت حكم بوتين ومنذ شبه جزيرة القرم، “يتم منح الروس شعور لمعنى الوجود الّذي لا يقدر بثمن – الصراع مع أفظع الشرور”، أيا كان تعريفها. وذلك ما جمعهم، تماما كما جُمِعَ “المئات السود” (Black Hundreds) و”الديمقراطيين” (Democrats) معا أثناء الحرب العالمية الأولى. 

             ويقول إيخلوف إنّهُ أفضل حتّى للروس العاديين، حيث لا يتطلب هذا المعنى الجديد أي إجراءات بطولية. في الواقع، إن الناس الموجودين في السلطة هم الأسعد إذا “جلس الناس في المنزل وكانوا وطنيين”، مضيفا أن “الشعور الوطني بالانتقام قد حل مكان شعور النقص الثقافي” الّذي ميّز الروس عن غيرهم منذ عام 1991.

ويقول أن نموذجا لهذا “الانتقام القومي الروسي” قريب جدا وفي متناول اليد: في تهجّمات ايليا إيرنبرغ (Ilya Ehrenburg) اللاذعة خلال الحرب العالمية الثانية عندما أوجد الكاتب السوفياتي لستالين “الفكر الروسي” وهو فكرة أن “الروسي البسيط عنده ثقافة أعلى بكثير من ثقافة الفرد الألماني”، على الرغم من أنه كان ينظر إلى الأخيرة بأنها ذروة الثقافة الأوروبية. 

وقد أعطى بوتين الروس “فرصة بهيجة وفريدة من نوعها ليشعروا بالفخر بأنفسهم”، لكنه نجح ليس بفضل دعايتة ولكن على الأصح من خلال استغلال الشعور الذي كان قائما منذ فترة طويلة بين الروس بأنه ينبغي السماح لهم الخلاص من الشعور بأنهم بطريقة أو بأخرى شعب أقل مستوى وهم قادرون على الشعور بالفخر لما هم عليه. 

             وباختصار، يقول إيخلوف، ان زعيم الكرملين “كان قادرا على إعطاء الناس ما يريدون في لحظة فريدة من نوعها من تاريخهم، وهي لحظة ولادة أمة”. وربما أعطى مروجوا الدعاية للشعب مفردات لذلك، إذْ يقول المعلق الموسكوفي، لكنهم لم يوجِدوا الظروف للاستجابة والتي يعيدون الفضل لها.

              ويقول إيخلوف، بالضبط نفس الشيء حدث في ألمانيا ومع هتلر. عندما هزمت ألمانيا بعد عام 1918، كان أفراد شعبها يائسين وشعروا آنهم كانوا أقل مستوى من الأوروبيين. لكن “بدأ بعد ذلك النمو الهائل للوعي الذاتي الوطني”، كما بدأ الألمان يسألون أنفسهم لماذا عليهم أن يشعروا بهذه الطريقة. 

             جاء هتلر واستغل ذلك وأدرك أنه يمكن أن يوحّد الأغلبية الساحقة من الألمان بقوّة من خلال مهاجمة اليهود والشيوعيين. ولكن مثل بوتين، نجح على الأقل لفترة بسبب أن ما سعى للقيام به هو ما كان السكان مستعدين تماماً للقيام به من تلقاء أنفسهم.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/10/window-on-eurasia-not-by-propaganda.html

Share Button