روسيا تصدر إنذاراً أخيراً لأبخازيا

روسيا تصدر إنذاراً أخيراً لأبخازيا 

الناشر: اوراسيا ديلي مونيتور

23 أكتوبر/تشرين الأول 2014

الكاتب: جيورجي مينابدي (Giorgi Menabde) 

ترجمة: عادل بشقوي

24 أكتوبر/تشرين الأول 2014

بحلول نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، يتعين على السلطات في سوخومي (Sukhumi) آن تستجيب لاقتراح موسكو القاضي بتوقيع اتفاق جديد “على التحالف والتكامل” بين الفيدراليّة الروسية وجمهورية أبخازيا (abkhaziya.org, October 14). الحقيقة أن مسودة الوثيقة تسربت للعلن، وأثارت ضجة سلبية بين كلا الرآي العام الأبخازي والحكومة الجورجية، تشير إلى أن النخب الأبخازية — بما في ذلك الرئيس الجديد راؤول خادجيمبا (Raul Khadzhimba) — تعارض الكثير من البنود الواردة في الوثيقة التي تحول “الدولة” الانفصالية إلى منطقة واقعة تحت سيطرة موسكو بالكامل. 

ينص الاتفاق على القضاء الفعلي على الجيش الأبخازي وحرس الحدود ووزارة الداخلية. وبدلا من ذلك، تنشأ بعض “مكاتب التنسيق”، برئاسة أشخاص معيّنون من قبل روسيا، و”مجموعات عسكرية مشتركة”، تحت قيادة جنرال يعيّن من قبل وزارة الدفاع الروسية. وسيكون الأبخازيون أيضاً مؤهّلون للتجنيد في القوات المسلحة الروسية.

وبغض النظر عن ذلك، فإن الاتفاق الثنائي المقترح يلزم أبخازيا بموائمة تشريعاتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية مع القوانين والقواعد القانونية للفيدرالية الروسية. وستعمل مكاتب الجمارك الروسية في أبخازيا بموجب التشريعات الجمركية الروسية. ومن المتوقع أيضاً أن تبسّط أبخازيا من إجراءات حصول الروس على الجنسية الأبخازية، وبالتالي تمكينهم من شراء وبيع الممتلكات والاستقرار في البلاد. وهذا يهدد بدوره لجعل العرقيّين الأبخاز أقلية في بلدهم. وحتى وقت قريب، رفضت السلطات الأبخازية الموافقة على بيع الأراضي والبيوت لغير المواطنين. 

في مقابل هذه التنازلات تتعهّد روسيا ببسط سيطرتها الكاملة على الحدود الأبخازية – الجورجية على طول نهر انغوري (Inguri River)، وفي نفس الوقت، تفتح الحدود الروسية – الأبخازية تماماً عند نهر بسو (Psou River). وتتعهّد موسكو أيضا، القيام باستثمارات كبيرة، وزيادة عائدات التقاعد لمواطني الفيدراليّة الروسيّة في أبخازيا وتوفير المنافع الاجتماعية الأخرى، مثل التأمين الطبي، الّذي ينعم به المواطنون الروس (abkhaziya.org, October 14).

حتى الآن، لم يحصل الأبخاز على هذه الحقوق، على الرغم من أن جميعهم تقريبا يحملون الجنسية الروسية. “وتلفت موسكو النظر إلى أنّه دون تأكيد ولائهم وتبعيتهم الكاملة للحكومة الروسية، فإنّ [موسكو] ستواصل اعتبار الأبخاز الذين يحملون الجنسية الروسية كمواطنين من الدرجة الثانية، [وسوف] لن تقدّم لهم نفس المنافع الاجتماعية التي ينعم بها المواطنون الآخرون في البلاد”، هذا ما أفاد به إلى مؤسّسة جيمس تاون (Jamestown)، المحلل غيلا كالاندادزي (Gela Kalandadze) الّذي يعمل في الوكالة الإعلامية في مجال التحليل {GHN} (Author’s interview, October 18). 

ولمحت موسكو من خلال شبكة من الخبراء والصحافيين الموالين للكرملين انه اذا لم توافق حكومة أبخازيا على النسخة الروسية من الاتفاق الجديد، فإن روسيا قد توقف مدفوعات التقاعد للمواطنين العرقيين الأبخاز في الفيدراليّة الروسية أو أن تغلق الحدود الروسية – الأبخازية (publizist.ru, October 15). وحتى مع إغلاق الحدود، فإن الوحدات العسكرية الروسية المرابطة في ابخازيا ستبقى تتلقى إمداداتها عبر جسر جوي عبر مطار بومبورا (Bombora)، والواقع في القاعدة العسكرية الروسية بالقرب من مدينة غوداوتا (Gudauta).

ومن المتوقع أن ترد القيادة الأبخازيّة بنسختها الخاصة لاتفاق ثنائي جديد، يعكس بشكل أفضل مصالح أبخازيا (Civil Georgia, October 17). وفي الوقت نفسه، فإن من المؤكّد أن سوخومي ستنظر كذلك في بدائل أخرى. على الأرجح فإن الحكومة الانفصالية قامت بتفحّص البيان الأخير عن كثب، والّذي آلقاه، رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي غاريباشفيلي (Irakli Garibashvili) بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأوّل، الذي أدان فيه محاولة موسكو “ضم أبخازيا”، وأعرب عن استعداده لنشر رؤيته لمستقبل العلاقات الجورجية – الأبخازية (Civil Georgia, October 17). 

وقال جيورجي أنتشابادزي (Giorgi Anchabadze) لجيمس تاون، وهو مؤرخ وأستاذ في جامعة سوخومي: “أعرف أن الحكومة الجورجية تعمل على بعض المشاريع الجديدة فيما يتعلق بالعلاقات مع أبخازيا وتسوية الصراع الجورجي – الأبخازي، لكنها لم تنشر أو تؤكّد رسميا بعد”. “إن الصراع في أبخازيا ليس صراعاً روسياً – جورجياً، لكنه جورجياً – أبخازياً. وأضاف أنتشابادزي، لذا، فإن استجابة كافية من تبليسي تحتاج إلى تقديم شيء جديد إلى الأبخازيّين، الذين يسعون جاهدين من أجل الاستقلال (Author’s interview, October 18).

يبدو أنه استجابة لمزيد من التوسع السياسي والاقتصادي الروسي في أبخازيا وكذلك زيادة الوجود العسكري هناك، فإن قادة ائتلاف الحلم الجورجي (Georgian Dream) الحاكم لا يستبعدون أي ردود محتملة. ومن الواضح، فإن البيان المذكور الذي آلقاه رئيس الوزراء غاريباشفيلي في 17أكتوبر/تشرين الأوّل، أكد فيه احترامه ل”حق تقرير المصير والحرية للشعب الأبخازي”. وأشار رئيس وزراء جورجيا أن مقترحاته الجديدة لتسوية النزاع الجورجي – الأبخازي ستأتي بناء على هذه المبادئ، لكنه لم يقدم تفاصيل حول ما اذا كان يعني الاعتراف الفعلي بأبخازيا وسيادتها الدولية. وأتت مقترحات غاريباشفيلي الجديدة لتكون مصممة لصد موسكو من تحويل هذه المنطقة الإنفصاليّة إلى قاعدة روسية ضخمة، ومكتملة بصواريخ اسكندر (Iskander) تكون موجّهة نحو المدن الجورجية. 

لكن، غالبية الخبراء والسياسيين الجورجيين انتقدوا بشدة رئيس الحكومة الجورجية على بيانه. وقال رئيس الجمعية الجورجية للإصلاحات (Georgian Association for Reforms)، سيرغي كابانادزي (Sergi Kapanadze) إلى جيمس تاون: ”لا يمكن لأبخازيا الحصول على الاستقلال لأنها سارت من خلال التطهير العرقي، وتم طرد غالبية السكان الجورجيين من ديارهم. هذا هو السبب في أن بيان إيراكلي غاريباشفيلي خاطئ بشكل واضح ويضر بالمصلحة الوطنية للبلاد (Author’s interview, October 18). بالإضافة إلى ذلك، قال وزير الدولة الجورجي لإعادة الإندماج والمساواة المدنية، بآتا زاكاريشفيلي (Paata Zakareishvili)، بأن أي شكل من أشكال العلاقات بين جورجيا وأبخازيا كان ممكنا، باستثناء الاعتراف الكامل بأبخازيا (ekhokavkaza.com, October 17).

إن تسرب خبر الإتفاق بين روسيا وأبخازيا ألحق الضّرر بالاجتماع الذي كان قد تقرر مسبقاً في براغ بين الممثل الخاص لرئيس الوزراء الجورجي لشؤون العلاقات مع روسيا، زوراب اباشيدزه (Zurab Abashidze)، ونائب وزير الشؤون الخارجية للفيدراليّة الروسية، غريغوري كاراسين (Grigory Karasin). وقبل الاجتماع، قال اباشيدزه لجيمس تاون انه يعتزم مناقشة مشروع إنشاء خط سكّة حديد مع كاراسين، الذي كان قد اقترح إنشاؤه ليصل بين روسيا وجورجيا عبر أبخازيا (Author’s interview, October 9). ولكن بدلا من المحادثات بشأن مشاريع النقل، ركّز الاجتماع بشكل أساسي على “الإتفاق الجديد بين روسيا وأبخازيا”. 

بعد محادثاته في براغ مع اباشيدزه، هاجم نائب وزير الخارجية كاراسين بلهجة قاسية، قائلا ان موسكو تسعى إلى التوقيع على الوثيقة الروسية – الأبخازية لتوثيق العلاقات مع أبخازيا دون أي اعتبار لرد فعل جورجيا. ومع ذلك، فإن تصريحات كاراسين الواضحة فشل بملاحظة أن السلطات الأبخازية نفسها— بغض النظر عن ما تعتقد القيادة الجورجية أو تريد — هي أيضا غير راضية بفكرة التخلي عن دولتهم من خلال التوقيع على اتفاق يضع الأساس لانضمام أبخازيا إلى روسيا.

المصدر:

http://www.jamestown.org/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=42989&tx_ttnews%5BbackPid%5D=7&cHash=9458eb895a664d20759866687e1a108b#.VEmvfSmSw01

Share Button