هل اقتراح موسكو ربط أبخازيا بالأجزاء الشركسية من شمال القوقاز خطوة نحو الضم؟

هل اقتراح موسكو ربط أبخازيا بالأجزاء الشركسية من شمال القوقاز خطوة نحو الضم؟ 

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور

22 أكتوبر/تشرين الأول 2014

بقلم: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev

ترجمة: عادل بشقوي

1 نوفمبر/تشرين الثاني 2014

طريق سوخومي العسكري (Source: dangerousroads.org)
طريق سوخومي العسكري
(Source: dangerousroads.org

في يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول، نشر الصحفي الرّوسي – الأبخازي أنطون كريفينيوك (Anton Krivenyuk) مقالاً يفيد أن الحكومة الروسية قد تكون مهتمة في بناء طريق سريع يربط أبخازيا بشمال القوقاز. أشاد كريفينيوك بالفكرة، قائلا ان ذلك يحتمل أن يساعد أبخازيا التغلب على عزلتها وأن تدمج نفسها مع شمال القوقاز الروسي، وفي الوقت الذي تساعد فيه أيضا شمال القوقاز الحصول على سهولة الوصول إلى البحر الأسود. وأضاف أن الطريق سيساعد على استعادة العلاقات الأخوية بين الأبخاز والشركس والتي تضررت جراء سياسات القيادة الجورجية الذكية التي أدّت إلى الإنقسام بين الأمّتين الأبخازية والشركسية. وأشار الصحفي أيضاً إلى أن الخطط لبناء هذا الطريق كانت مرتبطة بالتغيير الأخير للحكومة في سوخومي، لأن الرئيس السابق لأبخازيا ألكساندر أنكفاب (Alexander Ankvab)، لم يدعم علاقات أوثق مع الشركس. وعلى النقيض من سلفه، فإنه يقال أن الرئيس الجديد للإقليم الجورجي الإنفصالي، راؤول خادجيمبا (Raul Khadzhimba)، ينظر إلى الشركس بإيجابية أكثر. في الواقع، أعلنت كراشيفو – شركيسيا مؤخرا انها ستجري مناقصة لإنشاء الطريق، والّذي من شأنه أن يمر عبر الجمهورية وصولا إلى الحدود مع أبخازيا ويجعل من كراشيفو – شركيسيا المنطقة التي تربط أبخازيا بشمال القوقاز. يقال أن الحكومة الروسية تعتزم المضي قدما في بناء الطريق حتّى دون انتظار موافقة الحكومة الأبخازية على ذلك (regnum.ru, October 9).

بعد الغزو الروسي للقوقاز في القرن التاسع عشر، تم تحسين الطريق القديم الواصل بين كراشيفو – شركيسيا وأبخازيا ليصبح وفق المعايير الإمبراطورية والذي سُمّيَ بطريق سوخومي العسكري (Voenno-Sukhumskaya Doroga). وكان عاملاً حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تم إغلاقه لأسباب غير معروفة — ربما لمعاقبة العرقيين الكاراشاي لتعاونهم مع قوات الاحتلال الألمانية، ما منع الشراكسة من الوصول إلى جنوب القوقاز بشكل مباشر، ومن أجل تعطيل علاقتهم مع الأبخاز، الذين هم أبناء عمومتهم العرقيّين.

بعد الحرب الروسية الجورجية عام 2008 مباشرة، تكثفت المحادثات بشأن احتمال بناء طريق من شمال القوقاز إلى أبخازيا. كان أحد أسباب الحماس لهذه الفكرة أن وادي كودوري (Kodori Gorge)، الّذي كان تحت سيطرة الحكومة في تبليسي، تمت السيطرة عليه من قبل القوات الروسية في حرب عام 2008، وأعيدت السيطرة عليه إلى الحكومة الأبخازية. ويمر جزء من طريق سوخومي العسكري التاريخي عبر وادي كودوري. وبحث المشروع كلاً من الرئيسين في ذلك الحين، الأبخازي سيرجي باجابش (Sergei Bagapsh)، ورئيس كراشيفو – شركيسيا، بوريس إبزييف (Boris Ebzeyev,)، في اجتماع في سبتمبر/أيلول 2009. ومع ذلك، كان الشعب في أبخازيا منقسماً تماما بسبب هذه القضية. أحد ساسة أبخازيا، بيسلان بوتبا (Beslan Butba) أخبر وكالة أنباء ريجنوم (Regnum) في ذلك الحين: “إنّه من المبكر جدا بالنسبة لنا البدء في بناء هذا الطريق إلى شمال القوقاز. نحن دولة ضعيفة،  ونحن لن يكون بوسعنا استخدام هذا الطريق. وأعتقد أن بناء هذا الطريق هو سابق لأوانه. عندما نكون دولة قوية وتعمل قوى تطبيق القانون بشكل جيد، فسوف نفكر في هذا الطريق” (regnum.ru, September 28, 2009).

تبقى أبخازيا إقليماً هشاً في اكثر من معنى. فعلى وجه الخصوص، حتى بعد طرد العرقيّين الأبخاز للأغلبية العرقية الجورجية من هذه الجمهورية في حرب 1992 – 1993، إلا أن معظم التقديرات تفاؤلا تشير إلى أنهم كانوا يشكلون 50 في المئة فقط من إجمالي عدد سكان أبخازيا. وإذا فتح الطريق إلى شمال القوقاز وأتيحت الفرصة آمام مواطني شمال القوقاز السفر إلى أبخازيا بحرية، فإن نسبة العرقيّين الأبخاز يمكن أن تنخفض بسهولة إلى أقل من ذلك. والاتفاق المثير للجدل الّذي اقترح مؤخرا عن “تحالف وتكامل” بين روسيا وأبخازيا لا يضيف أيضا الكثير من الثقة بين الجانبين (ekhokavkaza.com, October 16).

الجانب الأبخازي وإلى حد كبير، ينظر إلى الاتفاق المقترح كوسيلة لانهاء استقلال الجمهورية رسميا وضمان استيعابها ضمن الفيدراليّة الرّوسيّة (asarkia.info, October 17). والسؤال الملح الآن هو ما إذا كانت الحكومة الأبخازية سترفض الاتفاق أو ببساطة تسعى لرفع سعر فقدان استقلالها الذاتي، ويقول الصحفي الروسي – الأبخازي انطون كريفينيوك (Anton Krivenyuk) ان الاتفاق هو وسيلة لضمان أن أبخازيا لن تسعى لاتفاقية شراكة مع الإتحاد الأوروبي في المستقبل (kavpolit.com, October 15).

ويبدو أن الحكومة الروسية تخطط لتنجز ضم أبخازيا، وذلك باستخدام تكتيكات مماثلة من الإنكار والحملات السّرّيّة كما هو الحال في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا. في حين أن روسيا لم تقترح رسميا ضم أبخازيا، إلّا أن التحركات الفعلية التي من المتوقع أن تقدم عليها الجمهورية، مثل تغيير جميع القوانين وفقا للمثال الروسي، يشير إلى الضم الفعلى للتابعين الروس في جنوب القوقاز. وقد يكون بناء الطريق من شمال القوقاز إلى أبخازيا بمثابة طُعُم لتمهيد الطريق لضم أبخازيا — وتلك هي، حيث أن خطط إنشاء الطريق أعلنت على الأرجح من أجل الحصول على دعم من الشركس وإشارة إلى الأبخازيّين بأنّه من خلال التوقيع على اتفاق مع موسكو فإنهم سيحقّقون مكاسب عبر اتصالهم بأقاربهم العرقيّين في شمال القوقاز. وبمجرد الانتهاء من إستيعاب أبخازيا، من المرجح أن يتم إلغاء خطط بناء الطريق. وربما كانت زيارة راؤول خادجيمبا الاخيرة الى نالتشيك قد تم الإعداد لها خصّيصا لتمهيد الطريق لحملة شعبيّة تؤكد أخوة الشركس والأبخاز (abh-n.ru, October 9).

ومع ذلك، فإنّه من غير المرجح أن تكون موسكو مهتمة بمد الشركس بحلفاء إضافيين. حتى داخل الفيدراليّة الروسي، قُسّمِ الشركس بين عدة جمهوريات وأقاليم، فلماذا تريد روسيا ربط الشراكسة بمنطقة أجنبية تتألف من مجموعة من أقاربهم العرقيّين؟ والحديث عن إنشاء الطريق يجب أن يكون قد تم إعداده لإقناع الأبخازيّين بنوايا روسيا الحسنة، ولكن سيكون من السهل أن يلغى بمجرّد أن توقّع أبخازيا اتفاقا للانضمام الى الفيدراليّة الرّوسيّة.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/edm/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=42983&cHash=4b9a906ae589a580b5885b196205e5fb#.VFPaaSmSw01

Share Button