نافذة على أوراسيا: بافلوفسكي يقول: بوتين يطالب الروس الشعور بألمه جرّاء عدم الاحترام

الثلاثاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2014

نافذة على أوراسيا: بافلوفسكي يقول: بوتين يطالب الروس الشعور بألمه جرّاء عدم الاحترام

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

12 نوفمبر/تشرين الثاني 2014

             ستاونتون، 11 نوفمبر/تشرين الثاني – لقد طرأ تغييراً ملحوظاً على فلاديمير بوتين في الأشهر الأخيرة، وهو التغيير الّذي توقّعه القليلون ولكن يحمل في طياته بعض المخاطر الجدّيّة. انه لم يعد يقدم إجابات وبرامج؛ وعوضاً عن ذلك، يطلب زعيم الكرملين من الروس مشاركته عواطفه إبّان الأحداث الماضية وعدم الإحترام الّذي تلقّاه، وبالتالي تلقّته روسيا.

             ويقول غليب بافلوفسكي (Gleb Pavlovsky) بأنّه بطريقة أو بأخرى، وبأسلوب غير مكشوف تقريبا، كفّ الروس عن توقّع تصريحات سياسية من فلاديمير بوتين، وبدلا من ذلك الحصول فقط على اعترافات. في وقت سابق، كان قد ضبط نفسه تماما عن القيام بذلك؛ الآن يفعل ذلك مطولا في أي مناسبة وفي جميع المناسبات مشدّدا على “الألم الذي حلّ به شخصيا من التاريخ، الروسي والعالمي على حد سواء”.

             ويقول المعلق في موسكو أنّه ونتيجة لهذه التصريحات، فإن بوتين “يطالب بتلقّي الإحترام، ولهذا الاحترام، قد تدفع روسيا ثمنا باهظا” له في الحاضر والمستقبل (daily.rbc.ru/opinions/politics/10/11/2014/545cdf6bcbb20fa1c001da99#xtor=AL-%5Binternal_traffic%5D–%5Brbc.ru%5D-%5Bdetails_main%5D-%5Bitem_5-1%5D).

             في خطاب يليه خطاب آخر “لا يقدم بوتين أي استراتيجيات بل تجارب فقط”، ويوضّح “الدوافع العاطفية لتصرّفاته” بدلا من المنطق. ويفترض على الجميع بالتالي، المشاركة بمشاعرهم على الرغم من أنها تبدو كأنّها لشخص “أتى من العالم الّذي لم يكن موجوداً لفترة طويلة”.

             وهكذا تجارب “تعتبر مهمة وجوديا” بطبيعة الحال، “لكن كخطاب سياسي”، فهي توفر قليلاً من التوجيه. قد يكون من المثير للاهتمام معرفة كيفيّة شعور بوتين عن نهاية الإتّحاد السوفياتي أو حتى عن أحداث تاريخيّة أكثر قدماً، ولكن قلة من الناس  عداه هو، مهتمون حقاً في بحثها أو أن يتّخذوا قراراً الآن لمعرفة من خدع من، وهو السؤال الّذي يسأله بوتين.

             تماماً كيف تبدو كلمات بوتين غريبة الآن وتصبح واضحة إذا ما قورنت مع تلك التي استخدمها في ميونيخ في عام 2007. البعض يوازن بعض ما يقوله الآن مع ما قيل بالسابق، ولكن القيام بذلك يفتقد النقطة الجوهرية. سبع سنوات، ألقى بوتين خطابا سياسيا حيث قال فيه ما كان يفكّر به الكثيرين حول الأخطار التي كانت تسبّبها تصرفات جورج بوش.

             ويقول بافلوفسكي، إن بوتين قال في ذلك الوقت في كلمات مجرّدة من الإسهاب، فقط “الحقيقة المرة حول عدم قبول واستحالة {عالم أحادي القطبيّة} وكذلك الأزمات العالمية”.

             ولكن الآن في سوتشي، يشارك زعيم الكرملين في نوع من “المسرح العاطفي”. ذلك في مواجهة المشاكل الداخلية وعالماً هدف الولايات المتحدة المعلن منه هو “إيجاد طرف خائن سراً يضم أولئك المتواجدين في القمّة الذين يمكنهم الضغط على مسار بوتين”، ولم يتحدّث الرئيس الروسي حول ما يجب القيام به ولكن كيف يشعر هو حول الأحداث الماضية.

             كانت الرسالة الوحيدة في هذا الخطاب الّتي بعث بها بوتين لمرؤوسيه، حيث كان فحوى تلك الرسالة أنه تمت معاملة الروس بشكل سيء للغاية في الماضي وأنه لا يوجد أي شيء يريدون أن يفعلوه إلا ويكون له ما يبرره، وربما حتّى مطلوبا. ولكن ذلك هو شكل من أشكال الخداع الذاتي الذي يحمل في طياته ثمنا باهظا.

             قبل ربع قرن، كان لموسكو ”الحق في ترتيب النظام العالمي”، لكن ذلك الوقت “قد فات”. ولوضع روسيا في مركز القيام بذلك مرة أخرى يتطلب بان تعطي موسكو “المحتوى الضروري” من حيث الاستهلاك والتمويل والإيديولوجية التي من شأنها أن تتيح لها العمل. لكن بوتين لا يقدم الآن أي شيءٍ في أيٍ من هذه القطاعات.

             بدلا من ذلك، ما يقوله زعيم الكرملين بأنّهُ مطلوب هو أمر “خطير قليلا: الإحترام”. وهو مرن وشيء يمكن أن يأتي مقابل تكلفة زهيدة على حد سواء، وخاصة إذا ما عُرِضَ الاحترام مقابل شيء حقيقي كما حدث عندما عُرِضَ على موسكو مقعد في مجموعة الدول الصناعية الثمانية (G8) في مقابل أن ينتشر الناتو (NATO) شرقا.

             ويقول بافلوفسكي ان ما هو خطير، هو أن لهجة بوتين تلمّح بأنه مستعد الآن لإجراء تبادلات مماثلة دولياً للحصول على الاحترام، ولكن “في هذا الوضع، فإن إنعزالية صحّيّة ستكون أكثر ملاءمة، والتي من شأنها أن توفر فرصة” للخروج من الفوضى الأوكرانيّة، والتركيز على المشاكل الداخلية والسّعى من أجل الهروب من العقوبات.

             ويقول المعلّق ان “في اللعبة التي تجري الآن”، لا يمكن لروسيا “إلا أن تخسر. ولا يجب على المرء أن يحاول إعادة رسم العالم كما يرغب أن يتصرّف المراهقين”. ويخلص بافلوفسكي بأن الانخراط في مثل هذا المسعى كما يفعل بوتين الآن “سوف ينتهي على نحوٍ سيء”.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/11/window-on-eurasia-putin-asks-russians.html

Share Button