نافذة على أوراسيا: نوع جديد من الأدبيات الروسية – التأمّل في روسيا بعد بوتين

السبت 20 ديسمبر/كانون الأول 2014

نافذة على أوراسيا: نوع جديد من الأدبيات الروسية – التأمّل في روسيا بعد بوتين

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

21 ديسمبر/كانون الأول 2014

             ستاونتون، 20 ديسمبر/كانون الأول – في أذهان البعض، استخدم فلاديمير بوتين مؤتمره الصحفي هذا الاسبوع ليبرهن على إدانته بأنه سيبقى رئيسا لروسيا مدى الحياة (http://replika.com.ua/ru/3_politika/zadacha_putina_probivat_na_prochnost_zapadnuyu_koalitsiyu)، حيث يتساءل المعلقون الروس أكثر من أي وقت مضى عن “ماذا سيكون الوضع بعد بوتين”؟

             ومن بين هؤلاء الذين يقومون بذلك هو دانيل كوتسيوبينسكي (Daniil Kotsyubinsky)، وهو مؤرخ وصحفي، أعطى هذا العنوان على وجه التّحديد عنواناً لمقال نشره هذا الأسبوع (http://novayagazeta.spb.ru/articles/9385/). إن هكذا تساؤل حول مستقبل ما بعد بوتين هو أكثر أهمية من أي من الإجابات ومع ذلك بأفضل ما تكون من حسن الاطلاع.

             ذلك لأنّه يدل على أن الروس يفكرون في شيء ما كان بالإمكان تصوره قبل بضعة أشهر فقط وأن بوتين نفسه يبذل كل ما في وسعه لمنعهم من التفكير به لأن شعوره بعدم وجود بديل له، هو أحد الأسس الرئيسية لنظامه و سلطته الشخصية.

             ووفقا لكوتسيوبينسكي، حان الوقت للنظر بهدوء إلى سؤالين: ما هو احتمال رحيل بوتين السريع من منصبه؟ وماذا سيحدث لروسيا والروس عندما يذهب؟  

             ويقول المعلق، لقد ضعف بوتين كثيرا خلال العام الماضي، وليس بسبب المشاكل الاقتصادية. حيث أن الروس سوف يتكيّفوا مع ذلك. لقد ضعف لأنه “خسر حرباً والتي كان هو نفسه قد شنّها والتي استندت إلى مشروعه بإعادة إحياء الإمبراطوريّة”. واضاف: وذلك شيئاً أكثر خطورة بكثير.

             ويقول كوتسيوبينسكي إن التاريخ الروسي يظهر، أنه كلما تضع روسيا نفسها بمواجهة العالم بأجمعه فإنّها عندئذٍ تخسر، وتدخل في “وضعٍ مضطّرب” كما صاغها مؤخّراً السكرتير الصحفي الخاص لبوتين، ديمتري بيسكوف (Dmitry Peskov). في كل حالة، خسارة الحرب أعقبها إصلاحات ومن ثم “نمو االمواقف الثورية”.

             ويقول المعلق، لم يفقد بوتين فقط “حرب قوة عظمى” اعتماداً على الغاز والنفط، لكنه “فقدها من دون أي فرصة في الثأر”. ونتيجة لذلك، هناك شعور متزايد بين الكثيرين في روسيا أن صرح بوتين بأكمله يمكن أن يتداعى إلى الهاوية وبعدها ستنبثق روسيا أخرى حديثة.

             ويتساءل كوتسيوبينسكي، “كيف سيحدث ذلك – هل سيحدث ‘من الأعلى’ أو ‘من الأسفل’ أو ‘من الخارج’ أو عن طريق حملة مشتركة من ‘الوفاق الوطني الخائن’ لإن ذلك ليس مهماً جداً”. ما يهم هو أن ذلك سيحدث.

             ومن هذا المنطلق فإنه سيكون قد أدّى إلى دفع البعض إلى تنبؤات مثيرة ومروّعة، لكن يقول المعلق انه يعتقد أن ما سيحدث سيكون “شيئاً أقل من ذلك بكثير” من عالم الأخرويات (eschatological) ولكن يبقى في غاية الأهمية. ويشير إلى أنه يمكن أن يحدث ذلك بحلول ربيع أو صيف عام 2015.

             ويتوقع أنّه بغض النظر عمن سيرأس “حكومة مؤقتة” بعد رحيل بوتين، فإن “النقطة الأولى من جدول الأعمال الجديد للسلطات الجديدة يجب أن تكون الانتخابات. ليس فقط الرئاسية، ولكن أيضا إنتخابات الدوما و- ما هو أهم – الإقليمية منها”. وذلك يعني ليس فقط التغيير من رئاسة عامودية (رأسيّة) إلى أخرى ولكن إلى نهاية هذا النظام تماماً.

             حتى لو نجح “التقنيّين السياسيّين” التابعين للكرملين بفوز مرشّحهم في الانتخابات، إلا “أنه لن يكون له حتى عُشر من السّلطة المشروطة إلى أبعد الحدود والتي يتمتّع بها بوروشينكو في الوقت الحاضر في أوكرانيا”. إن منطق كوتسيوبينسكي بشأن هذه النقطة هو مثير للاهتمام ومفيد على وجه خاص حتى إن كانت توقعاته الشاملة  تبين أنها من باب التمني غير الدقيق.

             “إن {أحدث مستبد روسي} سيكون هو نفسه سعيداً لتقاسم المسؤولية مع البرلمان بشأن {وضع لا يمكن تفعيله سياسيا}، وعلى الأقل لبعض الوقت، وسيضطر للتحرك نحو المعايير البرلمانية الجمهورية المتّبعة في أوروبا”، وهي معايير تجعل من الرئيس مسألة أقل أهمّيّة أو حتى بدون أهمّيّة على الإطلاق.

             ومن بين أخطر التحديات التي ستواجه نظام ما بعد بوتين الصحوة للطموحات الإقليمية، وهي الطموحات التي تم إخمادها بعد منتصف أعوام التسعينيات من القرن الماضي، ولكن عادت لأن “معظم المناطق الروسية لديها فكرة سيئة عن الكيفية التي يمكن أن يعيشوا ويزدهروا فيها دون توجيه من الكرملين”.

             ويمكن أن يكون شمال القوقاز أول هؤلاء المنتفضين، لكن “من الممكن أن سيناريو الحل السلمي للأزمة بين روسيا والقوقاز سوف تتحول لتصبح” نموذجاً “لتتارستان (Tatarstan) وباشكورتوستان (Bashkortostan) وياقوتيا {ساخا} (Sakha) وبورياتيا (Buryatia) وتيفا (Tyva) والجمهوريات القوميّة الأخرى وأيضا سيبيريا ومناطق أخرى من الفيدراليّة الروسية” الّتي تشعر أنّها تتعرّض لسوء المعاملة.

             وهذا بدوره يعني أنه في مرحلة ما بعد روسيا بوتين، فإن عملية تحويل روسيا من جمهورية رئاسيّة موحّدة إلى فيدراليّة برلمانيّة قد تضع الحد تماما للطموحات الإستبداديّة التي تعاني منها اليوم”.  ويخلص المعلق إلى أنّهُ إذا كان ذلك شيئاً جيداً أو سيىاً فهو متروكٌ للروسِ لاتّخاذ قرار بشأنه.

أرسلت بواسطة بول goble في 02:58

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/12/window-on-eurasia-new-genre-in-russian.html

Share Button