الكرملين يسعى إلى استخدام القوزاق، لكن يمنعهم من أن يصبحوا أقوياء جداً

7 يناير/كانون الثّاني 2015  

الكرملين يسعى إلى استخدام القوزاق، لكن يمنعهم من أن يصبحوا أقوياء جداً

بقلم: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)

ترجمة: عادل بشقوي

21 يناير/كانون الثّاني 2015

قوزاق يقومون بدوريات خلال دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي
قوزاق يقومون بدوريات خلال دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي

يقول الخبراء الروس أن منظمات القوزاق في شمال القوقاز آخذة بالإنقسام على نحوٍ متزايد  وغارقة في صراعات مع بعضها البعض. الأسباب التي تعطى عادة للصراعات الداخلية بين القوزاق هي عدم قدرة الحكومة على تنظيمها، أو عدم قدرتهم الذاتية على تنظيم أنفسهم. ومع ذلك، وبإمعان النظر، يتّضح أن كُلاً من تلاعب الحكومة بالمنظمات القوزاقية والفساد المستشري يمنعهم من أن يتطوروا إلى قوة سياسية فاعلة.

أحد الانقسامات الرئيسية بين المنظمات القوزاقيّة هو بين ما يسمى بالقوزاق “المُسَجّلين” والقوزاق “الأحرار”. القوزاق “المسجلون” هم على جدول الرواتب الحكومية، في حين أن العلاقة بين القوزاق “الأحرار” والحكومة هي أكثر تعقيدا — على الرغم من أنهم، أيضا، وغالبا ما يتلقون إعانات من الحكومة. ويمكن رؤية تعقيد الوضع في منطقة شمال القوقاز الفيدرالية، حيث تتواجد فيها، أربعة منظمات قوزاقيّة — جمعيّة تيريك العسكريّة المسجلة (Registered Terek Military Society)، وحركة الأقاليم لقوزاق تيريك ”جيش قوزاق تيريك” (Interregional Movement of Terek Cossacks “Terek Cossack Army”)، وجيش قوزاق تيريك (Terek Cossack Army) وجيش قوزاق ستافروبول التابع لاتحاد القوزاق في روسيا (Stavropol Cossack Army of the Union of Cossacks of Russia). عدّة منظمات قوزاقيّة في منطقة كراسنودار المجاورة تتداخل أيضا مع منطقة شمال القوقاز الفيدراليّة (North Caucasian Federal District). وبالإضافة إلى ذلك، فإن المكوّنات المحلية للمنظمات القوزاقيّة في كثير من الأحيان تكون ولاءاتهم منقسمة بين منظّمات مختلفة تحت مظلة قوزاقيّة (Kavpolit.com, December 12, 2014).

استخدمت موسكو بفعاليّة منظمات قوزاقيّة خلال الحربين الروسيّتين – الشيشانيّتين الأخيرتين والصراعات الإقليمية في كافّة أنحاء القوقاز، ويجري استخدامها الآن في أوكرانيا. ويظهر القوزاق المسجلين أن لديهم جميع الموارد — بما في ذلك دعم حكومي كامل — ليصبحوا قوة معتبرة في منطقة شمال القوقاز الفيدرالية. ومع ذلك، فقد فشل القوزاق في أن يتطوّروا الى قوة مستقلة عن الدولة الروسية. بينما تظهر بعض المنظمات القوزاقيّة مستعدّة لتوطيد وضع القوزاق بمثابة كيان مستقل مكتفٍ ذاتياً، ويدّعي آخرون أنه لا يوجد دور للقوزاق سوى الدفاع عن الدولة الروسية.

جنى العديد من القوزاق مكاسب مادية كبيرة من الدولة الروسية بعد خدمة مصالح موسكو في صراعات مختلفة. وبشكل أساسي، لعب القوزاق دور المرتزقة الذين لم يكونوا مرتبطين رسمياً بسلطات موسكو وهم ليسوا جزءا من الجيش الرّوسي، لكن مع ذلك قاموا بصورة فعالة بإنجاز الأهداف العسكرية لأسيادهم. وهكذا، ومع مرور الوقت، اكتشف القوزاق العاديّين أن المنافع المادية الّتي وُزِّعَتْ من قبل الحكومة تركَّزت بشكل خاص في أيدي عدد قليل من قادة القوزاق الدهاة. ولهذا السبب، فقد ضعفت صفوف المنظمات المدعومة من قبل الدولة الروسية (Kavpolit.com, December 12, 2014).

ويناشد القوزاق “الأحرار” موسكو أيضا المساعدة ويعرضون تقديم خدماتهم، لكنهم يحاولون الحصول على مزيد من الحكم الذاتي، في محاولة لدخول معترك السياسة ويتحدّون أحيانا الحكومة المركزية. وقد دعا أحد هؤلاء القادة القوزاق الناجحين، يوري شوريكوف (Yuri Churekov) بجدّيّة إلى تأسيس جمهوريّة ستافروبول الروسية (Protestkom.ru, accessed January 7, 2015)، وأعلن شوريكوف في شهر أغسطس/آب من عام 2014، نيته إنشاء حزب سياسي قوزاقي، باسم براتستفو {Bratstvo} (الأخوة)، وذكر أن الهدف الأساسي للقوزاق هو إقامة دولة القوزاق ككِيان. وينبغي وضع وحدات إداريّة فرعيّة للقوزاق في كل جمهوريات ومناطق شمال القوقاز، وفقا لمخطّطات شوريكوف. الزعيم القوزاقي، الذي يوجد مقره في مدينة بياتيغورسك (Pyatigorsk) في مقاطعة ستافروبول (Stavropol Krai)، قال أيضا إن منظمته ستتعاون مع حركة بوتين، جبهة نارودني (Narodny Front) آو جبهة الشّعب، لكنه أعرب عن كراهيته للحزب الحاكم، روسيا الموحّدة (United Russia). إن أهداف شوريكوف تتماشى بشكل وثيق مع أهداف الكرملين في شمال القوقاز، حيث أن السلطات في موسكو تسعى قدر الإمكان للحد من الاستقلال الذّاتي للجمهوريّات. غير أنّه، كانت لشوريكوف أيضا تطلّعات تتعارض مع مصالح موسكو. وذكر شوريكوف: “نحن لا ننوي خدمة [موسكو]، ولكن استعادة الأمة القوزاقيّة وهذا أمر غير مقبول بالنسبة للحكومة [الروسية] الحالية” (Terskiykazak.livejournal.com, August 5, 2014).

إن إنشاء دولة وجمهوريّة قوزاقيّة سيُسْهِم بشكل أساسي في تشظِّي الشعب الروسي وإلى فَدْرَلة حقيقيّة للفيدراليّة الرّوسيّة، الّتي أصبحت بشكل رئيسي دولة موحّدة تحت حكم رجل روسيا القوي، فلاديمير بوتين (Vladimir Putin). وبطبيعة الحال، فإن موسكو تخشى مثل هذا التطور أكثر بكثير من أي تطلعات انفصاليّة في شمال القوقاز، لأنه سيكون من الصعب قمعه. جمهوريات شمال القوقاز هي أيضا ليست معنيّة في صعود وحدات إداريّة فرعيّة على أراضيها. بما أنّ موظفي جمهوريات منطقة شمال القوقاز يدركون جيداً مدى دعم موسكو للقوزاق، بدلا من حظر المنظمات القوزاقيّة أو فرض أشكال أخرى من الضغط عليها، يشاركون في اختيار قادتهم أو تنظيم قوات قوزاقية موازية، أو القيام بالأمرين معاً. أنشأت سلطات أوسيتيا الشمالية ما يسمى بجيش ألان القوزاقي (Alan Cossack Army)، والذي لديه ما يقدّر بِ 12،000 عضو، معظمهم من أوسيتيا؛ هذه المنظّمة تتلقّى حتّى التمويل من موسكو (E–u.ru, accessed January 7, 2015). وفي الوقت نفسه، دعمت سلطات جمهورية أوسيتيا الشمالية (North Ossetia) الزّعيم القوزاقي الروسي الّذي لا يحظى بالشّعبيّة في الجمهورية، ميخائيل إنكفاتسوف (Mikhail Inkavtsov)، الذي بقي في منصبه على الرغم من المعارضة القوية من القوزاق (Osradio.ru, September 5, 2010). يتواجد القوزاق حتى في إنغوشيا (Ingushetia) ذات الأغلبية المسلمة، طارحة أسئلة ساخرة بين القوزاقيّين أنفسهم حول كيفية الشّمول الّذي هم فيه (Kavpolit.com, December 17, 2013).

يشير تطوير المنظمات القوزاقيّة في شمال القوقاز إلى استعداد موسكو لاستخدامها كقوّة إمبرياليّة شبه عسكريّة من أجل تعزيز مصالح الدّولة الرّوسيّة. وعلى الجانب الأقل وضوحاً، تسعى موسكو لاحتواء تطور الحركة القوزاقيّة من التحول إلى قوة سياسيّة مستقلة ذاتياً والتي يمكنها أن تتحدّى سلطة الحكومة المركزية في موسكو. ومن خلال دعم الجماعات شبه القوزاقيّة في جمهوريات شمال القوقاز، تمهّد موسكوالطريق بشكل رئيسي لإنشاء جيوش بدائيّة في هذه الجمهوريات.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/nc/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=43239&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=908a5fed96d231b886daf1b25b9ba85a

Share Button