سيكون للعقوبات الغربية على روسيا أثراً مؤجّلاً على شمال القوقاز

سيكون للعقوبات الغربية على روسيا أثراً مؤجّلاً على شمال القوقاز

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor)

بقلم: ميربيك فاتشاغيف (Mairbek Vatchagaev)

23 يناير/كانون الثّاني 2015

ترجمة: عادل بشقوي

25 يناير/كانون الثّاني 2015 

المصدر: التلجراف (The Telegraph)
المصدر: التلجراف (The Telegraph)

قال الرئيس الامريكي باراك أوباما في خطابه عن حالة الاتحاد (الذي ألقاه أمام الكونغرس في 20 يناير/كانون الثاني) أن العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة لها تأثير مدمر على الاقتصاد الروسي (Tvrain.ru, January 21). فقد تأثر في الواقع فقط أجزاء معينة من إقتصاد روسيا. وعلى وجه العموم، ربما قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن الأضرار التي الحقتها العقوبات، وخاصة إذا ما توصل المرء إلى أن الجزء الأوسط من روسيا أو المناطق الغنية بالنفط لم يتأثروا، ولكن الأطراف. في الواقع، فإن شمال القوقاز، حتى الآن، عانى فقط  من تجربة سقوط الروبل مقابل الدولار واليورو، ولكن لم يُلحظ أي آثار سلبية أخرى حتى الآن، بما في ذلك أسعار المواد الغذائية في المنطقة. تعتمد حالياً منطقة شمال القوقاز الفيدراليّة على التدفّقات المالية من موسكو. ووفقا لبيانات للأشهر العشرة الأولى من عام 2014، تلقّت إنغوشيا 83 في المئة من جميع إيراداتها من موسكو، وتلقت الشيشان 82 في المئة، وداغستان 70 في المئة، وكراشيفو – شركيسيا 65 في المئة، وأوسيتيا الشمالية وقباردينو – بلكاريا 55 في المئة لكل منهما (Kavkazsky Uzel, January 1).

لكن على الرغم من أن العقوبات لم يكن لها تأثير كبير على منطقة شمال القوقاز للآن، إلا أنه إذا قرّرت موسكو تخفيض المساعدات المالية للمنطقة، فإن السلطات الإقليمية لن تكون قادرة على توفير حتى الاحتياجات الأساسية للسكان هناك. ومع ذلك، فإن الخلافات ستسود بين منطقة ستافروبول المزدهرة نسبيا وجمهوريات شمال القوقاز، والتي تعيش على الهبات الفيدرالية. حتى لو كان مقدار مخصصات موسكو المالية دون تغيير، إلا أن القوة الشرائية للنقود انخفضت بمقدار النصف، وهذا وحده سيكون له عواقب لا مفر منها بالنّسبة للمنطقة. لذلك، فإنّه من المحتمل أن تضرب القوة القصوى للأزمة شمال القوقاز بعد تأخر يدوم لمدة سنة أو سنتين بعد أن تضرب الجزء الأوسط من روسيا.

وكثيرا ما يشير المسؤولون الروس إلى ارتفاع السياحة الداخلية بشكل عام، ولكن كان التأثير في شمال القوقاز مشوّشاً تماماً. في الواقع، فإن معظم خطط التنمية للسياحة في المنطقة تم إلغائها من قبل موسكو.

خلال تَحَدُّثِهِ في منتدى جنوب روسيا للسياحة لعام 2015، الّذي عقد في مدينة يالتا، قال رئيس وكالة السياحة في الحكومة الروسية، أوليغ سافونوف (Oleg Safonov) أن السّياحة الداخلية في روسيا زادت بنسبة 30 – 40 في المئة في عام 2014 (Newsru.com, January 20). ولكن في شمال القوقاز كان الواقع متفاوتاً، وتم إلغاء العديد من الخطط لتطوير السياحة في المنطقة. فمنطقة جبل إلبروس (Elbrus)، على سبيل المثال، شهدت تدفق أعدادٍ كبيرةٍ من السياح من جميع أنحاء روسيا وهم الذين حرموا من المنتجعات في الغرب، وكان عليهم أن يذهبوا إلى المنتجعات الروسية في شبه جزيرة القرم وفي شمال القوقاز (Stav.kp.ru, January 13). ومع ذلك، كان هناك إثارة ضعيفة في المنتجع الشتوي في أرمخي (Armkhi)، في إنغوشيا، حيث أنّهُ لم يكن هناك ثلوج في الجبال. فبعد أن تمّ بناء منتجع للتزلج على ارتفاع 1،520 متراً فقط فوق مستوى سطح البحر، فإن إدارة الفندق تجد صعوبة في جذب المتزلجين، في الوقت الّذي لم يكن هناك تراكم للثلوج خلال السنوات القليلة الماضية حتّى بحلول نهاية شهر يناير/كانون الثاني. المشروع في داغستان يُدْعى ماتلاس (Matlas) {وترجمتها بلغة آفار “لا يوجد ثلوج”}، تم إيقاف العمل به أيضا بسبب المخاطر من عدم وجود الثلوج هذا الشتاء (Regnum, July 16, 2014). ويجري بناء منتجع فيدوتشي (Veduchi) للتزلج في الشيشان بوتيرة سريعة وذلك بفضل جهود الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الشخصية (RIA Novosti, November 7, 2014). وسيستمر أيضاً بناء منتجع ماميسون (Mamison) في أوسيتيا الشمالية (Regnum, December 8, 2014).

وسوف تتأثر جميع الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم على خلفية التدهور العام للوضع الاقتصادي في البلاد. وستتأثّر كذلك ميزانيات الجمهوريات لأنها لن تحصل على الضرائب المرتبطة بذلك. وسوف يجري تحوّلات كبيرة بالثروة مرةً أخرى في المنطقة.

رئيس شبكة التحليل المختصّة بوليت روس (PolitRUS.com)، فيتالي أركوف (Vitaly Arkov)، يبحث بشكل معتاد عن محاولات الدول الغربية لزعزعة الوضع في شمال القوقاز. ويدرك المحلل أن الموقف من شأنه أن يتدهور قريبا ويقوم بإعداد جمهوره لهذا الاحتمال (Newsazerbaijan.ru, January 21). وكمثال على ذلك، يستشهد أركوف بالوضع في داغستان، وهو الأكثر تفجّراً من سائر الجمهوريات الأخرى نظرا لملامحه الخاصة. ووفقا للمحلل، يجري زعزعة استقرار الجمهورية من خلال تأجيج انتفاضة بين العرقيّين الازريين الذين يعيشون هناك ويزعم بأنّهم يعانون من مشاكل. ويميل الخبراء الروس إلى وضع اللوم على تداعيات السياسات الخاطئة للحكام المحليين لما يتعلّق بتصرفات الأعداء، بما في ذلك تلك الموجودة في جنوب روسيا.

إن وجود الدولة الإسلامية (IS) سيكون كافياً للإضرار بالمصالح الروسية في المنطقة. وقد قام بعض قادة المسلحين باداء يمين الولاء لزعيم تلك المجموعة، أبو بكر البغدادي (see EDM, January 15). وكما أن سيطرة الحكومة الروسية على المنطقة تترنّحْ، فإن القوى الّتي تطالب بالانفصال عن روسيا سوف تتعزّز قوّتها. ونظرا لظهور الدولة الإسلامية في شمال القوقاز، سوف تصبح المنطقة مرة أخرى واحدة من أكثر المنطق المتفجرة، وسوف يساهم الشّتات المتعدد من شمال القوقاز والمتواجد عبر روسيا في انتشار الصراع في جميع أنحاء البلاد. إن التنافس بين إمارة القوقاز والدولة الإسلامية سيؤدّي على الأرجح إلى انتشار العنف في أنحاء شمال القوقاز.

ومن ثم، فإن العقوبات الغربية ضد روسيا يمكن أن تصبح حافزاً لتصعيد جديد للعنف في شمال القوقاز. ويجب على الغرب أن يضع في عين الإعتبار بأنه ينبغي دعم أكثر القوى الديمقراطية بين المقاومة المسلحة في المنطقة. وبخلاف ذلك، يمكن أن يخرج الوضع عن نطاق السيطرة مما قد يسبب أذى لمصالح الغرب نفسه ليس فقط في منطقة القوقاز، بل حتّى خارج روسيا.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/edm/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=43444&tx_ttnews%5BbackPid%5D=27&cHash=68c7a1887c7449b912a35337154b687d#.VMQepKSUcYc

Share Button