ردا على فيديو إمبريالي “أنا محتل روسي” يتحدى تاريخ إنتقائيّة الكرملين

ردا على فيديو إمبريالي “أنا محتل روسي” يتحدى تاريخ إنتقائيّة الكرملين

09 / 03 / 2015

الكاتبة: أليا شاندرا (Alya Shandra)

ترجمة: عادل بشقوي

10 / 03 / 2015

نشر المدوّن الرّوسي يفغيني جوروف (Evgeny Zhurov) في يوم 27 فبراير/شباط من عام 2015، شريط فيديو بعنوان “أنا محتل روسي” بات يفعل صولات وجولات على شبكة الانترنت. وقد برّر فيديو الدعاية المتطوّرة العديد من غزوات روسيا في أراضي جيرانها من خلال مساهمات روسيا المزعومة في تنمية البلدان، بينما تغض الطرف عن الفظائع العديدة التي أسفر عنها الغزو نفسه. ونشر فاسيل ساموخفالوف (Vasyl Samokhvalov)، وهو شريك في ملكيّة شركة بلس-ون دا (PlusOne DA)، والّتي تعد واحدة من الأعضاء المؤسّسين للمركز الإعلامي للأزمة الأوكرانية، رداً يتحدّى فيه السرد الإمبريالي الرّوسي. “وكان الهدف هو إنتاج ما يدحض بشكل حر وفي بضع ساعات كليب للدعاية الروسية ذو جودة وتكلفة عاليتين. وعلّق على ذلك: في 10 دقائق، قمت على عجل بكتابة رد على أساس دوافع الفيديو الروسي”.

“لقد كنت أنا الّذي غزا أفغانستان المزدهرة. لقد طلب مني أن أغادر وفعلت ذلك، تاركاً ورائي أخطر بؤرة ساخنة على كوكب الأرض، حيث يسود السلاح والعنف والمخدرات”، و”الفيديو الأوكراني يسخر من كلمات “المحتل الروسي” الّذي يعرض بعض علوم الدفاع عن المسيحيه الإمبريالية للتّوسع الروسي في دول البلطيق وسيبيريا وآسيا الوسطى وأوكرانيا، ومبررا ذلك بِ “النفط والغاز والألومنيوم وغيرها من المواد المفيدة” التي تنتج في سيبيريا، ومحركات الطائرات في أوكرانيا، والسلع الإلكترونية في دول البلطيق، وموقع إطلاق المركبات الفضائيّة في آسيا الوسطى. لم يكن الغزو السوفياتي الفاشل المهمل لأفغانستان واعداً جداً. وفي محاولة لدعم النظام الذي أنشئ حديثا والموالي للاتحاد السوفياتي، أطلق الجيش السوفياتي صراعاً وحشياً حيث قتل مليون مدني، فضلا عن 90،000 من مقاتلي المجاهدين، و 18،000 من القوات الأفغانية، و 14،500 من الجنود السوفييت. وتحصد أفغانستان النتائج المترتبة عن هذا الغزو حتى يومنا الحاضر.

ويواصل الفيديو، “كنت أنا الّذي احتل  فنلندا. لقد طُلِب مني أن أغادر واليوم يصنع الفنلنديّون الهواتف والملابس، والمنتجات، وهي التي ليس لها نظائر لدينا”، مما يشكل تحديا لادّعاءات المحتل الروسي الإمبريالي القاضي بأن انسحاب الروس من الأراضي التي احتلوها يحدِث الدمار الإقتصادي. لقد ولّدَ الغزو السوفياتي لفنلندا خلال العامين 1939 – 1940، ظاهرة حركات المقاومة الّتي صدّت الغزو بخسارة 25 000 من الفنلنديين مقابل 200 000 من السوفييت. وفقدت فنلندا 10 ٪  من أراضيها لحساب روسيا.

وقد تم تذكّر الغزو السوفياتي لبولندا أيضا. “كنت أنا الذي قمت بتقسيم بولندا وقمت باحتلال وارسو. لقد طلب مني أن أغادر،  واليوم يبلغ ​​معدّل ثراء البولندي المتوسط 4 مرات أكثر من الروسي المتوسّط”: أسفرت العملية العسكرية السوفياتية التي بدأت في عام 1939 عن تقسيم وضم باتجاهين للجمهورية البولندية الثانية بأكملها من قبل ألمانيا والإتّحاد السوفياتي. ويستمر الفيديو في هجومه الإقتصادي بلا هوادة: “لقد كنت أنا الذي ضم جزر ساخالين والكوريل (Sakhalin and the Kuril) من اليابان، وحتى يومنا هذا يبقى الناس هناك على قيد الحياة عن طريق صيد الأسماك وزراعة الكفاف، في حين أن اليابان المجاورة تعيش على تقنيات المستقبل”. وبتولّي “العلامة التجارية” السّوفياتيّة بعد زوال الإتّحاد السّوفياتّي، يضع بوتين جهودا كبيرة في تعزيز التّوق إلى الماضي نحو الإتحاد السوفياتي، والذي هو منتشرٌ على نطاق واسع في كل من روسيا وأوكرانيا. متذكرين، أو بالأحرى، منتجين وَهْم الماضي السّوفياتي “المجيد” الّذي هو جزء من استراتيجية الكرملين لإلهاء الشعب الروسي من العزلة الاقتصادية الحالية في روسيا والمشاكل الاجتماعية المرافقة، ولإيجاد مشاعر إيجابيّة لِ“حاكم قوي” وتوسّع عسكري في أراضي الجيران.

“وكنت أنا الذي نظمت مجاعة هولودومور (Holodomor) في أوكرانيا، عندما قضى الملايين من الناس نحبهم بسبب الجوع والتجويع القسري”، ويذكر الفيديو المجاعة الّتي أدّتْ إلى الإبادة الجماعية التي هيّأ لها ستالين، والّتي ينفي المدافعون عن الكرملين حدوثها وبشكل مستمر. والأحداث الأخرى التي هي ليست في كثير من الأحيان مذكورة في روسيا الحديثة التي يحتذى حذوها: “لقد كنت أنا الذي أصبح حليفا لهتلر وأطلق العنان للحرب العالمية الثانية. وكنت أنا الذي أغرق بودابست (Budapest) في الدماء في عام 1956، وبراغ (Prague) في عام 1968، وتبليسي (Tbilisi) في عام 1989، وفيلنيوس (Vilnius) في عام 1991. وكنت أنا الذي شيّدت معسكرات العمل لاضطهاد المعارضين. “الحقائق المزعجة للعلامة التجارية السوفياتية في السوق المحلية الروسية، أدّتْ إلى درجة إغلاق متحف معسكرات العمل الوحيد في البلاد الذي تم عبره إلقاء الضوء على القمع السياسي خلال الحقبة السوفياتية. وقد يعاد فتح المتحف، ولكن كنصب تذكاري لنظام معسكرات العمل، ولن يبيّن أية إشارات إلى جرائم ستالين. ووفقا لأحدث استطلاع للرأي أجرته ليفادا (Levada)، ينظر 52٪ من الروس إلى ستالين بشكل إيجابي. إن تنامي المشاعر الإيجابية للديكتاتور السوفياتي القمعي هو أمر حاسم لنظام بوتين للحفاظ على مستويات عالية من الدعم الذي يتمتع به الآن (86 ٪ من الروس يؤيدون سياسات بوتين)، حيث أن أوجه الشبه بين السياستين عديدة جداً.

المصدر:

http://euromaidanpress.com/2015/03/09/response-to-imperialist-video-i-am-a-russian-occupant-challenges-kremlins-selective-history/

Share Button