الحكومة الروسية تحاول دعم مجموعات القوزاق في شمال القوقاز

27 فبراير/شباط 2015

الحكومة الروسية تحاول دعم مجموعات القوزاق في شمال القوقاز

بقلم: ميربيك فاتشاجايف (Mairbek Vatchagaev)

ترجمة: عادل بشقوي

12 مارس/آذار 2015

(Source:vestnikkavkaza.net)
(Source:vestnikkavkaza.net)

بعد خسارة دعم ذوي الأصول الروسية الذين كانوا متواجدين بكثرة في جمهوريات شمال القوقاز (الشيشان وانغوشيا وداغستان وقباردينو – بلكاريا وكراشيفو – شركيسيا “Chechnya, Ingushetia, Dagestan, Kabardino-Balkaria and Karachaevo-Cherkessia”)، تبحث موسكو باستمرار عن طرق للإبقاء على العرقيّين الروس في هذا الجزء من البلاد. فشلت السلطات الإقليمية الموالية لموسكو تماما بتحقيق البرنامج الاتحادي لتطويع العرقيّين الروس للعيش في شمال القوقاز اعتماداً على التمويل الإتّحادي السّخي للبرنامج (Svpressa.ru 5 أبريل 2012).

وكانت الفكرة الأولية تقضي بإعادة توطين 50،000 أسرة روسيّة في شمال القوقاز في كل عام، بدايةً وقبل كل شيء في الجمهوريات التي شهدت أكبر نزوح للعرقيّين الروس — الشيشان وانغوشيا وداغستان (Ekhokavkaza.com, March 23, 2012). وبجلاء فإنّ السلطات الفيدراليّة الرّوسيّة لم تدرك ما كان يجري في المناطق. وقبل محاولة تشجيع الروس على الاستيطان في شمال القوقاز ومناطق أخرى من روسيا، كان على موسكو أن تحاول وقف نزوح الرّوس المستمر من المنطقة. ولم تكن نتائج برنامج إعادة التوطين مجرد انّها غير مرضية — لقد كانت كارثية، في حين أن الروس لم يكن بإمكانهم حتّى التفكير في إعادة الإستيطان في هذه المناطق التي تشهد توتّراً شديداً ومن دون توقف. في النهاية، قررت موسكو إعادة إحياء منظمات القوزاق المحلية المضمحلّة، والتي هي أكثر قليلا من مجموعات فولكلوريّة في الجمهوريات.

كان قد لوحظ تدخل السلطات في حياة قوزاق تيريك على الفور من خلال انتخاب (كبار القوزاق) وهم الأتامانات (atamans) المحليّين. وضد قوانين وأعراف القوزاق، عيّنت السلطات زعمائهم على كل قرية ومنطقة. وتتمركز قوات قوزاق تيريك العسكرية في منطقة ستافروبول، وأوسيتيا الشمالية، وقباردينو – بلكاريا والشيشان وداغستان، وكان تعدادها 35،000 عضو قبل خمس سنوات (Newsland.com, April 18, 2010). ومن غير المرجح أن يكونوا أعضائها قد زادوا خلال السنوات القليلة الماضية. وعلى سبيل المقارنة، بالضبط قبل قرن واحد من الزمان، كان تعداد قوات قوزاق تيريك العسكرية 255،000 فرداً، وإلى جانب الذين هم من أصل روسي، ضمّت روسيا 40 في المئة من مجموع السكان في كامل شمال القوقاز (Anton Ivanovich Denikin, Essays of the Russian Time of Troubles, Vol. 4, a-pesni.org). بالتالي، انخفضت أعداد القوزاق ما يقرب من عشرة أضعاف في نفس الوقت الّذي ارتفع فيه عدد سكان شمال القوقاز إلى عشرة أضعاف.

ومن أجل إنتخاب أتامان عسكري لقوزاق تيريك، يجب على القوزاق اجراء انتخابات في مجتمع قوزاق تيريك-سونزا(Terek-Sunzha) في الشيشان وفي مجتمع قوزاق كيزليار (Kizlyar) في داغستان. أصبح دينيس دوبينكو (Denis Dupenko) أتاماناً (زعيماً) جديداً في مجتمع سونزا القوزاقي في الشيشان. وقد شارك في الإنتخابات ضيوف من مجتمع كيزليار القوزاقي، وممثلين عن إدارة الحاكم وحكومة جمهورية الشيشان والمسؤولين المحلّيّين (Skfonews.info, February 21).

لم يشارك أتامان قوزاق سونزا السابق في الانتخابات لأن الأتامان المنتخب حديثا هو ليس حتى من القوزاق، حيث قرر الأتامان السابق الاحتجاج على إجراء الانتخابات لإظهار أنها لم تكن أكثر من عمل هزلي قامت به الحكومة (Skfo.ru, February 21). وسوف تجعل خلفية زعيم القوزاق المنتخب حديثا أقل شعبية بين القوزاق في هذا المجتمع. إن الجانب القوي للأتامان الجديد هو حقيقة دعم الكرملين لهُ، والّذي سوف يتيح له بالبقاء واقفا على قدميه لبعض الوقت. ومن أجل إحباط إحتجاجات محتملة من جانب كبار السن من القوزاق ضد المرشحين الّذين تروج لهم الحكومة، كانت تتمركز وحدة شرطة بالقرب من المبنى الّذي أجريت فيه الانتخابات (Kavpolit.com, February 24).

كانت انتخابات الأتامان مثيرة للاهتمام أيضاً في مجتمع قوزاق كيزليار في داغستان. استقال أتامان مجتمع كيزليار السابق، نيكولاي سبرين (Nikolai Spirin)، بعد اجتماعين مع حاكم داغستان، رمضان عبد اللطيفوف (Ramazan Abdulatipov). كان يجب على المسؤولين أن يوضحوا لسبرين أنه لا ينبغي أن يتوقع انتخابات ديمقراطية، وكان عليه الاستقالة من منصبه طواعية وبهدوء، إذ ان كل شيء كان قد تم إقراره في موسكو. انتخب فالنتين ايفانوف (Valentin Ivanov) باعتباره أتامان جديد في كيزليار. وخلافا لأتامان منطقة سونزا، ايفانوف هو من القوزاق المحليين وكذلك كان يعرف إلى حدٍ ما في جمهوريات شمال القوقاز حيث انه كان قد خدم في وزارة الداخلية وتمت ترقيته إلى منصب نائب وزير الداخلية في جمهوريّة إنغوشيا قبل ان يغادر الخدمة (Kavkaztimes.ru, February 20). إن اختيار موسكو لأتامان كيزليار أمر مفهوم، لأن المسؤول السابق في وزارة الداخلية سوف لن يعصي الأوامر الصادرة من موسكو مطلقاً.

الخطوة التالية هي إجراء انتخابات في مجتمع قوزاق تيريك العسكري. ومن أجل القيام بذلك، من المقرر إجراء إجتماع حاشد للقوزاق يتم إجراؤه في 25 أبريل/نيسان. في البداية، كان من المقرر أن يتم عقد الإجتماع في 21 فبراير/شباط (Pyatigorsk.org, February 16). ويبدو أن المرشح الرئيسي للمنصب تم اختياره ضد كل القوانين والأعراف في مجتمعات القوزاق. إن ترشيح ميخائيل سيريدينكو (Mikhail Seredenko) لمنصب أتامان كان قد تقدم جنبا إلى جنب مع غيره من الترشيحات المقترحة وفقا لقوانين القوزاق. وهذا يعني أن موسكو تدعم سيريدينكو. إذا كان الأمر كذلك، فإن الانتخابات ستكون شكلية. وإذا أصبح سيريدينكو أتامان قوزاق تيريك، سيكون منعطفاً إلى حدٍ بعيد، لأنه من المعروف عنه  في منطقة ستافروبول بوجهات نظره القوميّة الرّوسيّة بشكل علني. كان سيريدينكو رئيس فرع ستافروبول لمؤتمر المجتمعات الروسية، وهي منظمة أُسّستْ من قبل ديمتري روغوزين (Dmitry Rogozin).

وعبر التدخل في شؤون القوزاق، تنتهك السلطات الفيدرالية الروسية حقوق القوزاق، وأحيانا حتى من دون معرفة الوضع على أرض الواقع. ومن خلال فرض السيطرة على الأتامانات، تريد موسكو أن تضع حداً للفضائح التي ارتبطت بالقوزاق في شمال القوقاز في العقود الماضية. إن الوقوع في شرك هذا النهج هو أن سيطرة موسكو المشدّدة قد يدفع بعض القوزاق للبحث عن قوى لموازنة المعينين من قبل الحكومة، والتي سوف تعرقل أنشطة قادة القوزاق الّذين ترعاهم الحكومة. لقد قررت موسكو وبوعي زيادة سيطرتها على القوزاق من أجل دعم القلة المتبقية من قوات القوزاق في جمهوريات شمال القوقاز. ومع ذلك، فقد تم تجاوز الخط الأحمر، وفي مثل هذه الجمهوريات مثل الشيشان وانغوشيا وداغستان، من المحتمل أن يعيش القوزاق ببساطة أيامهم المتبقية.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/nc/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=43591&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=197f15864ea64bc81698fa3e983e06a7

Share Button