عودة بوتين تستثني فقط إثنتين من النظريات المقدمة لتفسير اختفائه

الثلاثاء 17 مارس/آذار 2015

عودة بوتين تستثني فقط إثنتين من النظريات المقدمة لتفسير اختفائه

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

18 مارس/آذار 2015

           

ستاونتون، 17 مارس/آذار — أثار اختفاء فلادمير بوتين عن المشهد العام بسرعة مجموعة متنوعة من التفسيرات لغيابه، والآن، تؤدّي عودته إلى رفض بالجملة لكل ذلك من قبل العديدين. في الواقع، من الجدير بالذكر، فقد بدد ظهور زعيم الكرملين باليقين حالتين فقط: أنه ميت، أو أن انقلاب قد أطاح به من السلطة.

لكن في الصندوق الأسود الذي هو سياسة الكرملين في عصر بوتين، فإنه لا يزال من الممكن أن واحدة أو أكثر من النظريات التي طُرِحت عن اختفائه قد تكون صحيحة كلياً أو جزئياً — على الرغم من أن المعلومات اللازمة لتحديد ما هو صواب وما هو عكس ذلك قد لا تكون متاحة في أي وقت قريب أو أن تكون مقنعة للجميع إذا أو عندما تصبح متاحة.

 ونتيجة لذلك، قد يكون من المفيد ذكر خمسة من النظريات التي غالبا ما تطرح خلال غياب بوتين عن المشهد والنظر في ما يمكن أن يشكل دليلا لها او عليها باعتبارها وسيلة للتفكير فيما قد يحدث في الأسابيع المقبلة — بدلا من الوضع، كما يبدو أن يكون عليه الحال الآن، من نقيض إلى نقيض.

— بوتين مريض. حيث قد يكون بوتين قد عانى من مرض بسيط أو انه قد يعاني من مرض رئيسي. والتحدث عن قضايا الصحة لم يكن أبداً شيئا يشعر القادة الروس بالراحة إزاءه، وجعل بوتين قوة شخصيتة جزءا كبيرا من شخصيته العامة. وهكذا، قد يكون مريضا، بل قد يكون في وضع خطير — يمكن للمرء، حيث أن كاتب هذه السطور يعرف شخصيا، أنه يشكو من مرض خطير حتى أنه قد ينتج عنه نتيجة سيئة ولكن هذا لا يبين أية أعراض فورية رئيسية.

— وصل بوتين إلى حالة من الذعر. وعندما واجه مشاكل في الماضي، كان اسوأها في وقت وقوع حادث الغواصة كورسك (Kursk) وهجمات بيسلان (Beslan)، تغيب بوتين عن المشهد العام، وكما يبدو لأنه يجد أحيانا صعوبة في التكّيف مع الوضع أو بدلا من ذلك يحتاج إلى وقت خاص لاسترداد قوته واستجماع تركيزه. لكن مباشره قبل اختفائه، واجه أزمة مقتل نيمتسوف (Nemtsov) وتداعياتها، الأمر الذي واجه فيه خلافات واضحة بين وكيله رمضان قديروف والدعائم الرئيسية لنظامه من الحرس القديم.

— أراد بوتين صرف النّظر عن قضية نيمتسوف. وكان بوتين بلا شك سعيداً ليجعل من اختفائه أن يحول الأنظار عن قضية نيمتسوف: إن مناقشة ذلك الإغتيال الّذي حصل تحت أسوار الكرملين قد تلاشى واقعياً نتيجة التركيز على غياب بوتين. هل يكون قد قرر أن هذا كان تكتيكاً مفيداً؟ ومع هذا، إذا كان الأمر كذلك، يبقى السؤال: عمن كان يحاول أن يصرف الإنتباه: عن الشعب الروسي، أو الغرب، أو أعضاء بارزين من النخبة الروسية؟ ونظرا لشعبيته عند الشعب الروسي، لا يبدو الإختيار الأول مرجّحاً، ونظراً لتصنيفه الرافض للغرب، يبدو الإختيار الثاني دون الكثير من الأمل. وبالتالي، إذا كان هذا هو التفسير، فسيكون من المؤكد بأنّهُ كان يحاول إلهاء النخب، حيث أن الكثير منهم قد انزعج من قتل نيمتسوف. وباختفائه، بالتالي لفت الانتباه إليه، يذكّر بوتين الجميع في هذه القراءة بمدى قوة مركزه وحتى أنّهُ لا غنى عنه للنظام السياسي الروسي الحالي.

— أراد بوتين صرف الانتباه عن عدوانه على أوكرانيا أو عن خططه للعدوان على أماكن أخرى. وقد افتخر فلاديمير بوتين منذ فترة طويلة بحقيقة أنه هو سيد النهج غير المباشر، بقيامه بأعمال لتركيز الانتباه على شيء واحد في الوقت الذي يستعد فيه للعمل بشيء آخر. إن مدى إنتهاك قواته لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وحتى أكثر من ذلك التحركات العسكرية الجديدة في الشمال الروسي مقابل الدول الاسكندنافية هما مؤشران محتملان بأن هذه النظرية ليست من دون مبرر.

— واجه بوتين تحديا من داخل النخبة الروسية الذين يريدون الإطاحة به أو إجباره على تغيير المسار. إن هناك خلافات خطيرة داخل النخب الروسية يكاد أن لا يصل الأخبار، وأن العلاقة المتبادلة بين السلطة والسياسة في النظام السياسي الروسي ذو المؤسسية السّيّئه غالبا ما يعني أن التغيرات في السياسة يتطلب فرصاً في عدد الموظفين ليس شيئاً مستغرباً بحد ذاته. وعلاوة على ذلك، فمن الواضح كذلك أن كثيرين من النخبة يضروا بنا نتيجة لسياسات بوتين في أوكرانيا وعلى الاقتصاد الروسي والعقوبات الغربية. وقد تم توثيق هذا الغضب جيداً، وإن كان ذلك بطرق تتطلب العديد من مهارات المختصيّين بالشؤون السوفياتية وشؤون الكرملين الماضية. وبالتأكيد كانت الحالة أن العديد من أعضاء هذه النخبة أخذوا يسألون أنفسهم ما إذا، سيكونوا في أعقاب مقتل نيمتسوف، ضحايا بوتين القادمين.

هل كان هذا الغضب وهذا الخوف يكفي لاثارة تحدٍ لحكم بوتين؟ ربما. هل كان ناجحا؟ بوضوح لا، إذا كان النجاح يعني الاطاحة ببوتين. إذا حدث مثل هذا التحدي، فإن الدليل على ذلك من المرجح أن يتخذ شكل الإطاحة، التقاعد، “الحوادث”، أو حتى الوفاة في الاسابيع او الاشهر المقبلة. ولكن إن كان هناك انقلاب “ناعم”، وهو الحالة التي يتوجب على بوتين أن يقوم بتقديم بعض التنازلات من أجل الحفاظ على السلطة؟ وهذا أيضا يبقى ذو إمكانيّة مفتوحة، على الرغم من أنه قد يكون أصعب شيء لتقديم أدلة لإعطاء كل ذلك يبعث على الاعتقاد بأن بوتين لديه حرية مطلقة ويمكنه تغيير المسار بالإرادة.

وفيما يتعلق بإمكانية وجود محاولة “انقلاب”، هناك احتمالان آخران لا ينبغي تجاهلهما سلفاً ومن ودون وجود أدلة: فمن ناحية، قد يكون بوتين قد أثار ذلك من أجل أن يحدد بدقة أكبر من هم حلفاوه وومن هم أعداؤه الحقيقيّين. وإذا كان هناك ما يثبت بأن هذا هو الوضع — فسيكون من الصعب جدا العثور على دليل عليه وجعله مقنعاً — انه مما لا شك فيه سوف ينسق مجموعة متنوعة من الرّحيل بطرق مختلفة.

ومن ناحية أخرى، ربما كان هناك ما يسميه البعض انقلاباً “ناعماً”، وذلك ما جعل بوتين يضطّر الى تقديم بعض التنازلات من أجل الاحتفاظ بالسلطة. مرة أخرى، ونظرا للتداخل في السلطة والسياسة في نظامه، فإن هذه المقايضة هي دائما ممكنة، على الرغم من أنه سيكون من الصّعب تماماً إثبات ذلك نظراً إلى أن الكثيرين أقنعوا أنفسهم أن بوتين لديه حرية مطلقة، ويمكنه أن يفعل ما يشاء. هذا هو بالتأكيد ما يود زعيم الكرملين من الجميع أن يصدقه، وتشير الأدلة المتاحة أن هذا مثله مثل العديد من الإدعاءات الصادرة عن ولمصلحة بوتين والتي هي في الحد الأدنى مبالغ فيها.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2015/03/putins-return-excludes-only-two-of.html

Share Button