تستعد بولندا إلى “حرب هجينة” وسط التهديد الروسي

تستعد بولندا إلى “حرب هجينة” وسط التهديد الروسي

الكاتب: داميان شاركوف (DAMIEN SHARKOV)

24 مارس/آذار 2015

صحيفة نيوزويك (NEWSWEEK )

ترجمة: عادل بشقوي

04 أبريل/نيسان 2015

الرئيس برونيسلاف كوموروفسكي بولندا (إلى اليسار) يتفقد الجنود بينما كان يزور مقر فيلق القوات متعددة الجنسيات للشمال الشرقي، وهو جزء من هيكل قوة حلف شمال الأطلسي، في ثكنة البلطيق في شتشيتسين (Szczecin)، وذلك في شمال غرب بولندا في 6 سبتمبر/أيلول 2014. CEZARY ASZKIELOWICZ / AGENCJA GAZETA / REUTERS
الرئيس برونيسلاف كوموروفسكي بولندا (إلى اليسار) يتفقد الجنود بينما كان يزور مقر فيلق القوات متعددة الجنسيات للشمال الشرقي، وهو جزء من هيكل قوة حلف شمال الأطلسي، في ثكنة البلطيق في شتشيتسين (Szczecin)، وذلك في شمال غرب بولندا في 6 سبتمبر/أيلول 2014.
CEZARY ASZKIELOWICZ / AGENCJA GAZETA / REUTERS

تواجه بولندا أزمة أمنية في أعقاب الحرب في أوكرانيا المجاورة، وهناك احتمال لأن تصبح متورطة في “حرب هجينة” مع روسيا — التي تنطوي على حرب الدعاية و“العدوان المعلوماتي” — وفقا لأحد كبار الجنرالات البولنديين ستانيسلاف كوزيج (Stanisław Koziej).

وناشد الجنرال كوزيج، الذي يرأس مكتب الأمن القومي للرئيس البولندي (Polish president’s National Security Bureau) الحلفاء الغربيّين الاقتداء بوارسو، وزيادة إنفاقهم على الأمن في محاولة لوقف تدهور خطير نحو الانخفاض، في حين تواصل روسيا الإضافة على ترسانتها.

“في الماضي، كانت ميزانيات الدفاع في معظم دول حلف شمال الاطلسي (NATO) في تناقص، في حين أن نفقات الجيش الروسي ظلت آخذة بالنمو. ويقول الجنرال كوزيج، يجب وقف هذا المنحى الخطير والمقلق”.

ويضيف كوزيج، أنّهُ “خلال قمة الناتو الأخيرة في نيوبورت قررنا زيادة ميزانيتنا الدفاعية إلى 2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي إعتباراً من عام 2016، والذي يرتبط بالطبع بالأزمة الأمنية التي نواجهها الآن والحاجة لضمان تحقيق أهم البرامج المتعلقة بتحديث الجيش”.

ووفقا للجنرال، أصبحت بولندا أيضا هدفا ل“العدوان والدعاية المعلوماتيّة الروسية” مع اتهام بث الدولة وموارد المعلومات الروسية في كثير من الأحيان لبولندا بالتدخل العسكري في أوكرانيا.

في الوقت نفسه ورغم وجود أدلة متزايدة نفت روسيا وجود دليل على أن المسلحين الذين يتحدثون اللغة الروسية في منطقة دونباس الواقعة في شرق أوكرانيا والمدعومين من قبل الكرملين، بأن الآلاف من الجنود الروس يتمركزون قرب الحدود الأوكرانية يعتبروا في عداد المفقودين منذ الصيف، في الوقت الذي تعلن فيه أوكرانيا عن إستمرار عبور عسكري روسي إلى الأراضي الأوكرانية.

وفي الوقت نفسه نفت روسيا أدلة على أن المسلحين الناطقين باللغة الروسية في منطقة دونباس شرق أوكرانيا المدعومة من قبل الكرملين، وعلى الرغم من تصاعد الأدلة على وجود الآلاف من الجنود الروس الذين يتمركزون بالقرب من الحدود الأوكرانية قد أصبحوا في عداد المفقودين منذ الصيف الماضي، في حين واصلت التقارير الأوكرانية بذكر استمرار إجتياز العسكريين الروس إلى الأراضي الأوكرانية.

ويكمل الجنرال كوزيج، “هناك صورة سلبية عن بولندا يتم تكوينها في المجتمع الروسي”. “وعلى سبيل المثال على هذه الضغوط هو الإعلان الأخير عن نقل صواريخ إسكندر (Iskander) إلى منطقة كالينينغراد (Kaliningrad)، وهي على الحدود البولندية. قبل بضعة أيام ذكرت وثيقة روسية عن ضم شبه جزيرة القرم أن بولندا أيّدت ثورة ميدان (Maidan) من خلال تدريب المقاتلين الأوكرانيّين، وهذا ليس صحيحاً بطبيعة الحال، لكن عمل على تشكيل صورة معينة عن بولندا في المجتمع الروسي”.

مع أن كوزيج يعتقد أن عضوية بولندا في حلف شمال الأطلسي منذ عام 1999 تعتبر بمثابة رادع لروسيا في حال مهاجمة ​​دولة عضو في الإتحاد الأوروبي بشكل علني، فإن نفس الشيء لا ينطبق على تكتيكات أكثر خداعاً في الحرب الهجينة، الّتي تجمع بين التضليل العام والدعاية والتخريب الداخلي مع الحرب التقليدية.

“في حالة حدوث عدوان علني منظم على أراضينا أنا واثق بأن الدفاع سيتم تفعيله من قبل حلف شمال الاطلسي حسب المادة 5 من معاهدة واشنطن. ونحن لا يمكننا أن نكون متأكّدين في حالة التهديدات تحت عتبة الحرب — عدوان خفي، وتحوّل، لا يمكن تجاهلهما منذ الضم الروسي لشبه جزيرة القرم”، حسبما يقول كوزيج، في إشارة الى حملة التضليل الإعلامي التي أحاطت بضم روسيا العسكري لشبه جزيرة القرم.

واضاف، “لهذا نحن لا نعد أنفسنا فقط لمثل هذه التهديدات، لكن نحاول أيضاً إقناع حلف الناتو لبناء القدرات للتعامل معها”.

وقال كوزيج  عندما سؤل عما اذا تضمنت أعمال “العدوان الهجين” هذه الجاسوسيّة الرّوسيّة، إن طبيعة مثل هذه المعلومات كانت “ذات طبيعة سريّة” لكنه أضاف، “أستطيع القول أن التجسس كعنصر من عناصر الحرب الهجينة يشكل تهديدا خطيرا في الوقت الحاضر”.

قال مؤخرا الرئيس السابق للمخابرات العسكرية التشيكية أندور ساندور (Andor Šándor) أن روسيا “بالتأكيد” قامت بزيادة جهودها التجسسيّة في الدول الشيوعية الحليفة السابقة منذ بداية الصراع في أوكرانيا.

وخلال العام الماضي أعلنت بولندا عن تدابير لحملة ضد التهديدات المحتملة لأمنها في حين أنّهُ سيصرف مبلغ 42 مليار  دولار على تحديث معداتها العسكرية خلال العقد المقبل. وقد تم التخطيط لإعادة توزيع الوحدات العسكرية على مناطقها الشرقية، والتي تقع على حدود الجيب الروسي كالينينجراد على بحر البلطيق، فضلا عن حليفة موسكو روسيا البيضاء وأوكرانيا المنكوبة بالحرب، والذي سيبدأ في عام 2017.

وقد وافقت بولندا أيضا على إنشاء وحدة عسكريّة مشتركة ثلاثيّة  مع جمهوريّتين من الجمهوريات السوفياتيّة السابقة ليتوانيا وأوكرانيا، وستكون اللغة الرسمية لها هي اللغة الإنجليزية. وعرضت وزارة الدفاع البولندية أيضا إصلاح معدات عسكرية بلغاريّة تعود إلى الحقبة السوفيتية في محاولة لتجنيب حليفتها في حلف شمال الاطلسي إرسالها إلى روسيا.

في حين أن بولندا هي إلى حد بعيد إحدى أكبر منتقدي السياسة الخارجية لروسيا، يعتقد كوزيج أن وارسو ليس لديها رغبة في فرض الأمن في أوروبا الشرقية، بل إنّها ببساطة ترغب بأن تكون قدوة.

“بولندا لا تريد تولي القيادة في وسط أوروبا الشرقية، لكنها تحاول ان تظهر للدول الأخرى في الشطر الشّرقي من حلف شمال الاطلسي باعتبارها قدوة  بكيفيّة التصرف للحفاظ على وحدة الغرب”.

وكجزء من استراتيجية تعزيز الجزء الشرقي لحلف الناتو سوف تطوّر بولندا مرافق الرد السريع بالإضافة إلى خمس دول أخرى في أوروبا الشرقية، في حين أن القاعدة الأماميّة لحلف الناتو وراء الستار الحديدي السابق هي شتشيتسين (Szczecin)، الواقعة في غرب بولندا.

ويضيف الجنرال، “ما هو أكثر أهمية بالنسبة لبولندا هو الحفاظ على وحدة الدول الغربية تجاه الأزمة الحالية، وتقوية الاتحاد الأوروبي في مجال الأمن”.

المصدر:

http://www.newsweek.com/poland-prepares-hybrid-war-amidst-russian-threat-316469

Share Button