سوكولوف يقول: ’عاصفة مثالية’ على الأرض قد تدفع شمال القوقاز نحو الفوضى

الخميس 9 أبريل/نيسان 2015

سوكولوف يقول: ’عاصفة مثالية’ على الأرض قد تدفع شمال القوقاز نحو الفوضى

بول غوبل (Paul Goble)

 ترجمة: عادل بشقوي

12 أبريل/نيسان 2015

            ستاونتون، 9 أبريل/نيسان — أطلقت صحيفة كافكازسكايا بوليتيكا (Kavkazskaya politika) عبر نافذتها سلسلة جديدة من المقالات التي تطرح السؤال الماثل ألا وهو  كيف ستبدو “عاصفة مثاليّة” من شأنها أن تقلب النظام السياسي القائم في شمال القوقاز، وفيما إذا كانت مثل هذه الزوبعة تقترب، كيف أن كلا النخب الإقليمية وموسكو قد يكونوا قادرين على التعامل معها.

            

المقال الأول الذي ظهر فقط على التو هو للكاتب دينيس سوكولوف (Denis Sokolov)، وهو أحد كبار الباحثين في الأكاديمية الروسية للاقتصاد وخدمة الدولة (Russian Academy of Economics)، الذي يقول أن زيادة التنافس على الأراضي سيقوض السيطرة الرسمية لأنه يغير التوازن من القطاع العام الى القطاع الخاص و يترك القطاع العام مع عدد أقل من الموارد اللازمة لشراء ذمم الناس.

           

وهذا التحول بدوره يزيد بالفعل من مخاوف الكثيرين في المنطقة وهم الذين يواجهون “عاصفة مثاليّة”، الأمر الذي سمح في الماضي للنخب الإقليمية بتوحيد موقفهم من خلال اللعب على المخاوف من الفوضى ولكن الآن قد يكون ذلك قد تجاوز قدراتهم على التكيف (kavpolit.com/articles/kogda_sluchitsja_idealnyj_shtorm_popytka_prognozir-15712/).

          

  يقر سوكولوف أنه على مدى العقدين الماضيين، لم يثبت أن “التوقعات المروعّة” حول تأثير النزاعات على الأراضي كانت صحيحة. وكان مسؤولون يستخدمون وسائل مختلفة قادرين عبرها على “تحييد” مثل هذه الصراعات، وحتى لاستغلالها لبناء قواهم الذاتيّة. ويشير الباحث الموسكوفي ان ذلك قد يكون في طريقه لأن ينتهي.

         

   ويكمل بأنّهُ كما لاحظ أحد أصدقائه: “هناك نوعان من وسائل الكفاح مع الفوضى: الديمقراطية الليبرالية الوطنية مع حقوق الإنسان، وسوق مفتوحة وعدالة يسهل الوصول إليها وإمبراطورية لا يسير كل شيء فيها وفقاً للقانون ولكن من خلال التفاهمات، حيث إن هناك شرطة سرية، ويتم الترويج للظلامية، ويزدهر الفساد”.

           

 يقول سوكولوف أن الأحداث في أوكرانيا خلال العام الماضي، “تبيّن مدى التعقيد في بناء دولة على بقايا امبراطورية”. هناك مخاطر للإنهيار من الفوضى والمخاوف في ذلك كبيرة، و “لا توجد أمثلة إيجابية كاملة” على أراضي ما كان يُعْرف بالاتحاد السوفياتي.

          

  ويقول أن هناك في داغستان، نظاماً هو أفضل ما يوصف بالكلمة العربية “نظام (nizam)”. ” هذه ليس عادات (adat) أو شريعة (shariat). إنّهُ نظام من القواعد غير المنشورة التي تحدد من يستطيع التحدث في أي اجتماع ومن لا ينبغي أن يظل صامتاً، ومن يمكن انتخابه رئيساً، أو يصبح إماماً أو زعيماً لجماعة، ومن لا يستطيع ذلك”.

           

 ويشير سوكولوف إلى أن هكذا قوانين لديها “عدة مصادر” بما في ذلك التقسيم الطبقي للمجتمع الداغستاني بالعودة إلى قرون مضت و“عدم المساواة الطبيعية التي تنشأ” مع الملكية الخاصة. ويستمر المحلل الموسكوفي: “لقد أعطانا العلي القدير حقوقاً متساوية، لكن جعلنا مختلفين”.

           

 ويقول، إذاقام المرء بترجمة “نظام” إلى “لغة الأنثروبولوجيا السياسية وتعني دراسة بُنية النظم السياسية (political anthropology)، يتبين أنها مجموعة من القوانين “التي تدعم الاستقرار في مجتمع تتنافس فيه اثنتان أو أكثر من المجموعات العشائريّة للسيطرة”. إنه “نظام عالمي ينشأ عن ضرورة “تقاسم السلطة والتدفقات المالية بشكل غير رسمي”.

          

  النخب الإقليمية في شمال القوقاز والبيروقراطية في موسكو “تعمل ليس وفقا لقانون ولكن وفقا ل ‘نظام’” وهو نظام “مختلف في كل مكان” ولكن يعتمد على “مبدأ واحد: مساعدة القوانين غير المكتوبة لتعزيز التسلسل الهرمي وتجنب القوة والفوضى”.

         

   “‘نظام’” هو بالتالي الخطوة الأولى بعيدا عن الفوضى، وهو لا يتطلب من أولئك الذين يشاركون في ذلك درجة عالية من التنظيم الاجتماعي ولكن يحد من فعالية القوة، ويعوض عن غياب العدالة، بينما في الوقت نفسه “يحد من المنافسة بشكل مفجع”. وهذا الأخير هو ليس فقط أخبار سيئة ولكن في النهاية يمكن أن يكون مصدراً لعدم الاستقرار.

           

 فمن ناحية، يعني هذا أن محاربة الفساد يشكل تهديدا لاستمرار عمل “‘نظام’”. ومن ناحية أخرى، فإنه يحد من قدرة القوى التي تريد المحافظة على نفسها إذا تغيرت الأوضاع الاقتصادية وكان لديها عدد أقل من الموارد لتُقَدّمَها مما يفعله أولئك الذين قد يكونوا قادرين على العمل في القطاع الخاص.

          

  طالما كان لدى المسؤولين المزيد من الأموال وغيرها من السلع لتوزيعها بدلاً من القطاع الخاص، فإنّ “النظام السياسي يبدو بأنّهُ لا يمكن الاستغناء عنه”. ويقول سوكولوف أن الجميع تقريبا يعتمدون على المسؤولين، كما يشير إلى أنّهُ “حتّى قادة المعارضة يجري تعيينهم من قبل الإدارة”.

     

            لكن ذلك الوضع ليس في الواقع ابدياً، لا سيما أن تنامي التنافس لما هو “المورد الرئيسي” لشمال القوقاز — الأرض — يزداد شدّة والإيرادات للسيطرة عليها تصبح أعلى من تلك التي يجب أن توزعها الدولة التي اعتمدت على المكاسب من النفط والغاز.

           

 أكثر من أي وقت مضى فإن المزيد من الناس في شمال القوقاز يرون أن السيطرة على الأراضي هي أفضل وسيلة لتحقيق الكسب لأنفسهم، لا سيما في ظل انخفاض قيمة الروبل، وزيادة الطلب على المنتجات الزراعية، وعدم وجود فرص استثمارية أخرى، وقد كثّف المسؤولون هذا الشعور مع المشاريع التي تتطلب السيطرة على الأرض كذلك.

           

 ويخلص سوكولوف إلى أنّهُ في الوقت الحاضر، “لم تبقى أراضٍٍ غير مستملكة”، ومع تزايد عدد السكان، تنمو المنافسة على الأراضي وإعادة تقسيمها، وهو أمر من المرجح أن يأخذ بعداً عرقياً وإقليمياً، وبالتالي التشكيك في الترتيبات الحالية “لنظام” وإشاعة الفوضى، على الأقل من المرجح أن يكون ذلك على المدى القصير.

 المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2015/04/perfect-storm-over-land-may-push-north.html

Share Button