موسكو تمانع في السماح للتعاون بين شبه جزيرة القرم وشمال القوقاز

24 يونيو/حزيران 2015

موسكو تمانع في السماح للتعاون بين شبه جزيرة القرم وشمال القوقاز

الصورة: علي توتركولوف، رئيس المؤتمر الروسي لشعوب القوقاز (Source: vestnikkavkaza.net)
الصورة: علي توتركولوف، رئيس المؤتمر الروسي لشعوب القوقاز
(Source: vestnikkavkaza.net)

بقلم: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)

ترجمة: عادل بشقوي

30 يونيو/حزيران 2015

بعد ضم شبه جزيرة القرم في العام الماضي، كان تكتيك روسيا المبدئي نشر اتصالات متعددة بين الشعب في شبه الجزيرة وسكان البلاد. وبعد ذلك بعام، يقول نشطاء من شمال القوقاز أن الحكومة الروسية تقوم بعزل شبه جزيرة القرم عن شمال القوقاز وتمنع المنطقتين من التعاون وتطوير العلاقات. رئيس المؤتمر الروسي لشعوب القوقاز، علي توتركولوف (Aliy Totorkulov)، حذر من أن حل مشاكل شبه جزيرة القرم دون الأخذ بعين الاعتبار المشاكل في شمال القوقاز سيكون مستحيلاً. ووفقا لرسلان قربانوف (Ruslan Kurbanov)، وهو زميل بارز في الأكاديمية الروسية للعلوم ومعهد الدراسات الشرقية (Russian Academy of Sciences’ Institute of Oriental Studies)، “لم تكن شبه جزيرة القرم والقوقاز تاريخيا فقط قريبة من بعضها البعض، وإنّما تضم ​​فضاءا ثقافياً واحداً، حيث تشكل في إطار شعوب منطقة القوقاز – البحر الأسود. علاقات عائليّة واقتصادية وروحية وثقافية بين شبه جزيرة القرم والقوقاز التي هي حتّى أقوى من تلك العلاقات التي توجد بين العديد من شعوب أوروبا” (Onkavkaz.com, June 17).

شبه جزيرة القرم جغرافياً هي في الواقع امتداد لمنطقة القوقاز. إنه ليس من المستغرب أن العلاقات بين الشمال قوقازيين — تحديداً، الشركس في شمال غرب القوقاز — وتتار القرم كانت قوية جدا من ناحية تاريخية. ومع ذلك، فإن التركيبة الإثنية في كل من شبه جزيرة القرم والقوقاز الشمالي-الغربي قد تغيّرت بشكل عميق منذ الغزو الروسي لكلا المنطقتين. والتغيير الأكثر أهميّة وقع في شمال-غرب القوقاز، حيث تم تطهير الشراكسة عرقياً من وطنهم بعد الغزو الروسي في القرن التاسع عشر. في الوقت الحالي، يشكل العرقيين الشركس نحو نصف في المئة من 5.2 مليون شخص في منطقة كراسنودار، التي تحد شبه جزيرة القرم (عبر مضيق كيرتش “Kerch Strait”). ويشكل سكان تتار القرم في شبه جزيرة القرم ما يزيد قليلا على 12 في المئة من المليوني نسمة في شبه الجزيرة.

منذ ضم شبه جزيرة القرم، زادت موسكو بشكل كبير من مستوى القمع ضد تتار القرم. الآن، فإنه لا يمكنهم إحياء ذكرى ترحيلهم من قبل السلطات السوفيتية في عام 1944 بشكل علني. وقد أصبح عقد تجمع كبير في وسط مدينة سيمفيروبول (Simferopol) لتتار القرم أمراً تقليدياً في ذكرى الترحيل الجماعي لآسيا الوسطى من قبل جوزيف ستالين في 18 مايو/أيار 1944. لكن منذ الضم، فإن سلطات الاحتلال الروسية حظرت إحياء الذكرى وأجبرت تتار القرم على إحياء ذكرى هذه الأحداث بشكل منعزل أو في المساجد (Kavkazskaya Politika, May 17).

في شمال القوقاز، فإن معظم الجماعات العرقية التي تم ترحيلها من قبل نظام ستالين لا تزال يمكنها إحياء تلك الأحداث علنا ​​في الأماكن العامة. يمكن للبلكار في قباردينو-بلكاريا، والكاراشاي في كراشيفو-شركسيا، والإنغوش في إنغوشيا إحياء الذكرى ​​ العلني للترحيل الجماعي من قبل السلطات السوفيتية خلال الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، أصبحت ذكرى الترحيل الجماعي للشيشان مسألة مثيرة للجدل بعدما قام حاكم الشيشان رمضان قديروف، باضطهاد النشطاء لقيامهم بتنظيم إحياء ذكرى المناسبات العامّة.

إن معظم نشطاء شبه جزيرة القرم، زاروا كل من جمهوريات شمال القوقاز ومنطقة ستافروبول (Stavropol) في أغسطس/آب 2014. وفي خريف عام 2014، قام نشطاء من شمال القوقاز، في المقابل، بزيارة شبه جزيرة القرم. كلا الزيارتين نظمتا وتم رعايتهما من قبل مؤسّسة ألتير (Altair Foundation) والمؤتمر الروسي لشعوب القوقاز الذي يرأسه علي توتركولوف. التقى وفد شمال القوقاز، من بين آخرين، حاكم الادارة الروسية في القرم، سيرغي أكسيونوف (Sergei Aksyonov). وأكد توتركولوف رؤيته لشبه جزيرة القرم كمنطقة ذات صلات وثيقة بشمال القوقاز. بدوره، قال أكسيونوف في ملاحظاته الختامية أنه مستعد لوضع استراتيجية كاملة لتنمية العلاقات الاجتماعية-الاقتصادية والتعليمية والثقافية مع جمهوريات شمال القوقاز والإشراف شخصيا على المشروع (Onkavkaz.com, June 17) . وكانت مبادرة توتركولوف ليست الوحيدة في شمال القوقاز: زار أكسيونوف الشيشان في يونيو/حزيران 2014، وتعهد قاديروف بالاستثمار في شبه جزيرة القرم وتطوير بنيتها التحتية (Yuga.ru, June 15, 2014; see EDM, March 26, 2014).

على الرغم من توفّر وعود عديدة لتوسيع التعاون، فإن العلاقات بين شبه جزيرة القرم وشمال القوقاز لم تأخذ مسارها بعد. إن شبه جزيرة القرم تواجه مشاكل اقتصادية خطيرة بسبب الأعمال العدائية الروسية-الأوكرانية، وعقوبات اقتصادية ضد روسيا من قبل الغرب، وعقوبات اقتصادية محددة ضد شركات شبه جزيرة القرم، والعزلة الجغرافية لشبه الجزيرة عن البر الرئيسى الروسي. إن شبه جزيرة القرم لا يوجد لها منفذ بري على باقي روسيا، لذلك فإن العبارات تجلب البضائع إلى شبه الجزيرة المعزولة من منطقة كراسنودار. ووفقا للصحفية ألينا مانافوفا (Alina Manafova)، فإن آخر شيء تريد الحكومة الروسية أن تراه هو زيادة تأثير شمال القوقاز. وكتبت أن “التأمل في أي إمكانية لتعزيز تأثير جمهوريات شمال القوقاز، وخصوصا خارج حدود شمال القوقاز، هو كابوس حقيقي لكل مسؤول روسي”. “وهو نفس رد الفعل الهستيري من قبل المسؤولين لأي زيادة في نفوذ جمهوريات شمال القوقاز الذي يمكن رؤيته في منطقتي ستافروبول وكراسنودار” (Onkavkaz.com, June 17).

إن الإشارات من موسكو بأن روسيا الفيدراليّة هي دولة للعرقيين الروس تزيد حتماً الشعور القومي بين الجماعات العرقية الأخرى في البلاد. ومقامرة الكرملين في أوكرانيا، بما في ذلك ضم شبه جزيرة القرم، أثار عن غير قصد قضايا داخل روسيا تبين بعدها أن قيادة البلاد لا تبدو على استعداد لعلاجها (see EDM, March 12, 2014; April 7, 2014).

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/nc/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=44074&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=332b8e29ed80c784c7b3f2f166b6b390

Share Button