قد يتحول الشمال قوقازيّين إلى مواطنين من الدرجة الثالثة في روسيا

قد يتحول الشمال قوقازيّين إلى مواطنين من الدرجة الثالثة في روسيا

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور

29 يونيو/حزيران 2015

الصورة: لافتة كتب عليها: “أوقفوا إطعام القوقاز!”  (Source: bg.ru)
الصورة: لافتة كتب عليها: “أوقفوا إطعام القوقاز!”
(Source: bg.ru)

بقلم: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)

ترجمة: عادل بشقوي

01 يوليو/تموز 2015

زعمت نشرة روسية أن شعار”أوقفوا إطعام القوقاز!”، والذي يحظى بشعبية بين ذوي الأصول الروسية، الّذي خرج به أعداء فلاديمير بوتين لتقويض سلطته وتدميره سياسياً في نهاية المطاف. وذلك محاولة غير عادية لبناء هوية جماعية لجميع مواطني روسيا. لقد تم تصنيف “أعداء بوتين” بالعدو المشترك لكلٍ من الحكومة الروسية ومواطني شمال القوقاز. وقد اتهم الخبراء الروس المقربين من الكرملين الليبراليين الروس بخيانة مصالح الأمة. هذه المرة كان الإتهام ليس فقط لليبراليين، ولكن أيضاً لأطراف في الحكومة الروسية. وقال الصحفي تيمور يوسوبوف، “من الجدير بالذكر أنه في وقت ظهور وانتشار شعار ‘أوقفوا إطعام القوقاز!‘ كان فلاديمير بوتين في أضعف موقف يواجهه”. “في ذلك الوقت فقد احتل فقط المرتبة الثانية الأكثر أهمية في الحكومة، كرئيسٍ للوزراء، وكان يمكن بسهولة إخراجه من جميع مفاصل الدولة”. ووفقا للكاتب، فإن أنصار الشعار أرادوا عمليا تخليص روسيا من شمال القوقاز، لكن تمكن فلاديمير بوتين من “نزع سلاحهم” من خلال “قوّة ساحقة” (velikoderzhavnaya) وذلك بتعبئة المجتمع الروسي حول إستعادة شبه جزيرة القرم وحماية الحدود الغربية لروسيا من “الفاشيين الأوكرانيين” (Onkavkaz.com, June 23).

على الرغم من المزاعم عن “أعداء بوتين”، إلا أن المناهضة العرقية الروسية نحو مواطني شمال القوقاز ربما تكون عميقة الجذور تماماً. ويتيح موقع جودبايي كفكاز (Goodbyekavkaz.org) للزوار بالتصويت لفصل شمال القوقاز عن روسيا. ويجري تقديم انفصال شمال القوقاز كوسيلة لتخليص روسيا من مكان متخلف إقتصادياً وخطيراً. الرسالة تصور الشمال قوقازيّين بأن لديهم ميل إلى الانغماس في الإرهاب في الوقت الّذي تحتاج فيه روسيا إلى إنفاق ثروتها للحفاظ على اقتصاد شمال القوقاز واقفاً على قدميه. حتى الآن، هناك حوالي 9،500 شخص صوّتوا لانفصال شمال القوقاز و 2،500 ضد الإنفصال.

وكان رد الرئيس بوتين على القومية الروسية المتنامية ذو شقّين. من ناحية، كتب ا في تقريره الذي كثيرا ما يستشهد به في مقال صحفي نشر في يناير/كانون الثاني 2012 في الدفاع عن شمال القوقاز: “عندما يبدأ بعض الناس بالإحتجاج اليوم: ‘أوقفوا إطعام القوقاز‘ — فإنهم غدا سوف يتابعون ذلك حتماً بالمطالبة: ‘أوقفوا إطعام سيبيريا والشرق الأقصى، وجبال الأورال ومنطقة الفولغا، وموسكو’”. ومن ناحية أخرى، في نفس المقال، رفع الرئيس الروسي من شأن ذوي الأصل الروسي في مجموعة متنوعة من الطرق. كتب بوتين، على سبيل المثال: “إن أفراد الشعب الروسي هم من يُشكّلون الدّولة [gosudarstvoobrazuyushchy] — ضمن حقيقة وجود روسيا. إن المهمة العظيمة [للعرقيين] الروس هو أن يتّحدوا، ويرتبطوا بالحضارة” (Nezavisimaya Gazeta, January 23, 2012). وحاولت موسكو الاحتفاظ بصيغة دولية من النمط السوفيتي، حيث قللت من أهمية الخلاف بين الجماعات العرقية، ولكن في الواقع قدمت مزايا إضافية للروس وللثقافة الروسية.

أحدث مجاهرة من قبل القوميين الروس العنيفين تشير إلى موقف الحكومة الروسية تجاه الأقليات العرقية قد لا يكون فقط مزدوج المحاور، ولكن أيضا مع لمسة من التعامل وفق معايير مزدوجة. إن المحاكمة الجارية بخصوص القوميين الروس إيفجينيا خاسيس (Evgenia Khasis)، وإيليا غورياشيف (Ilya Goryachev) ونيكيتا تيخونوف (Nikita Tikhonov) لا يتم ذكرها بشكل ملفت في وسائل الإعلام الروسية على الرغم من الأدلة المثيرة حقاً والإدّعاءات التي قُدِّمتْ في إجراءاتها. لقد اتهمت الجماعة بقتل عشرة أشخاص، بينهم نشطاء روس في مجال الحقوق المدنية وناشطين من الأقليات العرقيّة. وقد ارتكبت كل عمليات القتل في الفترة من 2008 إلى 2010. وزعم القوميون الذين تجري محاكمتهم مراراً وتكراراً أن لديهم صلات بالإدارة الرئاسية الروسية، بما في ذلك نائب رئيس الادارة، فلاديسلاف سوركوف (Vladislav Surkov) (BBC–Russian service, June 25).

وعلى الرغم من هذه الفضائح المذهلة، فإن المحكمة لا تبدو مهتمة في التحقيق في دور الحكومة في أنشطة القوميين الرّوس. كما أن  وسائل الإعلام الروسية متحفظة بشكل ملحوظ فيما يتعلق بهم. إن اعترافات قومي روسي آخر والمعروف جيّداً، وهو دميتري ديوموشكين (Dmitry Dyomushkin) تبين أيضا أن للحكومة تعاملات مع المنظمات القومية (YouTube, April 27). تبدو الصورة المنبثقة أن الحكومة لديها علاقة معقّدة مع المجموعات القومية الروسية حتى بدأت الأخيرة العمل بشكل مستقل ومن ثم قررت الحكومة اتخاذ اجراءات صارمة ضدّهها.

وتبدو مقامرة الحكومة الروسية في أوكرانيا قد قللت من شهية الحكومة لتزوير الإتصالات مع القوميين الروس وإلقاء اللوم على الشمال قوقازيّين بخصوص جميع المشاكل في روسيا. وأشار يوسوبوف باعتباره صحفياً: “في الوضع عندما ذهب القوقازيين بسهولة إلى دونباس للموت من أجل حماية السكان الروس في تلك المناطق في أوكرانيا، أصبح من المستحيل المضي قدماً في فكرة فصل شمال القوقاز عن روسيا في فضاء وسائط الإعلام العامّة”. وأشار الكاتب إلى أن ذلك كان من المرجح أن يكون حلا على المدى القصير لسلامة شمال القوقاز؛ وبعد الحرب في أوكرانيا، فإنه سوف يتم إستهدافهم مرة أخرى (Onkavkaz.com, June 23).

قد تجد موسكو صعوبة متزايدة في تنظيم القومية (الوطنيّة) الروسية فيما بعد. وبعد ضم شبه جزيرة القرم، فإن على الحكومة الروسية أن تعتني بأراضٍ جديدة ذات أغلبيّة سكانيّة من أصل روسي. ويبدو أن كييف (Kyiv) لا تريد تقديم الدعم للمناطق التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا، وبالتالي وضع موسكو في موقف تكون فيه مسؤولة عن رفاه العرقيين الروس الذين هم ليسوا مواطنين روس. في التسلسل الهرمي للمجموعات العرقية في روسيا، من المرجح أن ينخفض الشمال قوقازيّين ​​إلى أبعد من ذلك، حيث أن شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا سيكونان من شبه المؤكد أكثر أهمّية بالنسبة لموسكو من شمال القوقاز على المدى القصير والمتوسط.

المصدر:

http://www.jamestown.org/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=44096&tx_ttnews%5BbackPid%5D=7&cHash=fc45f088c50f66f63729ca1af1304cd5#.VZMOQROqqkr

Share Button