موسكو تزيد الضغط على النشطاء الشركس في يوم الذكرى

موسكو تزيد الضغط على النشطاء الشركس في يوم الذكرى

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor)

23 مايو/أيار 2016

بقلم: فاليري دزوتساتي (Valery Dzutsati)

ترجمة: عادل بشقوي

24 مايو/أيار 2016

المصدر الصورة: تويتر
المصدر الصورة: تويتر

في عام 1990، حدّد الناشطون الشركس يوم 21 مايو/أيار باعتباره يوماً للحداد وإحياء ذكرى التدمير النهائي لقوميّتهم في عام 1864 من قبل الإمبراطوريّة الرّوسيّة. ومنذ ذلك الحين، أحيا الشركس في شمال القوقاز وفي خارج روسيا يوم الحداد بالمسيرات والفعاليات الثقافية؛ تجاهلت سلطات الفيرالية الروسية هذه المناسبات إلى حد كبير . غير أنّهُ، في هذا العام، بدأ الروس ممارسة الضغط على الشركس فيما يتعلق بذكرى 21 مايو/أيار وفق مستوى من الحِدّة والمجهود على عكس السنوات السابقة.

في يوم 21 مايو/أيار، اعتقلت الشرطة في موسكو الناشط الشركسي بيسلان توفاجيف (Beslan Teuvazhev) وثمانية من رفاقه. ووفقا للناشطين، كانوا بالقرب من محطة للمترو في موسكو عندما وصلت الشرطة واقتادتهم إلى مركز الشرطة. وكان توفاجيف ومجموعة من الناشطين الشركس قد طلبوا في وقت سابق من سلطات المدينة الحصول على إذن لعقد اجتماع عام في سوكولنيكي بارك (Sokolniki Park)، في موسكو، في يوم 21 مايو/أيار، وذلك لإحياء يوم الحداد. رفضت إدارة المدينة الطلب، قائلة إن منظمة أخرى قد أعطيت الإذن لعقد حدث آخر في سوكولنيكي بارك في ذلك اليوم. وعندما طلب توفاجيف المدينة للسماح للشركس استضافة هذا الحدث يوم 22 مايو/أيار، رفضت السّلطات مرة أخرى منحهم الإذن (Kavkazsky Uzel, May 21).

في يوم 20 مايو/أيار، رفضت السلطات الروسية دخول مجموعة تضم 21 شركسياً من تركيا كانوا في طريقهم لعبور الحدود البرية الجورجية-الروسية. وبعد تأخير لمدة 20 ساعة، أعادتهم سلطات الحدود على أعقابهم. وكان الفريق قد سافر بالحافلة من أنقرة، في تركيا، وعبر البحر الأسود بواسطة العبارة الى ميناء باتومي، في جورجيا، معتزمين مواصلة السفر على نفس الحافلة الى نالتشيك، في قباردينو-بلكاريا. كان يعتزم أعضاء الفريق في أن يكونوا في نالتشيك في 21 مايو/أيار في يوم الذكرى الشركسي، ولكن يبدو أن السلطات الروسية لم توافق على مشاركتهم في المناسبات العامة في قباردينو-بلكاريا (Justicefornorthcaucasus.info, May 20).

خاوتي سوخروكوف (Khauti Sokhrokov)، وهو معروف جيداً في موالاته لموسكو ويرأس الجمعية الشركسية العالمية، وافق على تصرفات السلطات الروسية. وقال سوخروكوف انه حذر المنظمات الشركسية في شمال القوقاز من أنه نظرا للتوترات الحاصلة بين روسيا وتركيا، لا ينبغي لها أن تدعو أي من المشاركين الأجانب (Natpressru.info, May 20). ويمثل الوفد الشركسي من تركيا فيدرالية الجمعيات القفقاسية في تركيا (KAFFED)، التي أرسلت مرارا وتكرارا وفوداً إلى شمال القوقاز في الماضي دون الكثير من المتاعب (Natpressru.info, May 22).

وحتّى أنّهُ جدير بالذّكر هذا العام، منعت وزارة الداخلية الأردنية، وللمرة الأولى منذ سنوات، الاحتجاجات الشركسية أمام السفارة الروسية في عمّان. ويُذكر أن الشركس الأردنيين يعقدون في كل عام حدثاً صغيراً نسبياً يشمل حوالي 200 – 300 شخص في العاصمة الأردنية. السكان المحليين على قناعة بأن الحكومة الأردنية تصرّفت تحت ضغط من روسيا. ومع ذلك، ذُكر أن نشطاء من الشركس تمكّنوا من تنظيم مظاهرة أمام السفارة الروسية على الرغم من الحظر (Natpressru.info, May 21).

تركيا لديها أكبر عدد من السكان الشركس في العالم، وعقدت مناسبات إحياء ذكرى كبيرة هناك في يوم الحداد في يوم 21 مايو/أيار (Kavkazsky Uzel, May 21). وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية طانجو بيلغيج (Tanju Bilgic)، في 20 مايو/أيار، أن نفي الشركس ما زال “جرحا غائرا في القلب”  و “كارثة” سيتذكرها كل الناس في القوقاز. ووصف المسؤول التركي دمار الشراكسية الذي حدث في منتصف القرن التاسع عشر من قبل روسيا أنّهُ أحد أعنف عمليات القتل الجماعي في التاريخ، قائلا أن مئات الآلاف من الناس في القوقاز قد تعرّضوا للاضطهاد وواجهوا الإبادة عندما غزت روسيا القوقاز، مما اضطر الناجون إلى الهجرة إلى الأناضول، في الإمبراطورية العثمانية (Aa.com.tr, May 20).

وقتل ما يقدر بنحو 90 في المئة من السكان الشركس في شمال القوقاز ومنطقة البحر الأسود، جوعا حتى الموت أو أجبروا على مغادرة وطنهم نتيجة للغزو الروسي للمنطقة في القرن التاسع عشر. وسعت الإمبراطورية الروسية للسيطرة على ساحل البحر الأسود والمضائق، والذي من شأنه أن يسمح لتوسعة نفوذها إلى حدٍ أبعد إلى الجنوب وإلى أوروبا.

والمسيرات ومناسبات إحياء الذكرى في الحادي والعشرين من مايو/أيار هذا، جرت في جمهوريات  قباردينو-بلكاريا، وكراشيفو-شركيسيا وأديغيا، كما يحصل في العادة. وجرت الهيمنة على هذه الأحداث من قبل المسؤولين الإقليميين، الذين أكدوا على وحدة جميع الشعوب في كل من هذه الجمهوريات. ويقدر من شارك في هذه الوقائع نحو 1،500 – 2،000  شخص في مايكوب، عاصمة جمهورية أديغيا. وبعد المسيرة، سمحت السلطات لأولئك الّذين شاركوا في يوم الحداد الدخول إلى قاعة للحفلات الموسيقية في مايكوب، على ما يبدو للحد من عدد المشاركين وتخفيف وجود الناس في الشوارع (Natpressru.info, May 21).

في قباردينو-بلكاريا، جرت مسيرة كبيرة في نالتشيك، جنبا إلى جنب مع وقائع على نطاق أضيق في مدن أخرى من الجمهوريّة. في هذا العام، ذُكِر أن الأحداث العامّة  شهدت وجود كبير للشرطة في نالتشيك (Kavkazsky Uzel, May 21). وفي إحياء تذكاري في كراشيفو-شركيسيا، قال حاكم الجمهورية، رشيد تيمريزوف (Rashid Temrezov) أن نصباً تذكارياً لإحياء ذكرى ضحايا الحرب الروسية-القوقازية سيكون جاهزاً بحلول خريف عام 2016 (Kavkazsky Uzel, May 21).

إن إحياء ذكرى ضحايا الحرب الروسية-الشركسية في شمال القوقاز لا يشكل تهديداً لموسكو. وعادة ما تهيمن السلطات الإقليمية على هذه الأحداث، التي لا تقول أي شيء مثير للجدل يمكن أن يزعج السلطات الإتّحاديّة. الآن، وعلى الرغم من كل ذلك، تبدو السلطات في موسكو بأنّها تزيد من الضغط على الشركس داخل وخارج روسيا من أجل تقليص نطاق إحياء يوم الذكرى الشركسية، وفي نهاية المطاف وقفها تماماً. وفي حين أن الاحتفالات هي في حد ذاتها لا تشكل تهديداً لموسكو، إلا أن أي مناسبة عامة في شمال القوقاز تجلب الناس سوياً، وتظهر أن هناك إمكانية للعمل الجماعي. وبالعمل بشكل وقائي، تعتزم موسكو الآن التشويس على الشبكات الشركسية من أجل تجنب أي مطالب سياسيّة منها في المستقبل.

المصدر:

http://www.jamestown.org/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=45459tx_ttnews%5BbackPid%5D=7#.V0Qj15N95E4

Share Button