وكان الموقف الروسي حيال ثورة 17 فبراير الليبية مشككاً وممانعاً، حيث أعلنت روسيا، في أكثر من مناسبة، معارضتها لأي قرار دولي حول ليبيا، وأعربت عن خشيتها من أن يؤدي أي تدخل عسكري في ليبيا إلى دخولها في أتون الحرب الأهلية، وحاولت منع صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 الذي فرض منطقة حظر جوي على ليبيا، إضافة إلى فرضه عقوبات على نظام القذافي، فامتنعت عن التصويت لصالح القرار، لكنها لم تستطع منع صدوره، نظراً للإجماع الدولي عليه، ولكونه جاء تحت مبدأ التدخل الإنساني وحماية المدنيين.
ويتوقع الخبراء أن يصل حجم الخسائر الروسية في ليبيا إلى عشرة مليارات دولار، بالرغم من تطمينات المجلس الانتقالي الليبي تجاه العقود المبرمة في المرحلة السابقة. ولا شك في أن المصالح الروسية في سوريا كبيرة وهامة بالنسبة إلى روسيا، حيث تقدر مبيعات الأسلحة إلى سوريا بعدة مليارات من الدولارات. يضاف إلى ذلك عشرات المشاريع المشتركة التي تم الاتفاق والتعاقد بشأنها، وتقدّر قيمة عقودها بمليارات الدولارات.
والحاصل هو أن المواقف الروسية الرسمية -حيال ما يجري في المنطقة العربية- ما زالت محكومة بإرث مرحلة الحرب الباردة، وما يتمخض عنها من ردات فعل ضد المواقف الأوروبية والأطلسية، إضافة إلى حسابات الربح والخسارة الاقتصادية، والتخوف الروسي مما يمكن أن تقدمه التغييرات الجارية في بعض البلدان العربية من تهديدات للأنظمة التي تدخل في نطاق مجالها الحيوي، ومن ازدياد مساحات نفوذ الغرب الأوروبي والأطلسي، لكن حدود المواقف الروسية ضيقة، وتخضع في غالب الأحيان للمقايضات والمساومات، ولا يبرر كل ذلك تجاهل مطالب الثورات والانتفاضات المنادية بالحرية والكرامة والديمقراطية، وتحسين الأحوال المعيشية للقطاعات المحرومة والفقيرة من الشعوب العربية.
المصدر: | الجزيرة |
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1EF61529-B86D-46E6-B03A-6F811C95EFE2.htm?GoogleStatID=1