نافذة على أوراسيا: بوتين يقود روسيا إلى المراحل النهائية من انهيار الإمبراطورية، تقول صحيفة أسبوعية في باكو

الثلاثاء ٢٢ يوليو/تموز ٢٠١٤

نافذة على أوراسيا: بوتين يقود روسيا إلى المراحل النهائية من انهيار الإمبراطورية، تقول صحيفة أسبوعية في باكو

بول غوبل (Paul Goble) 

ترجمة: عادل بشقوي

 ٢٢ يوليو/تموز ٢٠١٤

                 ستاونتون، 22 يوليو/تموز – مثله مثل مختلف أسلافه على مدى القرن الماضي، يقود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بلاده إلى حقبة أخرى من الانهيار الإمبراطوري من خلال جهوده التي تاتي بنتائج عكسية لإنقاذ أو حتى استعادة تلك الدولة الإمبراطورية، وفقا لمحرري صحيفة مينفال الاسبوعية (Azerbaijan’s Minval.az) التي تصدر في أذربيجان.

             في مقدمة لعدد خاص من تلك المجلة الإخبارية بعنوان “بوتين: من النشوة إلى الواقع” الذي صدر اليوم، يثير المحررون أن روسيا قد مرت عبر ثلاث مراحل من الإضمحلال الإمبريالي على مدى القرن الماضي، والفضل الآن يعود إلى بوتين في المرحلة الرابعة، وستدخل قريبا مرحلتها النهائية الخامسة (minval.az/news/56787).

             كما أكد الكثيرون من قبل، كانت الإمبراطورية الروسية تختلف اختلافا جوهريا عن نظيراتها الأوروبيات، وبالتالي، كان زوالها مختلفاً عنها. وعلى عكس الدول الأوروبية التي امتلكت ثم تخلت عن إمبراطوريات في الخارج، قامت روسيا بزيادة رقعة إمبراطوريتها بتماس دائم، ما جعل إنهيارها أكثر صعوبة بكثير.

             وكانت النتيجة، كما يقول محررو مينفال، أن زوال الإمبراطورية الروسية قد امتد إلى أكثر من قرن من الزمان  و”في خطر الإستمرار لعدة عقود أكثر من ذلك”. ووفقا لتعدادهم، فإن روسيا وجيرانها، قبل الزوال النهائي للإمبراطورية سوف تمر عبر خمس مراحل. 

             بدأت المرحلة الأولى مع بداية الحرب العالمية الأولى، وبلغت ذروتها مع ثورة عام 1917 والحرب الأهلية اللاحقة. فاز البلاشفة في ذلك ونجحوا في الاحتفاظ بمعظم الإمبراطورية لأنهم، على عكس خصومهم، “فهموا ضرورة وجود حل وسط مع القوميات المتواجدة على آطراف الحدود التي كانت تناضل من أجل تقرير المصير”. 

             “الإمبراطورية الجديدة، الاتحاد السوفياتي، ظهرت باعتبارها اتحادا لدول مستقلة إسميا، على الرغم من أن السلطة الحقيقية في هذه الامبراطورية الحديثة كانت آجهزة الحزب الشيوعي والصفوة”. ولكن على الرغم من ذلك، فإن الأساس الأيديولوجي للدولة تضمن في داخله لغم مؤقت دمرها في نهاية المطاف. 

             بدأت المرحلة الثانية مع اندثار هذه الأيدولوجية في عام 1991 وتشكيل رابطة الدول المستقلة. “ل[أذربيجان] وأوكرانيا”، تقول الأسبوعية، أصبحت رابطة الدول المستقلة (CIS) صك الطلاق الحضاري، [لكن] بالنسبة للكرملين كان بمثابة الأمل لاستعادة الامبراطورية في شكل جديد”. 

             بذلت موسكو جهودا جبارة من أجل “تحويل الدول المستقلة الجديدة إلى دول تابعة لروسيا”، وهي عملية تشمل أمل المركز الروسي في أن يسمح له بتشكيل “إمبراطورية جديدة”. لكن عملية تشكيل الدولة في المنطقة آخذ منحى خاصا به ومختلف جدا، وجهود موسكو الخرقاء لتغيير اتجاه ذلك، كما هو الحال في جورجيا في عام 2008، سارع فقط من تلك العملية. 

             بدأت المرحلة الثالثة من انحلال الامبراطورية الروسية، كما يقول المحررون في باكو، مع ضم بوتين لشبه جزيرة القرم وتبني حرب جديدة في شرق أوكرانيا. تلك الأعمال “أدت إلى انقسام حاد وأخير لروسيا”، من ناحية، وأوكرانيا، “هذا الرمز الكبير من أي من المشاريع [الروسية] الإمبراطورية والإمبريالية الجديدة”.

              على أمل إعادة بناء الامبراطورية، وضع بوتين أخيرا وبشكل لا رجعة فيه روسيا في خلافات “مع جيرانها والعالم المتحض” وجعل بلاده “نموذجا غير جذاب للجمهوريات غير الروسية في روسيا ومناطق سيبيريا والشرق الأقصى”. وتحركاتها نحو الخروج من الإمبراطورية يمثل بداية المرحلة الرابعة. 

             خلال المرحلة الرابعة، يقول محرروا مينفال، ستظهر عدة دول من النوع القومي أو “شبه الإمبراطوري” حيث آنها سوف تظهر ثم تأتي معا لإنشاء كومنولث روسي جديد “والذي سوف يذكر بالكومنولث البريطاني القائم بالفعل” بدلا من رابطة الدول المستقلة. 

             ولكن على الرغم من قوى الطرد المركزي تلك، فإن “جمهورية الشعوب الروسية وعاصمتها في موسكو ستحافظ في هذا الكومنولث على المركز المهيمن وعلى محاولة تحويلها إلى دولة فيدرالية جديدة”. وخوفا من ما يمكن آن تعني الأسلحة النووية في هذه الدولة، فإن المجتمع الدولي سوف يصر على “إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في أراضي دول الكومنولث”. 

             والمرحلة الخامسة من إضمحلال الإمبراطورية سوف تبدأ عندما يترك آعضاء الكومنولث الجديد “واحدا تلو الآخر” العضوية فيه ليذهب كل في طريقه. وعند “محاولة جمهورية الشعوب الروسية التدخل في هذه العملية من خلال اثارة الصراعات الداخلية في تتارستان (Tatarstan) وساخا-ياقوتيا (Sakha) سيؤدي ذلك إلى الهزيمة العسكرية والعزلة المؤقتة” كما يقول المحررون. 

             بعد فترة من الفوضى، سوف تأتي مجموعات ديمقراطية حقيقية إلى السلطة في جمهورية الشعوب الروسية وستسعى إلى الحصول على العضوية في الإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وتشير مينفال، بأن العضوية ستصبح ممكنة عندما تعترف موسكو باستقلال جمهورية الشرق الأقصى وجمهورية سيبيريا الديمقراطية. 

             مع تلك الخطوات، فإن “تاريخ الإمبراطورية الروسية سوف يقترب أخيرا من نهايته، والكثيرين من المقيمين في المساحة المتمثلة بما تبقى من روسيا سوف يجدوا آن أوكرانيا المجاورة هي خلفا لها”. في الواقع، يقول المحررون، بأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تحقيق حلم الذي في ذلك الوقت سيكون،  “رئيس الفيدرالية الروسية فلاديمير بوتين، الذي سيصبح نصف منسي”.

             يمكن أن تأتي تلك إلى حيز الوجود من خلال اتفاق بين أوكرانيا وجمهورية كوبان وجمهورية جنوب روسيا لتشكيل دولة فيدرالية. 

             إن وصف مينفال لما حدث حتى الآن هو دقيق للغاية، ولكن إيحاءاتها بشأن المستقبل قد تكون خيالية، على الرغم من أنها هي أيضا موحية للغاية. في الواقع، حتى لو أن تفاصيل المحررين على خطأ، إلا أن تصورهم لعملية اقتراب نهاية الإمبراطورية الروسية يشير إلى ثلاثة استنتاجات هامة. 

             الأول، كل مرحلة من مراحل الانحطاط الإمبريالي قابلتها محاولة لاستعادة أو توسيع الامبراطورية بدلا من أولئك الذين يريدون المغادرة. الثاني، تباطأ زوال الإمبراطورية عندما استعدت موسكو لتقديم تنازلات وليس عندما تسعى إلى فرض طريقتها الخاصة. والثالث، اضمحلال الامبراطورية الروسية لم ينته لكنه دخل مرحلة جديدة فقط.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/07/window-on-eurasia-putin-is-ushering.html

Share Button