نافذة على أوراسيا: عندما كانت روسيا ديمقراطية – كانت نوفغورود قبل احتلال المسكوفيّين لها

الجمعة، 25 يوليو/تموز، 2014

نافذة على أوراسيا: عندما كانت روسيا ديمقراطية – كانت نوفغورود كذلك قبل احتلال المسكوفيّين لها

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي
25 يوليو/تموز 2014

   ستاونتون، 25 يوليو/تموز – أثار ازدياد تسلط فلاديمير بوتين جولة جديدة من الجدل في روسيا وأماكن أخرى والقاضي بأن “الروس غير قادرين عضويا على الديمقراطية والقيم الأوروبية”، ولكن وجهات النظر هذه تتجاهل تاريخ جمهورية نوفغورود (Novgorod) التي لغاية قيام موسكو باحتلالها، كانت من بين الأجزاء الأكثر ديمقراطية في أوروبا ولمدة أربعة قرون.

             في حين أن تقاليد نوفغورود الديمقراطية وقيام موسكو بتدميرها يتم التقليل منها أو حتى تجاهلها من قبل العديد من الذين يتبعون تيار المسكوفيين الأوحد فيما يتعلق بنهج التاريخ الروسي، إلا أنه يتزايد الرجوع إلى هذين الجزئين من التاريخ الروسي من قبل الروس الإقليميين وآخرين يرغبون في رؤية ديمقراطية، بظهور روسي غير موسكوفي.

             وخير مثال على ذلك تم تقديمه اليوم من قبل بافلبريانيكوف (Pavel Pryannikov)في مدوّنته تولكوفاتل (Tolkovatel)،والذي يصف من خلالها بشيء من التفصيل الترتيبات السياسية لجمهورية نوفغورود، بما في ذلك التمثيل، والانتخابات، ووجود أحزاب (“أطراف”)، وضوابط وتوازنات مختلفة حيث كانت موجودة حتى دمرت مسكوفي كل ذلك في عام 1478 (ttolk.ru/?p=21185).

             بدأت جمهورية نوفغورود في 1136 عندما قام سكان تلك المدينة باعتقال وطرد الأمير وعائلته، الذين حكموهم لغاية ذلك الوقت. الثوار، ذلك هو ما كانوا عليه، أعلنوا قيام الجمعية الشعبية أوفيتشي (veche) لأن تكون الهيئة العليا لسلطة الدولة للأراضي الواقعة من بحر البلطيق إلى جبال الأورال ومن البحر الأبيض إلى بحيرة سليجر (Seliger).

             أكثر من أي مكان آخر في أوروبا في ذلك الوقت، كان المشاركون في هذه العملية يسهمون فيها على نطاق واسع، فعلى الرغم من أن 40 إلى 50 من العائلات الأرستقراطيّة لعبت دورا غير متناسب. لكن من المهم أيضا أنه كان في فيتشيممثلي الطبقات التجارية، والنقابات المختلفة، والجماعات المسلحة، والكنيسة.

             في كل عام، انتخبت فيتشينوفغورود رئيساً للحكومة ونائباً له، وهو الذي أشرف على السياسة الداخلية والخارجية وجنبا إلى جنب تولّى الأمير قيادة القوات المسلحة وترأس المحاكم. وكان يطلب من رئيس الحكومة أن يتعاون معفيتشي، وعندما لم يفعل ذلك، كان يطاح به. و كذلك  الأمر، كان يتوقع من الأمير في وقت السلم على أقل تقدير أن يتعاون معها.

             وكان دور الكنيسة في جمهورية نوفغورود أيضا مميزاً، كما يشيربريانيكوف. وقد تم اختيار رئيسها، وهو رئيس الأساقفة، من خلال عملية ديمقراطية على نحوٍ لافتٍ للنظر. اختارتفيتشيثلاثة مرشحين، ومن ثم تم اختيار الفائز بالقرعة، وهو أسلوب مختلف جدا من ترتيبات بطريركية موسكو من أعلى إلى أسفل.

             تم تقسيم نوفغورود إلى مناطق إقليمية، وهذه المناطق، والتي لها مصالح مختلفة، أصبحت الأساس ل “الأطراف”، كما كانت تدعى الأحزاب السياسية آنذاك. كانوا يتنافسون فيما بينهم فيفيتشيوأولئك الذين كانوا يأملون في رئاسة الجمهورية كانوا في العادة واحد أو اثنان، وكان عليهم طلب الحصول على الدعم من الآخرين.

             من الواضح، فإنه لم تكن جمهورية نوفغورود في القرون الوسطى ديمقراطية في أي شيء مما هي عليه بالمعنى الحديث، حيث يعترف المعلّق بهذا، ولكنها كانت أكثر ديمقراطية بكثير من حيث الامتياز ورقابة الهيئة التشريعية للسلطة التنفيذية مما كانت عليه لندن أو أي مدينة أوروبية رئيسيّة أخرى في ذلك الوقت.

             واستمرت هذه الديمقراطية المبكّرة لما يقرب من أربعة قرون – إلى أن تم تدميرها بواسطة مزيج من الخداع والقوة من جانب موسكو في عام 1478. ومنذ ذلك الوقت، سعت موسكو لتجاهل جمهورية نوفغورود واعتبرتها ببساطة “إقطاعيّة” لها. لكن كما يظهر مقال بريانيكوف، فإن الرّوس يذكرون أكثر من أي وقت مضى تقاليدهم وتميزهم عن موسكو.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/07/window-on-eurasia-when-russia-was.html

Share Button