كلمة الرئيس الاستوني إلفيس في المؤتمر العالمي للأمم المتحدة بشأن الشعوب الأصلية

كلمة الرئيس الاستوني إلفيس في المؤتمر العالمي للأمم المتحدة بشأن الشعوب الأصلية

 22 سبتمبر/أيلول 2014

ترجمة: عادل بشقوي

30 سبتمبر/أيلول 2014

© Cia Pak (UN Photo)
© Cia Pak (UN Photo)

السيدات والسادة، 

إنه شرف لي أن أتحدّث في هذا الاجتماع رفيع المستوى والمكرس لحقوق الشعوب الأصلية. وباعتباري أحد السكان الأصليين – عاش الأستونيون على اراضينا الحالية لعدة آلاف من السنين – وأنا سعيد بشكل خاص لرؤية الكثيرين بينكم ممن يهمهم أمر هذا المؤتمر. وبالتالي يمكننا مناقشة القضايا التي يواجهها السكان الأصليين سوياً. لقد وقفنا على كلا الجانبين، كشعب من الشعوب الأصلية المظلومة، والآن كعضو في الأمم المتحدة. فنحن نعرف ما تواجهه الشعوب الأصلية. وأود أن أشير في البداية إلى أن من المؤسف أن تكون مشاركة الشعوب الأصلية في محافل الأمم المتحدة هو  باستمرار مصدر تساؤل. ومن غير المفهوم، إن لم يكن ليقال من المستغرب والمخجل أن بعض الدول تسعى لعرقلة مشاركة الشعوب الأصلية، ومن غير تقديم أي تفسير لأفعالهم. نأمل بأن يكون ذلك قريبا شيئا من الماضي، وأن الشعوب الأصلية سيكون لها صوتاً قوياً في المجتمع الدولي. 

وأذكر أنّكم، آنتم الشعوب الأصلية، المتأثرين بشكل مباشر بأحكام الوثيقة الختامية التي سنعتمدها اليوم، لم يكن بإمكانكم المشاركة في المناقشات حول هذا الموضوع في المراحل الأخيرة. ومع ذلك، أعتقد أن مشاركتكم في المراحل المبكّرة وفرت أساسا جيدا للحيازة المشتركة لهذه الوثيقة.

ويسرني أننا نؤكّد اليوم في الوثيقة الختامية من جديد التزامنا بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP). إنها تشمل مخرجات واضحة من أجل تحسين حقوق الشعوب الأصلية، بما في ذلك إجراءات أقوى من قبل الأمم المتحدة. آمل أن الوثيقة الختامية ستكون بمثابة أساس للمضي قدما ونحن نتطلع إلى تنفيذها على الفور.

السيدات والسادة، 

يجب احترام حقوق الشعوب الأصلية. إن الغالبية العظمى من الدول تفعل ذلك، معربين عن دعمهم لإعلان حقوق الشعوب الأصلية (Declaration on the Rights of Indigenous Peoples). كذلك الحال بالنسبة لاستونيا. ولسوء الحظ، ومع ذلك، غالبا ما كانت الأولوية في كثير من البلدان هي في المكاسب المادية قبل الحقوق الأساسية. إن من المهم أن نفهم أن التراث الثقافي للشعوب الأصلية هو شكل من أشكال الثروة التي يفوق بوضوح الربح الاقتصادي الذي اكتسبته من خلال الاستغلال المكثف وغير المستدام للموارد الطبيعية. هذا السعي المتهور للربح على حساب ثقافة الشعوب هو بالضبط ما شهدناه في العديد من المناطق الفنلندية – الأوغرية (Finno-Ugric). 

فيما يتعلق بنا كاستونيين، فإن مستقبل الشعوب الفنلندية – الأوغرية التي تربطنا بها صلة القربى واللغة، هو قريب من قلوبنا على نحوٍ خاص. نحن نعرف وقد شعرنا بالخوف من الانقراض. ولاحظنا بقلق أن تعدادهم انخفض، في حين أن النشاط الاجتماعي – السياسي لتحسين موقفهم لم يتوافق دوما مع هذا التحدي الكبير. إن أسوأ سيناريو، في رأينا، هو أن تتلاشى المنظمات الوطنية، وأن يهمش القادة وتعم عدم مبالاة البلدان التي يعيشون فيها – مدعية أن الشعوب الأصلية على هذا النحو، يجب عليها إن تقتبس عبارة نعرفها من العهد السوفياتي، “لا يوجد شيئ منظور”. 

لقد خلف كل من التمدن والتصنيع والحروب العالمية والتهجير والهجرة على نطاق واسع جروحاً عميقة في قلوب العديد من السكان الأصليين. بما في ذلك على سبيل المثال، السكان الفوتيين (Votic)، حيث أنهم أبناء عمومتنا الفنلندييين – الأوغريين. فقبل بضع سنوات وعند مطلع الألفية الثانية بدأ بناء ميناء كبير في لوغاسو (Laugasuu) (أوست – لوجا Ust-Luga). ويجري بناؤه على أراضي الفوتيين التقليدية حيث عاش أبناء عمومتنا لأطول فترة على أراضيهم كما عشنا نحن الاستونيين على أراضينا. هذا البناء يشكل خطرا كبيرا على آخر ثلاثة قرى فوتية متبقية: لوتسا (Luutsa,) وليفتسولا (Liivtšülä) وجوغوبيرا (Jõgõperä). فعلى الرغم من أن بناء ميناء لوغاسو يتعارض مع إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، إلا إن الوضع الراهن الذي يواجهه الفوتيون يكاد يكون فريداً من نوعه. نحن جميعاً نعلم أن هناك قائمة طويلة من الشعوب الأصلية التي تعيش في أقسى الظروف. فعلى سبيل المثال، تعيش هناك جنبا إلى جنب مع الفوتيين أمة فنلندية – أوغرية صغيرة أخرى، هي إيجوريا (Izhorians)، حيث أن أفرادها مهددون بالانقراض خاصة نتيجة لمخطط إقامة مصنع للكيماويات بجوار قريتاهم روتسي (Rutši) وفيستينا (Viistina) مباشرة. إذا أقيم مصنع المواد الكيميائية وتم تدمير البيئة، فإنه سيكون هناك خطراً على الأمة والثقافة ويمكن حتى آن تدمر. وسوف يصبح الإنسان أكثر فقرا من أي وقت مضى.

ولدعم قومياتنا الشقيقة، طرحت الحكومة الاستونية برنامج الشعوب الشقيقة (Kindred Peoples Programme) في عام 1999. وهو برنامج للمساعدات الحكومية لدعم اللغات والثقافات الأورالية الأصلية (Uralic languages). إنه يوفر الدعم في خمسة مجالات مختلفة – دورات التعليم والتدريب والأبحاث والثقافة وتبادل المعلومات، فضلا عن الرعاية الصحية وحماية البيئة. لسنوات عديدة خلت ساهم خبراء استونيون في منتدى الأمم المتحدة الدائم والمعني بقضايا الشعوب الأصلية حيث قدمت حكومتنا الدعم المالي لصندوق الأمم المتحدة المعني بالسكان الأصليين. وسنواصل القيام بذلك في المستقبل.

السيدات والسادة، 

وأود أن أقر وأعترف بأن نيوزيلندا تقوم دائماً بضم آعضاء من شعب الماوري (Māori) في وفودهم واجتماعاتهم. وأود أن أشكر فنلندا والنرويج والسويد لضمان شمول وفودهم لمندوبين من قومية سامي لكافة اجتماعات الشعوب الأصلية في الأمم المتحدة من أجل التعبير عن اهتماماتهم الصادقة حول مستقبل الشعوب الأصلية. كما وأود أن أضم تأييدي لتصريحات الرئيس الفنلندي حول شعب كولا سامي (Koola Sami) بسبب منعهم من حضور الإجتماع. وأود كذلك أن أشكر أوكرانيا لدعمها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP) والاعتراف بتتار القرم باعتبارهم من الشعوب الأصلية؛ أود أن أشكر العديد من البلدان الأخرى التي تتخذ خطوات لتحسين حالة الشعوب الأصلية. 

نحن ملتزمون بفعل كل ما في وسعنا لدعم الشعوب الأصلية؛ وذلك في مراعاة لماضيها وضمان لمستقبلها. إن الشعوب الأصلية، بغض النظر عما إن كانت تعيش في لينينغراد (Leningrad Oblast)، أو في شبه جزيرة القرم (Crimea)، أو أمازوناس (Amazonas)، أو نيوزيلندا (New Zealand)، أو أريزونا (Arizona) أو شبه الجزيرة الاسكندنافية (Scandinavian peninsula)، يجب أن تكون جميعها معترف بها تماما. دعونا نتعلم كيف نستمع إلى الأصوات التي تم إسكاتها لفترة طويلة جدا وغالبا ما تزال كذلك. نحن لا يمكن أن نسمح باستمرار العقلية الإستعمارية لتتستر على الجرائم التي ارتكبت ضد الشعوب الأصلية، ومواصلة حرمان الشعوب الأصلية من الحق في أن يكون لها رأي بمستقبلها.

أنهي كلمتي، وأذكر أن الرئيس الاستوني السابق، والكاتب والمخرج المحبوب لينارت ميري (Lennart Meri)، كان واحدا من أولئك الأفراد الذين تجرأوا على الاستماع إلى هذه الشعوب وتصوير أفلام تهمها. وأود أن أدعوكم إلى افتتاح معرض لصور رحلات فيلمه في مبنى المؤتمرات اليوم الساعة السادسة مساء. إن في ذلك إشادة بمخرج الأفلام الكبير الذي اهتم بالوفاء بالوعد للشعوب الأصلية. 

المصدر: 

http://www.president.ee/en/official-duties/speeches/10587-president-ilves-at-the-united-nations-world-conference-on-indigenous-peoples-22-september-2014/index.html

Share Button