نافذة على أوراسيا: أحد المدوّنين يقول أن “الحرب الهجينة” هي استراتيجية روسية منذ عهد المغول

الأحد 19 أكتوبر/تشرين الأول 2014 

نافذة على أوراسيا: أحد المدوّنين  يقول أن “الحرب الهجينة” هي استراتيجية روسية منذ عهد المغول

بول غوبل (Paul Goble) 

ترجمة: عادل بشقوي

22 أكتوبر/تشرين الأوّل 2014

 

             ستاونتون، 19 أكتوبر/تشرين الأول — شهد الكثيرين في موسكو والغرب حملة روسيا في أوكرانيا على أنها شيء جديد، ولكن في الواقع، يقول مدون روسي في مدوّنة له تم إعادة نشرها في وسائل الإعلام في موسكو بأن روسيا تستخدم “حرباً هجينة” بنجاح هائل لقرون. 

             أرجيل تيرنر (Ardzhil Terner)، وهو اسم وهمي لمدون روسي قال بأنه يعيش في كندا ويناقش ما يحاول فلاديمير بوتين القيام به في أوكرانيا لمطالبة الغرب التدخل هناك عبر استخدام قوات غير نظامية من أجل زعزعة الموقف، وهو الأمر الذي سيكلف الغرب أي فرصة للفوز ويضمن أن روسيا سوف تأتي في المقدّمة (km.ru/world/2014/10/15/barak-obama/749670-sila-rossii-v-ee-kovarnoi-kazhushcheisya-slabosti).

             ويقول إن هكذا إستراتيجية، كانت جزءا من السياسات الخارجية والداخلية الروسية لعدة قرون. وذلك حسب قول تيرنر، أنها تنطوي على إغراء القوى الخارجية للتدخل عندما يعتقدون بأنّ موقف روسيا ضعيف ومن ثم استغلال هذا التدخل لإيجاد الدعم للقيادة الروسية من خلال السماح لها بأن تطرح نفسها بوصفها المدافع عن البلاد. 

             ويتابع٫ ”ومع ذلك قد يبدو متناقضا”: “في كل مرة يسقط الغرب في مثل هذه الاستفزازات، فقد لحق به هزيمة ساحقة”، ونفس الشيء هو محتمل في حالة جنوب شرق أوكرانيا حيث أن تدخلاً غربياً سوف ينتج بالضبط تأثيراً عكسياً تماماً مما يعتقد الكثيرين: انتصار ساحق لموسكو.

             وعلى العكس من الغرب الذي “يفضل دائما الطريق الصريح والعدوان العسكري المكشوف”، إلا أن “روسيا بنمط متجذر في دورها بوصفها وريثة بيزنطة، فضلت استعمال ما في حقيقة الوسائل البربرية في إدارة الحرب، لم تهاجم أولا بل تجبر الخصم على القيام بذلك وتقدّم نفسها على أنها ضحية بريئة للعدوان”. 

             ووفقا لتيرنر، كان هذا هو الحال في الحرب الروسية – البولندية 1610 – 1612، والتي ظهرت فيها بولندا للوهلة الأولى بأنها فائزة، لكنها خسرت الحرب تماماً فيما بعد، وفي الحرب السويدية في أوائل القرن الثامن عشر، والحملة ضد نابليون في أوائل القرن التاسع عشر، والحرب الروسية – اليابانية في مطلع القرن العشرين، حيث أن كسب اليابان للديون وضعها في خطر الهزيمة لاحقاً. 

             يقول تيرنر إن “الثورتين الروسيتين في عام [1917] والحرب الأهلية التي تلتهما أظهر مرة أخرى الفعالية العالية لأساليب “الحرب الهجينة الروسية”، حيث أن الروس دمّروا أولا الإمبراطورية وبالتالي إغراء التدخل الخارجي ومن ثم استخدام ذلك التدخل لإعادة بناء الإمبراطورية تحت اسم جديد. 

             ويقول تيرنر، استخدمت موسكو تكتيكات مماثلة ضد هتلر، أولاً تضع نفسها لتظهر ضعيفة وبالتالي تغري التدخل الألماني ثم تتحول ضد الألمان وتنتصر انتصارا ساحقاً. 

             وفي عام 1991، قام الروس “بتدمير الاتحاد السوفياتي”، مما دفع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، حيث لم يكن أي منهما يقوده أناس يعرفون التاريخ، للاحتفال والتحرك شرقاً. “وفي الوقت نفسه، جذبتهم روسيا بدهاء إلى صراعات مختلفة في الشرق الأوسط ويوغوسلافيا وإلى جانب ذلك دفعت باتجاه توسّع الناتو” شرقا.

             بدى ذلك وكأنه هزيمة ساحقة لروسيا، لكن، يقول تيرنر، “كان ينبغي أن يكون واضحا تماما لأي أحمق أن ذلك كان الاستفزاز الأخير المخزي من الروس الذين سعوا من خلال هذا الأسلوب لإجبار الولايات المتحدة والناتو لتكرار أخطاء سابقيهم” والإلتفات إلى الطرق التي من شأنها ضمان هزيمتهم قرب أو في روسيا.

             ويقول تيرنر، أوكرانيا هي آخر عمل في هذه الدراما. قام الروس “باستفزاز الغرب لتنظيم ميدان (Maidan)، للإطاحة بالرئيس يانوكوفيتش (Yanukovich)، ومن ثم إعطاء الأمر إلى كييف لبدء عمليات عسكرية في دونباس (Donbas)”. إذا تدخّل الغرب الآن كما يبدو من المرجّح أن يحدث كما يعتقد، فإنّ الأمور سوف تؤدّي إلى فوز روسي بعد هزيمة جليّة. 

             هناك مسائل واضحة في هذا التحليل. من ناحية، فإن تعريف تيرنر عن “الحرب الهجينة” هو بالكاد نفس التعريف الذي يستخدمه كثيرين آخرين. ومن ناحية أخرى، تنطوي حجته على مرتبة من التروي الروسي هو أكبر بكثير مما كان عليه في واقع الحال. وخلاصة القول، هو يجعل الإستقامة المقصودة ما كان استجابة قسرية. 

             ولكن تعليقه مهم للسبب التالي. قد لا يكون دقيقاً لا في الماضي ولا في المستقبل، ولكنه يوفر سرداً سوف يجده العديد من الروس مقنعاً ودليلاً على ذكائهم على حد سواء وتطور مقارن مع خصومهم في الغرب. 

             وهذا بدوره سوف يعطي لهم المزيد من الأسباب لدعم استخدام بوتين المتزايد للاستفزازات ضد الغرب وهي الاستفزازات التي سيراها الروس ليس كتهديد خطير لرفاهيتهم ولكن كخطوات لازمة لهزيمة الغرب النهائيّة ونصرهم في نهاية المطاف. 

 المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/10/window-on-eurasia-hybrid-war-has-been.html

Share Button