ضم شبه جزيرة القرم يحفّز التعاون بين تتار القرم والشركس

10 نوفمبر/تشرين الثّاني 2014

ضم شبه جزيرة القرم يحفّز التعاون بين تتار القرم والشركس

الكاتب: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)

ترجمة: عادل بشقوي

11 نوفمبر/تشرين الثّاني 2014

المصدر: رويترز
المصدر: رويترز

بعد أن فرغت روسيا من ضم شبه جزيرة القرم، فإنها َسَرّعَتْ بغير وعي من إرساء أسس للتعاون بين تتار القرم والشركس، وذلك وفقا للنّاشط الشّركسي أنزور كابارد (Andzor Kabard). اتخذت مبادرة الحقوق الشركسية، وهي منظمة تركية، الخطوات الأولى لإقامة اتصالات أوثق مع تتار القرم في عام 2013. وطالب الشركس منظمات تتار القرم في تركيا ومؤسستهم المجلس الملي (Milli Mejlis) في أوكرانيا، التعاون من أجل خدمة مصالح شعبيهما. بعد فترة وجيزة من ضم روسيا رسميا لشبه جزيرة القرم في الربيع الماضي، توصّل الناشطون الشركس وتتار القرم في تركيا إلى اتفاق للضغط من أجل مصالحهم معا (ekhokavkaza.com, November 5).

إن المسارات التاريخية للشراكسة وتتار القرم هي في الواقع متشابهة بشكل لافت للنظر. فقد واجه كلا الفريقين تاريخيا عواقب توسّع الإمبراطوريّة الرّوسيّة وعانوا خسائر فادحة على أيدي الجيوش الروسية الغازية. تحول تتار القرم إلى أقلية في شبه جزيرة القرم من خلال سلسلة من عمليات التطهير العرقي فضلا عن سياسات التوطين العدوانية من قبل الإمبراطورية الروسية، وعلى وجه الخصوص من قبل الإتحاد السّوفياتي. لقد أصبح الشراكسة أقلية في وطنهم على الفور تقريباً بُعيْد هزيمتهم النهائية في عام 1864 حيث سعت الإمبراطورية الروسية لفرض سيطرتها على سواحل البحر الأسود ذات الأهمية الإستراتيجية. تم ترحيل السكان الشركس بشكل جماعي إلى الإمبراطورية العثمانية فيما تمّ إرسال المستوطنين الروس على وجه السرعة إلى شمال-غرب القوقاز.

ربما يكون واحدا من أهم أوجه التشابه بين الشركس وتتار القرم هو حقيقة أن أوطانهم هي الآن جزءا من الفيدراليّة الروسية ويوجد شتاتهم الأكبر في تركيا. وتشير تقديرات مختلفة أن عدد الشركس في تركيا يتراوح بين 6 – 8 ملايين وعدد تتار القرم هناك هو بين 4 – 6 ملايين نسمة. ويبدو الفرق الأكبر بين الشّتاتيْن في تركيا أن تتار القرم هم أكثر إنصهاراً من الشركس، وربما لأن تتار القرم يتحدثون لغة من مجموعة اللغات التركية مماثلة للغة التركية، في حين أن اللغة الشركسية مختلفة تماما عن التركية. ولذلك فمسألة العودة، هي أقل تقبلاً بكثير بين التتار منها بين الشركس (ekhokavkaza.com, November 5). ومع ذلك، فإن من المرجح أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، سيرفع الوعي الوطني لتتار القرم في شبه جزيرة القرم وفي الشتات في تركيا.

وعامل آخر من المحتمل أن يؤثر على التعاون بين تتار القرم والشركس هو تصاعد الضغوط الرّوسيّة على تتار القرم بعد ضم شبه الجزيرة. حيث أن عمليات البحث والإعتقال والإختفاء بين تتار القرم أصبحت هي مبدأ العمل هناك، وهو الشيء الّذي لم يشهدوه في ظل الحكومة الأوكرانية. وفقا لكابارد، فإنّ الشركس فقدوا حوالي 2000 شخص في عمليات خاصة شنتها الحكومة الروسية في شمال القوقاز على مدى العقد الماضي. ووفقا للنّاشط الشّركسي، فإنّ موسكو تحفّز “الجهاد” عن عمد، في شبه جزيرة القرم لقمع تتار القرم وتبرير انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

إلى جانب تعزيز الروابط بين تتار القرم والتتار في تتارستان، نجد أن الحكومة الرّوسيّة تسْعى إلى استخدام الصّلات بين شبه جزيرة القرم  ومنطقة شمال القوقاز من أجل دمج شبه جزيرة القرم في روسيا الفيدرالية بشكل أسرع. في أغسطس/آب الماضي، تجوّل في جمهوريات شمال القوقاز وفداً من أهالي شبه جزيرة القرم ضمّ التتار. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، زار وفد من شمال القوقاز شبه جزيرة القرم. على الرغم من أن الوفود تكوّنت في معظمها من نشطاء المجتمع المدني، إلا أن الغرض من زيارتها كان واضحاً تماماً من خلال خطابها. وأعلن الناشط من قراشاي، علي توتوركولوف (Aliy Totorkulov) خلال زيارته لشبه جزيرة القرم: “لقد تحدثنا مع ممثلي مختلف منظمات تتار القرم ويمكنني التأكيد على وجه اليقين أن تتار القرم سعداء للانتقال إلى الفيدراليّة الرّوسيّة. لقد أدركوا أن روسيا لا تريد لهم سوى الخير” (kavpolit.com, November 5).

وتوتوركولوف هو واحد من عدد قليل من الناس الذين يقولون أن تتار القرم سعداء بأن انتهى بهم المطاف مع روسيا. حتّى أن وسائل الإعلام الرّوسيّة الرّئيسيّة فوجئت من الحملة على تنظيم المجلس الملّي لتتار القرم في سبتمبر/أيلول (mk.ru, September 17). وقد تم أساساً طرد زعماء تتار القرم مثل مصطفى جميلوف (Mustafa Cemilev) من وطنهم. الّذي تحرشت به وسائل الإعلام واعتبرته خائناً لروسيا وأصبح ذلك بالفعل شائعاً (بي بي سي نيوز 24 سبتمبر).

ربّما يجد الشركس وتتار القرم على أرض الواقع أرضية مشتركة للتعاون. غير أنّ موسكو قد تستخدم أيضا شبكتها الحكوميّة لرعاية المنظمات غير الحكومية (NGOs) الشركسية في شمال القوقاز لتشجيع تتار القرم الإذعان للحكم الرّوسي. في هذه المرحلة، لا يزال تتار القرم يلفتون انتباه المجتمع الدولي بسبب الأعمال العدائية المستمرة التي نشأت نتيجة للصراع بين روسيا وأوكرانيا. غير أنه، عندما يقل اهتمام العالم، فستكون حملة روسيا على نشطاء تتار القرم أشد قسوة مما هي عليه الآن. وقد يصبح التعاون بين مجموعات مستقلة من النشطاء أساسياً لجميع المنظّمات التي تعاني من ضغوط من جانب الحكومة.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/nc/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=43068&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=d89951bc12398b0fdb83deda6557d385

Share Button