روسيا في وضع أسوأ بكثير مما كان عليه الإتحاد السوفياتي في نهاية الحرب الباردة الأولى، يقول سيكوف

الأربعاء 1 أبريل/نيسان 2015

روسيا في وضع أسوأ بكثير مما كان عليه الإتحاد السوفياتي في نهاية الحرب الباردة الأولى، يقول سيكوف

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

6 أبريل/نيسان 2015

            ستاونتون، 1 أبريل/نيسان — يقول كونستانتين سيفكوف (Konstantin Sivkov) أن روسيا في هذه الأيام في حال أسوأ بكثير مما كان عليه الإتحاد السوفيتي (USSR) في نهاية الحرب الباردة الأولى، وما لم تتخذ تدابير جذرية الآن، فإن القوى التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي سيكون لها “عواقب وخيمة ليس فقط على روسيا كدولة ولكن على الشعوب التي تسكن فيها”.

            ونتيجة لذلك، يرى رئيس أكاديمية موسكو للمعضلات الجيوسياسية (Moscow Academy of Geopolitical Problems) في مقالة له اليوم على موقع سياسة الدفاع الروسية (VPK)، أنّهُ يجب على موسكو أن تركّز على تجربة الاتحاد السوفياتي لأنها توفر مثالاً سلبياً لما لا يجب فعله إذا كان يأمل أحدهم في تجنب هزيمة في مسارالتصعيد الحالي من التوترات الدولية (http://vpk-news.ru/articles/24528).

            ويقول سيفكوف أن من بين الدروس التي يجب على حكام روسيا الحاليين أن يتعلموها إذا كان عليهم أن يتجنبوا وقوع كارثة، هو أنه يجب عليهم تعزيز بدلا من إضعاف جهاز الأمن الإتّحادي (FSB) وسيطرته على النخب الرئيسية وأنّهُ يجب عليهم التعبير عن فكرة وطنية بناء على العدالة والمساواة بدلا من أن يشارك المرء على أساس الإصطفاء الدارويني (Darwinian).

            وفقا لسيفكوف، “من الواضح” أنه “تم سحب روسيا من قبل  الغرب إلى مرحلة جديدة من الحرب الباردة”، حيث أن التوترات بين الشرق والغرب هي أعلى مما كانت عليه في نهاية الحرب الباردة الأخيرة، وأن روسيا في وضع سواء على الصعيد الدولي أو المحلّي أسوأ بكثير مما كان عليه الاتحاد السوفياتي قبل انهياره.

            ويكمل بأن من الناحية الجيوسياسيّة، كان كل من حلف وارسو (Warsaw Pact) والصين يعتبران حلفاء للإتحاد السوفياتي. “واليوم، ترصد روسيا خصمها الجيوسياسي على حدودها”، مع بسط الغرب لسيطرته “على بلدان المعسكر الاشتراكي السابق وحتى بعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق”.

            وعلاوة على ذلك، فإن “الحلفاء الحاليين لروسيا يعتمدون عليها أقل بكثير مما كان عليه الحال خلال أيام الاتحاد السوفياتي”. ونتيجة لذلك، فإن دعم موسكو هو “بعيداً دائما من أن يكون مضموناً” كما تبين من ردودها على الأزمة الأوكرانية وسياساتها الخارجية المستقلة على نحو متزايد بشكل أكثر شمولاً.

            اقتصاديا، فإن حالة روسيا اليوم هي أسوأ مما كان عليه الاتحاد السوفياتي قبل جيلٍ واحدٍ من الآن. كلّف الغزو الألماني روسيا أكثر من نصف إنتاجها الصّناعي، ولكن كانت الحكومة السوفيتية قادرة على استعادته. وقد كلفت الإصلاحات الاقتصادية روسيا أكثر من ذلك، ولكن موسكو لم تفعل ذلك. في الواقع، هي تعتمد الآن على الغرب في العديد من المجالات.

            ويقول سيفكوف، ذلك لأن النظام السوفياتي كان مدفوعا من أهداف وخطّة وطنية. روسيا في الوقت الحاضر، “في ظل وسائل الإنتاج الرأسمالية”، ليست كذلك. بدلا من ذلك، فإن الأولوية لجميع الجهات الاقتصادية الفاعلة هي “الأرباح القصوى” لنفسها بغض النظر عن ما يعنيه ذلك بالنسبة للبلد ككل.

 

            روحياً، فإن الوضع في روسيا اليوم هو “أسوأ مما كان عليه في المجال الاقتصادي”. ويقول أن أفراد الشعب السوفييتي، كانوا “في أغلبيتهم المطلقة على قناعة بشرعيّة الأيديولوجية الاشتراكية الحاكمة”. والأهم من ذلك، فإنّهم يرون في النظام الإجتماعي في الاتحاد السوفييتي على أنه مجرد مثال للعالم.

            ويقول سيفكوف بأنّهُ لا يوجد شيء مشابه لذلك في روسيا المعاصرة. “تم استبدال الأخوة الإشتراكية بعلاقات تنافسية”. ونتيجة لذلك، “لا وجود لثقة غير مشروطة بالنخبة الحاكمة من قبل المجتمع. بدلا من ذلك، فإن الوضع هو عكس ذلك تماماً”.

            ويقول المحلل والمعلق الموسكوفي أن من الناحية الأمنية، كان للاتحاد السوفياتي مزايا محددة لقواته العسكرية، والخدمات الخاصة، والمجمع العسكري الصناعي. إن القطاع الوحيد الذي تتميز به روسيا اليوم هو “قدرتها النووية”.

            وعلى الرغم من المزايا، فقد خسر الاتحاد السوفياتي الحرب الباردة الأولى، كما يقول سيفكوف. إذا أرادت روسيا تجنب فقدانها ثانية، فإنّهُ يجب عليها أن تحدد الأسباب العديدة التي حصلت من أجل اتخاذ إجراءات وقائية.

            ويشير إلى أن أول هذه، كانت “سياسة الكوادر الخاطئة” للحقبة السوفييتية السابقة، وهي سياسة سمحت بظهور العشائر، ونمو القيم الرأسمالية على حساب الاشتراكية، والتدهور العام الذي ترك النظام من دون الشعب الذي يمكنه أن يشغل عجلة الاقتصاد المخطط له واللازم للمدافعين عن النظام في وقت الأزمة.

            وسبب ثانٍ، حسبما يقول سيفكوف، كان انتشار الفكرة الخاطئة بأن الإنفاق العسكري يشل البلاد. في الواقع، كان الكثير من الإنفاق العسكري يذهب للاحتياجات المدنية سواء بصورة مباشرة أو من خلال الترويج لهذا النوع من التقدم التكنولوجي الذي أفاد جميع قطاعات الاقتصاد. ولكن ذلك ليس ما اعتقده معظم الشعب السوفييتي في نهاية المطاف.

            وسبب ثالث، يتعلق بالثاني، هو أن القادة السوفيات بدأوا أكثر من أي وقت مضى بأن ينسوا ما كانت عليه في الواقع الاحتياجات الأمنيّة للبلد. “نشأت مشكلات خطيرة في النظام الأمني”، وهددت قدرة القوات المسلحة في البلاد في “ضمان التحييد العملي لجميع أنواع التهديدات المسلحة دون إستعمال وسائل نووية”.

            ويقول سيفكوف، خلافا لما يحدث في روسيا اليوم، عملت الأجهزة الأمنية بشكل جيد سواء في الداخل أو في الخارج، ولكن عند نقطة معينة، كان دورها الإيجابي قد انخفض بشكل خطير عندما أصبحت الإمتدادات العليا لحزب -الدولة “يُحْظر التقرب منها” بقدر ما كانت الإستخبارات السوفييتية (KGB) معنية في ذلك، وهو التطور الذي أدى إلى ظهور وانتشار عملاء التأثير والخونة.

            ويقول المحلل الموسكوفي،  للأسف وعلى قدم المساواة، فإن هذا الاتجاه سمح لحزب-الدولة بتعيين أعوانه المسؤولين عن الإستخبارات السوفييتية والأجهزة الأمنية السوفيتية الأخرى. وهذا بدوره خفض فعاليتها ليس فقط في البلاد حيث بدأ الرؤساء الأمنيين الجدد بعرض نفس مشاكل النخبة للحزب الشيوعي السوفييتي ولكن في الخارج أيضاً.

            ويقول سيفكوف، “إن إضمحلال النخبة السياسية العليا في روسيا هو أعمق بكثير مما كان عليه الحال في الإتحاد السوفياتي”، والفساد المستشري المتبقي من دون عقاب إلى حد كبير، والأنانية المقدّسة ذات القيمة العالية، مع العشائر المنتشرة على نحوٍ متزايد والقوية جداً بمجملها.

            لا النخب ولا الجماهير لديها فكرة وطنية واضحة المعالم و“التي من شأنها أن تحتوي على فهم واضح للعدالة الاجتماعية وتثبت أن دولتنا قد بنيت على أساس العدالة”. ونتيجة لذلك، هناك زيادة في الانقسامات في المجتمع الروسي وفرصة ضئيلة لطفرة تكنولوجية تحتاجها البلاد.

            ويضيف سيفكوف، ما هو مثير للقلق ربما إذا نظر المرء إلى المستقبل، حيث أن موسكو تعتمد الآن على أسلحتها النووية في الأمن لأن “قواتها التقليدية قادرة على حل المهام فقط في الصراعات منخفضة الشّدّة”. وجهاز الأمن الإتّحادي لديها هو أضعف بكثير لأن المزيد من النخبة الروسية “لا يمكن الإقتراب منها”.

            ويقول، في ذلك الوضع، “يزدهر {الطابور الخامس}”، ويقوّض الحكومة والمجتمع ويتركهما “أضعف بما لا يقاس مما كان عليه الحال في زمن الإتّحاد السّوفيتي”. ويقول سيفكوف، ما لم يتم اتخاذ تدابير جذرية، فإن البلاد محكوم عليها” وعلى الأرجح عاجلا وأكثر تطرفاً مما كان عليه الإتحاد السوفيتي السابق.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2015/04/russia-in-far-worse-shape-than-ussr-was.html

Share Button