الشركس بين الجمعية الشركسية العالمية ومتلازمة ستوكهولم

الشركس بين الجمعية الشركسية العالمية ومتلازمة ستوكهولم

بقلم: عادل بشقوي

21 أغسطس/آب 2015

لقد عانى وابتلي الشركس، ولا يزالون من قبل الأوصياء الذين إما أنهم قد نصّبوا أنفسهم أو تم  تفويضهم من قبل بعض الأطراف، وهم الذين لهم هدف مشترك يرمي إلى توجيه القضية الشركسية نحو المجهول. بعد أن بينت الجمعية الشركسية العالمية (ICA)، مراحل أنشطتها والتطورات التي وصلتها في الوقت الحاضر إلى “نقطة اللاعودة” فيما يتعلق بالعناد والمبالغة في تأييد وتبنّي المواقف الرسمية للسلطات الروسية، التي هي بالأساس ضد المصالح القومية والوطنية الشركسية والتراخي لا بل اللامبالاة في مواجهة الصلف الاستعماري المعروف جيداً للجميع.

للأسف، الشركس سواء كانوا يقيمون في الوطن أو في الشتات الواسع يتم التعامل معهم بأسلوب كما لو كان عليهم القبول بما يعرض عليهم من أي شيء ولكن لا شيء جدي أو ملموس. وقد أثبتت الجمعية الشركسية العالمية ضعفاً بتقديم أي خطة شركسية مشروعة لأولئك الذين فرضوا تأثيرهم على مصير أمة بأكملها، وذهبوا بعيداً بمزيد من الخطوات غير المحسوبة في تجاهل للحقوق المشروعة والكرامة والمعاناة الإنسانية بغض النظر عن أي عواقب من أجل إظهار الأنانية ولإرضاء الآخرين.

بعد الإخفاقات الأخيرة التي تعرضت لها رئاسة الجمعية الشركسية العالمية والتململ وعدم رضا الأفراد والجمعيات الأعضاء في الجمعية في كرسنودار وجمهوريتي أديغيا، وكراشاي-شركيسيا بالإضافة إلى تركيا وأماكن أخرى، وعلى ما يبدو تم إدخال تكتيك في العلاقات العامة من قبل الإدارة العليا للجمعية في محاولة للقضاء على الآثار التي نتجت عن الاحتجاجات الأخيرة وفي استجابة للخطوات التصعيدية التي اتخذت مؤخرا. قام رئيس الجمعية الشركسية العالمية خاوتي سوخروكوف (Khauti Sokhrokov) وإثنان من أقرانه بزيارة هذا الشهر إلى تركيا والأردن، وهي خطوة اتخذت لغرض الدعاية للأفكار التي يمثلونها ويتابعونها، وفي ترتيب من أجل الانتخابات المقبلة القادمة في سبتمبر عام 2015، التي في العادة تكون نتائجها معروفة مسبقا، ومن أجل الاستمرار في خدمة مهمتهم في توجيه الجمعية الشركسية العالمية على طريقتهم، و لتنفيذ أجندتهم غير المجدية.

لم تكن المهمة بهذه البساطة، حيث كان على أعضاء الوفد لقاء الناس والمؤسسات الشركسية لإقناعهم بوجهات نظرهم. كان من السهل بالنسبة لهم في بعض الأحيان وصعباً في أحيان أخرى. لقد كان على أعضاء الوفد ان يواجهوا في الاماكن التي زاروها موقفا لا يحسدون عليه عندما كان عليهم أن يستمعوا إلى ما قاله لهم الحضور، ليصلو الى نتيجة حتمية مفادها ان الانحراف عن المبادئ الاساسية التي تم التغاضي عنها لا بل الالتفاف عليها وتغييرها خلال السنوات الماضية لن يجدي نفعا لان الشركس سواء في الوطن أو في ديار الإغتراب لن يرضوا مطلقا بان يتم الإستخفاف بحقوقهم المشروعة. لقد أعدت جمعية اصدقاء شراكسة القفقاس الاردنية بيانا مقتضبا موقعا من قبل رئيس الجمعية وتمت ترجمته للغة الروسية وتلي امام وفد الجمعية الشركسية العالمية الذي زار الاردن، وكافة الحضور من قبل رئيس جمعية اصدقاء شراكسة القفقاس الاردنية الدكتور روحي شحالتوغ في حفل الاستقبال الذي اقامته الجمعية الخيرية الشركسية المركز في عمان للوفد في باحة الجمعية، وقد تم تزويد رئيس الجمعية الشركسية العالمية خاوتي سخروكوف وأعضاء الوفد بنسخ خطية من المقترحات باللغة الروسية كان من بنودها: “الاهتمام بكسب الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ألمت بالأمة الشركسية، و“إصدار بيان من الجمعية الشركسية العالمية يستنكر زيارة ما أسمته {روسيا الفيدرالية زيارة شيوخ العشائر الشركسية في الشتات وتصريحاتهم الداعمة لإقامة الألعاب الأولمبية على الأراضي الشركسية المحتلة}”، و”الالتزام بالنظام الأساسي للجمعية الشركسية العالمية الذي ينص على مراعاة وتطبيق القوانين والمعاهدات الدولية (http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251676182).

إن أخذ وجود علاقة غير متكافئة مع الجانب الروسي في عين الاعتبار وذلك لحقيقة أنهم يُتعتبرون أتباعاً ولا يمكن أن يكونوا قادة، يجعل من الأمر يبدو وكأنه علاقة بين “الاستبداد” و“الضعف”، لتصبح بين “السادية” (sadism)، وهي “عندما يتمتع شخص بإلحاق الألم بالآخرين”، و“الماسوشية” (masochism)، التي هي “الرغبة أو الميل إلى إخضاع النفس لتجارب غير سارّة أو شاقة” و“الميل إلى استخلاص المتعة، من خلال التعرض للإذلال أو سوء المعاملة”، وبذلك ينتج عمليا طرفي المعادلة.

مما سبق، نعرج على متلازمة ستوكهولم، وهي “ظاهرة سيكولوجية يعبر فيها الرهائن عن التعاطف والمواساة ويكون لهم مشاعر إيجابية تجاه خاطفيهم، وأحيانا إلى درجة الدفاع عن الخاطفين والتماهي معهم”، أو ضحايا يكنون مشاعر إيجابية تجاه المعتدين (http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D9%85%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%85%D8%A9_%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%87%D9%88%D9%84%D9%85). و“تعتبر المشاعر عموما غير منطقية في ضوء الخطر أو المجازفة التي يتحملها الضحايا الذين يخطئون أساسا في عدم تمييز سوء المعاملة من قبل خاطفيهم ويعتبرونه عطفاً عليهم، والذي يمكن أن ينظر إليه باعتباره شكلا من أشكال الترابط نتيجة للهزات النفسية، حيث تصف “العلاقات الوجدانية القوية التي تتطور بين جانبين عندما يقوم أحد الجانبين بمضايقة أو ضرب أو تهديد أو ظلم أو ترويع الجانب الآخر”. ويستند هذا الافتراض على نظرية فرويد، الذي يشير إلى أن الرابط بين الجانبين هو إستجابة الفرد أو المجموعة نتيجة لصدمة نفسية في أن يصبحوا ضحايا. إن التماهي مع المعتدي هو أحد السبل التي تدافع فيها الأنا عن نفسها. عندما تؤمن الضحية بنفس قيم المعتدي، ينتهي النظر إليها على أنها تشكل تهديدا لها.

في مثال مشابه، نشر المحلل المعروف بول غوبل (Paul Goble) مؤخرا “نافذة” على موقع مدونة “نافذة على أوراسيا” بعنوان “الروس لا يزالون يعانون من متلازمة ستوكهولم، تقول كيريلوفا”، وذلك بتاريخ 10 أغسطس/آب 2015، والتي سلطت الضوء على وضع يظهر نفس الطرف المتغطرس يسيطر على ضحايا مختلفين في سيناريو مماثل نسبيا، وهم الذين في هذا المثال “يربطون أنفسهم بشكل أقرب ما يمكن مع السلطات”، ولكن مع لاعبين و/أو منفذين مختلفين للتدابير والسياسات الرامية للسيطرة على عموم الدولة (http://windowoneurasia2.blogspot.com/2015/08/russians-continue-to-suffer-from.html). وتخلص النافذة إلى: “طالما أن المشاكل الاقتصادية لا تصبح كارثة حقيقية، فإن الغالبية العظمى من الروس سوف يعملون حتّى النهاية على الابقاء على ظهور الأوصياء على الدفاع والدعاية في الدولة وهذا يعني أنهم سوف يستمرون في إظهار ولائهم لأولئك المتواجدين في السلطة”.

في الختام، فإن البت في مصير الأمة الشركسية ينبغي اتخاذه من قبل أولئك الذين هم وحدهم المؤهلون للقيام بذلك دون أي ضغط سيكولوجي أو أجنبي أو استقطاب لمراكز القوى، واعتمادا على القواعد التي يضعها الشركس أنفسهم وفقا لأوضاع وظروف كل المجتمعات الشركسية وحقوقهم التي لا تسقط بالتقادم.

Share Button