تحليل سوتشي ويريفان

تحليل سوتشي ويريفان

14 فبراير/شباط 2016

eng145547412774

بمشاركة: عادل بشقوي و جريجين نالبانديان

النادي الجيوسياسي – لوس أنجلوس

الكثير من الناس ربما يتذكرون دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014، وشاهدوا المجمّع الأولمبي في سوتشي، حيث جرت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. ومع ذلك، لا يعرف كثير من الناس حقيقة أن روسيا اختارت تحديدا ذلك الجزء من سوتشي، حيث يعتبره الشركس كمكان له حرمته لأن العديد من الشركس، الذين كانوا يفرون من التطهير العرقي، قتلوا هناك من قبل الجيش الروسي.

لم تعارض تركيا دورة الألعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي، حيث شارك العديد من المستثمرين الأتراك وشركات المقاولات في بناء المنشآت الأولمبية، واعتبروا أنها فرصة لكسب المال. حضر أردوغان شخصيا حفل الافتتاح وجزء من الألعاب، لمجرد الحفاظ على علاقات دافئة بين روسيا وتركيا. للأسف، شارك بعض رجال الأعمال الشركس من تركيا، الموالين لروسيا أيضا في بناء المنتجعات والفنادق وغيرها من المرافق لدورة الالعاب الاولمبية في سوتشي. وكان أحد هذه الفنادق فندق ماريوت في سوتشي.

في ذلك الوقت لم تكن هناك آي إشكالات بين أردوغان وبوتين أو مع روسيا، حيث أن “المال له بريقه،” وقد أعلنوا أن لديهم صفقات أعمال متبادلة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

زيارة بوتين إلى أنقرة في عام 2014، وزيارته لقبر أتاتورك خلال زيارته، كانت للإعداد وللتستر على زيارته لأرمينيا، بدلا من أن يزور تركيا في 24 نيسان 2015، لكن بطبيعة الحال، ربما كان ذلك بداية سياسة أردوغان مع  بوتين وبداية علاقات تركيا الحذرة مع روسيا.

أراد بوتين أن يظهر تبجحه للأرمن بالدعم والحماية، من أجل الحفاظ على هذا البلد رهينة لمخططاته وصفقاته الإقليمية، من أجل الإبقاء على أرمينيا تحت سيطرة روسيا ولاستيعاب الأرمن وفقا لرغباته، وفي الوقت نفسه، منع أي اتصالات شركسية-أرمنية مباشرة، على غرار الطريقة التي حدثت بين الشركس والجورجيين.

وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، عندما كان العالم يستذكر مرور 100 عام على الإبادة الجماعية للأرمن، شعر العديد من الشركس مع الأرمن، وأعرب العديد من الشركس عن مشاعرهم الإيجابية إزاء ذلك؛ غير أن، فلاديمير بوتين سمّم الأجواء، عندما سافر الى يريفان، ولعب دورا ماكراً. الكثير من الشركس عبروا عن انزعاجهم لرؤية بوتين يدفع بأجندته لاستخدام الإبادة الجماعية للأرمن.

ذهب بوتين إلى أرمينيا في أبريل/نيسان 2015؛ لكن، كانت زيارته للقاء الرؤساء والنخب من البلدان الأخرى الذين ذهبوا أيضا إلى أرمينيا. كان حدثا للتواصل السياسي له. وفي كلمته ذكر بوتين تعبير الإبادة الجماعية، وليس الإبادة الجماعية للأرمن، لكن ذكر مشاركة روسيا في “منع الإبادة الجماعية.”

كان هناك ولا يزال إبادة جماعية في كل مكان تورطت روسيا فيه. الروس مروا من هنا، حيث يستخدم التعبير في مكان كان يضم قرية، هو تعبير شائع في منطقة القوقاز. وللأرمن نفس القول عن الأتراك.

أعلنت روسيا عن احتفالها بيوم المرج الأحمر في 21 مايو/أيار من هذا العام. بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون شيئا عن 21 مايو/أيار، فهو يوم مهم للشعب الشركسي. 21 مايو/أيار هو يوم يقيم فيه الشركس الحداد على وفاة ضحايا الإبادة الجماعية الشركسية. وتعبيرات كراسنايا بوليانا، كراسنودار، وكل ما يرتبط باللون الأحمر، فهو يرتبط بالدم. وفي هذه الحالة، الدم الشركسي.

يوم 21 مايو/أيار بالنسبة للشركس هو بمثابة يوم 24 أبريل/نيسان بالنسبة للأرمن.

ومن المفارقات، فإن الأتراك قاموا بتغيير احتفال ذكرى معركة جاليبولي إلى يوم 24 أبريل/نيسان من عام 2015.

نفس الطريقة التي نجد التشابه عند المقارنة بين الأرمن والشركس، فإننا نجد أيضا أوجه تشابه عند المقارنة بين الروس والأتراك.

كل من الروس والأتراك هم مزيج من التتار. الروس هم موسكوفيون مختلطون مع التتار، الذين هاجموا في الماضي ودمروا الممالك الروسية نوفغورود، وسوزدال، وياروسلافل، وكييف، وتفير وغيرها. والتعبير “روسي” لم يكن موجوداً حتى عام 1547. لقد اختاروا اسم روسيا والروس ليطرحوا أنفسهم كسُكّان أصليين للمنطقة. وكانت أول سلالة ملكية حاكمة من الموسكوفيين هي أسرة روريك. وكان روريك هو زعيم حرس الفرنجة البيزنطيين (Varyag). والسكان في تركيا هم أيضا مزيجاً من البيزنطيين والتتار. وبالتالي، من الطبيعي أن تكون روسيا، وبيزنطة، والقبيلة الذهبية، جميعها تستخدم النسر ذو الرأسين باعتباره رمزاً لهم.

في الختام، فإن “التنافس” في الآونة الأخيرة بين روسيا وتركيا يدل على مسرحية مكتوبة من قبل نفس “كاتب السيناريو” للتستر  على جدول الأعمال الرئيسي، الذي هو نقل السلطة والسيطرة من روسيا (موسكوف القبيلة الذهبية) إلى تركيا (بيزنطة). دعونا لا نستسلم للعواطف، ودعونا نحلل الحقائق. إذا سمحنا للشر بأن يفوز، فإن القوقاز بأكمله والشرق الأوسط، وربما العالم بأسره، سيكونوا في حالة حرب، هي الحرب العالمية الثالثة، التي ربما تكون قد بدأت بالفعل، لكن ليس من الضروري أن تنتشر. بالعمل معا سيمكننا إخماد الحريق. انها ليست حول الدين. لكنها بين الخير والشر. من فضلكم جانبوا الخير عبر منع الحروب وتعزيز السلام. أوقفوا عمليات الإبادة الجماعيّة مستقبلاً لأن ذلك هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.

Share Button